يرتكب بعض اللاجئين في ألمانيا مخالفات تبدو صغيرة، متجاهلين القانون هناك ظناً منهم بأنهم سوف يفلتون من الجزاء أو أن ما يقومون به غير مهم ليفاجؤوا بفواتير غرامات تنهال عليهم بمئات اليوروهات دون سابق إنذار أحياناً، ما يثقل كاهلهم ويشكل عبئاً على ميزانياتهم الشهرية إلى درجة أن البعض منهم باتوا يتندرون بأن ما يعطيه الألمان باليمين يأخذونه بالشمال.
وعزا "مركز فيريل للدراسات" ظاهرة ارتكاب اللاجئين للمخالفات إلى البيئة الاجتماعية التي عاش فيها هؤلاء والمبادئ والقيم الأخلاقية التي تربوا عليها ودرجة تعليمهم وثقافتهم علماً أن 28% من اللاجئين -حسب دراسة له- أميون.
وزعمت الدراسة المذكورة أن "معظم اللاجئين لم يعرفوا في بلادهم يوماً القانون وإن عرفوه يعتبرون مخالفته شجاعة، هؤلاء وجدوا أنفسهم فجأة في بلاد يحترم شعبها القانون".
"أحمد عمر" كاتب ولاجئ سوري من مدينة حمص يعيش وحيداً بعيداً عن عائلته التي لم يتمكن من لمّ شملها خلال السنوات الماضية وتعرض للكثير من المخالفات كما يروي لـ"زمان الوصل" ومنها رميه عقب السجائر على الأرض والعديد من المخالفات المتعلقة بركن السيارة في الباركينغ فالعين السورية غير مدربة –حسب قوله- على الأمكنة الممنوع الوقوف فيها، ومخالفات متعلقة بشحن البطاقة الهاتفية بشكل غير صحيح، مضيفاً أنه خسر أربع مرات الشحن كل مرة بقيمة 15 يورو ولتأخره مرتين عن دفع رسوم الهاتف، غُرّم بخسارة البطاقة الهاتفية.
وتابع محدثنا أن إشعال النار على ساحل النهر ممنوع، وإشعالها حتى في يوم العطلة بدخان ورق الشجر ممنوع وغرامته 600 يورو ... الخ.وروى أنه غُرم ذات يوم بـ 60 يورو لأنه كان يقود دراجته من غير ضوء في الليل ثم غرِّم مرة ثانية، لأنَّ الضوء الخلفي ليس أحمر اللون، والأمامي يجب أن يكون أبيض.

وروى محدثنا أن أحد أصدقائه تورط وشاهد بعض الأفلام فغرم بـ آلاف يورو، فرفع قضية ورضيت المحكمة، بتخفيضها له إلى ألفين، وكل المساعدة الشهرية لا تتجاوز 300 يورو، حتى أن الغرامات طالت مخالفة تجاوز السرعة لعربة أطفال!.
وعلّق المصدر بأسلوبه الساخر أن المواطنين الألمان كلهم مخبرون إذا رآك مواطن متجاوزاً السرعة اتصل بالبوليس، نحن في بلادنا، الصالحون يرفعون وشايات سياسية كيدية! وأضاف بنبرة ساخرة: "عليَّ ديون أكثر من ديون مصر والسودان".
وبدوره لفت الناشط الحقوقي "محمد كاظم هنداوي" إلى أن أهم نقطة في موضوع المخالفات هو عدم التزام بعض اللاجئين بدفع الضرائب والمستحقات والاستهتار بها ويتم إنذار المخالفين لمرتين وفي المرة الثالثة يصبح المبلغ مضاعفاً والبعض -كما يؤكد- يتعرض لمخالفات كبيرة وغير متوقعة.
ونوّه "هنداوي" إلى أن اللاجئين السوريين ليسوا معتادين على هذه الإجراءات الصارمة وبخاصة ما يتعلق بالمخالفات المرورية التي يقع ضحاياها لاجئون لا يولون اهتماًماً للأمر ويظنون أنهم لا يزالون في سوريا فيُغرمون على الفور بـ60 يورو أو أكثر، إضافة إلى مخالفات وسائل النقل العمومية.
ولفت المصدر إلى مخالفات الإنترنت التي تحصل كثيراً مع اللاجئين كتحميل برامج وأفلام مأجورة دون دفع ثمنها، معرباً عن اعتقاده بأن الشركات المنتجة لهذه الأفلام والبرامج هي من تضع فخاً لرواد شبكة الإنترنت وتوقعهم في الغرامات التي قد تصل إلى 800 يورو بينما يستطيع أي شخص رؤية الفيديو مقابل 50 يورو أو أقل.
وتواصل بعض مكاتب المحاماة المتخصصة بهذا المجال البحث عن المخالفين على شبكة الإنترنت للانتهاكات حتى الصغيرة لحقوق النشر لإرسال مخالفة لهم، لكي تستفيد من أجور الإجراءات القانونية التي تقوم بها ما يعد بالطبع باباً للكسب المالي السهل.
وأشار المحامي والمستشار القانوني " أحمد التريس " إلى أن السوريين لم يعتادوا على الإجراءات المطبقة في ألمانيا، ففي سوريا ما قبل الثورة كان القانون -كما يقول- يطبق على أناس دون غيرهم من أصغر المخالفات إلى أكبر الجرائم، وكان شرطي السير يتغاضى عن المخالفة مقابل 25 ليرة كما هو معروف في مختلف أنواع مخالفات السير، وكذلك في مخالفات رمي القمامة والاستهتار فيها بينما اختلف الأمر 180 درجة في ألمانيا لناحية إهمال تربية الأطفال، والذي قد يؤدي إلى سحبهم من ذويهم، وكذلك طريقة التعامل مع المرأة أو تعنيفها أو الحط من كرامتها بأي شكل من الأشكال، ومن المخالفات ما يتعلق بالسكن من حيث الاعتناء به ونظافته، فأغلب مساكن اللاجئين آجار وليست ملكاً، وهي مملوكة لشركات وفي حال الاستهتار بالبيت أو عدم الاعتناء به يمكن أن تفصل الشركة العقد وتطرد اللاجئ المستأجر، وكذلك عمليات الشواء سواء في الشرفات أو حديقة المنزل أو سطح المبنى يسمح بذلك في أماكن خصصتها الحكومة الألمانية داخل الحدائق العامة، وكذلك المحافظة على نظافة المرافق المشتركة في البناء كالأدراج وصناديق البريد، وهناك مخالفات متعلقة بالطرقات كالبصق فيها أو رمي العلكة أو المناديل الورقية وهي مخالفات لم يعتد عليها السوريون.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية