أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقترحات لنقل العاصمة السورية " دمشق "

  كثيرا ما تتجدد الدعوات لنقل العاصمة السورية دمشق إداريا إلى منطقة بعيدة عن دمشق، بسبب التضخم السكاني، والتوسع العمراني، وأزمات المياه، وهجرة أبناء الريف والمحافظات الأخرى إلى دمشق، كما يقول كتاب ومهندسون مهتمون بمشاكل العاصمة دمشق.

الصرخة الأخيرة أطلقها صائب في مقاله المنشور في صحيفة القنديل السورية بتاريخ 13/5/2009، حيث طالب بضرورة إنشاء عاصمة إدارية جديدة تنتقل إليها دوائر الدولة ومؤسساتها، في منطقة تقع بين حمص ودمشق، قرب مدينة حسياء شمال دمشق ب 110 كم، مع بقاء دمشق عاصمة سياسية تضم مجلس الرئاسة ووزارة الخارجية فقط.

ويقترح صائب تكليف شركة عالمية بتنفيذ العاصمة الجديدة خلال 5 س نوات ، وبالنسبة للتمويل فهو يأتي من بيع مؤسسات الدولة ووزاراتها، والثاني من بيع الوحدات السكنية في العاصمة الجديدة لموظفي الوزارات بالتقسيط حسب قوله.

تحيط بمدينة دمشق الغوطة وربوة دمشق وجبل قاسيون، وهي تعاني أزمة مرورية خانقة، وأزمة تلوث، وارتفاع أسعار العقارات، إضافة إلى السكن العشوائي ، فحوالي 45% من سكان دمشق يقطنون في أحياء عشوائية، بما يعادل 35 منطقة سكن عشوائي يقطن فيها حوالي 72% من سكان دمشق البالغ عددهم 6 ملايين نسمة، ويشكلون تقريبا ثلث سكان سوريا البالغ عددهم حوالي 19 مليون نسمة. حسب إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء في سوريا.

ويقول صائب: "جوهر المسألة هو اختيار موقع المدينة الجديدة، التي من أهم شروطها ابتعادها عن دمشق مسافة تمنع استيطان جيوش الموظفين وعائلاتهم ، وهذا ما أردته من اختيار الموقع المقترح، إضافة إلى تحقق الشروط العملية واللوجستية المطلوبة".

ولم يسبق لصائب أن تقدم بهذا المقترح إلى أي من الجهات المعنية رسميّاً، وإنّما هي فكرة نبعت من حرصه على إنقاذ دمشق حسب تعبيره، مضيفا "حسناً فعلت الصحافة حين لفتت الأنظار إلى هذا المقترح الذي آمل أن يتم التعامل معه بجديّة من قبل الجهات المعنيّة".

تعتبر دمشق أقدم عاصمة وأقدم مدينة مأهولة في العالم، يعود تاريخها إلى أكثر من تسعة آلاف سنة قبل الميلاد، ويطلق عليها اسم مدينة الياسمين، ويعتبر البعض إن دمشق فرضت نفسها كعاصمة على مر التاريخ، لذلك من الصعب نقلها كليا إلى منطقة أخرى، فيما يعتبر آخرون أن نقل العاصمة إداريا مع بقائها كعاصمة سياسية بات ضروريا.

عبد الفتاح إياسو مدير التخطيط والتنظيم العمراني في محافظة دمشق استبعد هذا المشروع، موضحا أنه لاتوجد أية مقترحات أو دراسات رسمية لنقل العاصمة إداريا إلى منطقة أخرى، مضيفا: نقوم الآن بإعداد  دراسة شاملة بالتعاون مع شركات وطنية وأجنبية، لتنظيم مصور عام مدينة دمشق من كافة النواحي الفنية والتنفيذية، جزء منها ينتهي خلال 450 يوما، والآخر خلال 3 أعوام .

وتتضمن هذه الدراسة تنظيم مناطق السكن العشوائية، مثل مناطق برزة، القابون، جوبر، الدحاديل، ودراسة مناطق نظامية لتطويرها خدميا وجماليا، كمنطقة الصالحية وسط المدينة، وحي الشعلان، وشارع فؤاد الأول، حيث انتهت المرحلتان الأولى والثانية من الدراسة، ويجري الآن استدارج عروض، يتم تقييمها حاليا لإعادة تأهيل مناطق منطقة المهاجرين، وسفح قاسيون، ومخالفات الطبالة والدويلعة، وتطوير الحلبوني وغيرها.

ويعقب صائب على كلام إياسو قائلا : إنّ نقل العاصمة الإدارية ليس بديلاً عن التنمية الشاملة، كما أنّه لا يتعارض مع خطط المحافظة أو مجلس الوزراء لتنظيم المدينة وتطويرها، و"إن كنت أعتقد أنّ عملية النقل ستكون الحل الوحيد المتاح أمام دمشق، قبل مباشرة أيّة خطط أخرى قد تكون ترقيعية، لأن هذه الخطط ستكون أكثر جدوى لو تمّ النقل".

ويوضح صائب مفهوم نقل العاصمة الذي أثار بعض اللبس لدى البعض بقوله : تحدثت عن استحداث عاصمة إداريّة جديدة، دون المساس بموقع دمشق كعاصمة سياسيّة وتاريخيّة، وربّما كان استخدام تعبير "عاصمة" وإن تمّ تحديدها كإداريّة مشوشاّ للبعض، ومثيراً لتحفظ مبرّر، ولعله من الأجدى استخدام تعبير " مدينة مجمّع الوزارات والمؤسسات" تحاشياً لسوء الفهم.

وكانت محافظة دمشق نظمت عام 2005، مسابقة محلية وعربية لاختيار أفضل دراسة عمرانية، لإنشاء مجمع حكومي يضم وزارات الدولة في المعضمية قرب دمشق، ثم اقترح بناؤها في عدار شمال العاصمة، لكنها ألغيت فيما بعد، بعد أن قررت محافظة دمشق تنظيم العاصمة بالكامل.

ويعتبر صائب أن نقل المؤسسات إلى عدرا لا يحل المشكلة، فصحيح أنّه سيخلي دمشق من هذه المؤسسات، لكنّه سيبقي مئات الآلاف من الموظفين وعائلاتهم جيلاً بعد جيل فيها، وسيخلق حالة ازدحام مروري لا سابق لها، وحسناً فعل مجلس الوزراء بإلغاء الموضوع من أساسه حسب تعبيره.

ويشكو سكان العاصمة دمشق باستمرار، من مشاكل التلوث والازدحا م وشح المياه،  إلى درجة أن البعض رحب بفكرة صائب، واقترح البعض الآخر حلولا أخرى، لكن جميعهم متفقون على وضع حل سريع للعاصمة.

عدنان المحمود 48 عاما، وهو نجار يعمل بمدينة دمشق، يرى أن السكن فيها لم يعد يطاق، ازدحام ، تلوث ونقص في المياه، مضيفا " لابد من تنفيذ فكرة صائب، لأن بقية الحلول ستكون غير جذرية، نحن فعلا بحاجة لمدينة جديدة ينقل إليها الموظفون، كما أنني مستعد للعمل فيها، لأنها بالتأكيد ستخلق فرصا جديدة للعمل، وبالتالي يخف الضغط على العاصمة التي لم يعد فيها مجالا للعمل".

ويبدي فرحان عجوب 44 عاما، موظف في مدينة دمشق ، استعداده للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة في حال بنيت مستقبلا، فهو يحتاج إلى ساعتين للوصول إلى عمله، بسبب الأزمة المرورية حسب قوله.

ويضيف عجوب: "يجب نقل العاصمة، ثم تنظيم دمشق، وتسوية المناطق العشوائية، وبناء الجسور، وكراجات تستوعب العدد الهائل من السيارات".

وتعاني هنادي منصور 38 عاما، وهي ربة منزل، من ارتفاع درجات الحرارة، نتيجة كثرة السيارات، والمعامل الموجودة في دمشق وأطرافها، مضيفة "نخرج في الصيف كل أسبوع إلى المنتزهات خارج دمشق بسبب التلوث، وقلة الحدائق، على الحكومة أن تناقش مقترح صائب على محمل الجد، بدلا من الدراسات والمشاريع الفاشلة".

وترى منصور أن الحل يكمن في بناء مجمع حكومي صغير قرب دمشق، وبناء وحدات سكنية جديدة، وتنظيم السكن العشوائي.

البعض الآخر اقترح حلولا أخرى، كتنمية منطقة الجزيرة التي تقع على نحو 500 كم شمال شرق دمشق، باعتبارها من أغنى المناطق السورية بالمياه والنفط، كحل بديل عن نقل العاصمة إداريا، الأمر الذي سيشجع الهجرة من دمشق إلى الجزيرة، ويساعد في عودة أبناء الجزيرة المقيمين بدمشق.

هيثم المالح 78 عاما وهو محامي ، كتب العديد من المقالات عن إنقاذ العاصمة دمشق،اعتبر أن نقل العاصمة مشروع غير عملي، مقترحا الاهتمام بمنطقة الجزيرة السورية، فهي غنية بالبترول والمياه والزراعة، لكنها مهملة منذ زمن بعيد ، متسائلا لماذا يأتي الطبيب للعمل في دمشق، لماذا لايبنون المستشفيات في الجزيرة، ويقدموا لهم مساعدات مالية، وتشجع فيها الصناعات التحويلية، مثلا القطن بدلا من نقله إلى حلب لحلجه، يحلج ويغزل محليا.

ويكمل المالح: "لابد من بناء معامل ،مقاهٍ، دور سينما وفنادق في منطقة الجزيرة، فكلها وسائل لتشغيل اليد العاملة. وتصبح الهجرة معاكسة من المدينة إلى الريف، لأن المدينة تعتمد على  الريف وليس العكس، ولاحاجة أيضا للمركزية الشديدة في المعاملات الحكومية، الآن يوجد انترنت وحكومة الكترونية، هذه النظرة غير موجودة للأسف لدى الحكومة".

ويختم صائب حديثه محذرا من خطورة وضع العاصمة قائلا: "المشروع الذي اقترحته معني بإنقاذ مدينة دمشق من واقع ومستقبل كارثي، وأزمات خانقة عصيّة على الحل لا يمكن ولا يجوز إنكارها وتجاهلها طويلا".

 

عمر عبد اللطيف - شبكة تواصل - زمان الوصل
(181)    هل أعجبتك المقالة (159)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي