أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن ثلاثية الركائز فوق الوطنية.. عبد الرزاق دياب*

على هامش اجتماعات جنيف - جيتي

صدَمَ وفد النظام المنتظرين في جنيف بقائمة جديدة من المطالب أسماها الركائز الوطنية التي بموجبها يتم الاتفاق على استمرار التفاوض، ودون ذلك يصير من العبث استكمال مشوار الحوار مع من لا يعترفون بهذه الركائز السيادية.

الذين حملوا ثلاثية الركائز هم أنفسهم الذين لا يعترف النظام بأنهم يمثلونه إنما يمثلون وجهة نظره في المذبحة السورية، ومع ذلك يتلقون أوامرهم من دمشق في كل كلمة تخرج من أفواههم حتى من بينهم أولئك الذين ينتمون لقائمة المجتمع المدني. فما الذي يريده النظام من اعتراف العارضة بأحجياته، ولماذا يعتبرها مفتاح الانتقال إلى أي مرحلة قادمة وهو من يرى في الطرف الآخر مجرد إرهابيين تنازل للحوار معهم نتيجة ضغوط دولية، ومن حلفائه الروس على وجه الخصوص الذين يبحثون عن نصر سياسي يلمّع وجههم الوحشي على الأرض.

الثلاثية السحرية تحقق للنظام أمام المجتمع الدولي وأمام مؤيديه ما لم يستطع إنجازه بالآلة العسكرية، وهو يريد من محاوريه "الإرهابيين" أن يتوافقوا معه على رفع العقوبات الاقتصادية، وتجريم الاحتلال التركي، واعتبار كل من حمل السلاح إرهابيا.

الأولى تنقذ النظام من واقع اقتصادي بات الأسوأ على مدار السنوات العشر الأخيرة، وأصبح غير قادر على درء الغلاء، وانهيار الليرة التي اقتربت من حاجز الـ 800 أمام الدولار، وكذلك انهيارات واسعة في قطاعات النفط والكهرباء، وبالتالي رفع العقوبات الاقتصادية يفتح الباب أما تدفق العملة الصعبة وجيوش المستثمرين في قطاع البناء الذي يسعى عبر أذرعه الدبلوماسية والإعلامية في نشر دعاية الأمان الذي صارت عليه سوريا لجذبهم دون جدوى.

تجريم الاحتلال التركي لأجزاء من شمال سوريا وبهذا البند يحقق بعض الإنجازات السياسية في اختراق الاتفاق الروسي الإيراني التركي الذي أتاح للأخير بناء منطقة لملايين المهجرين خارج سلطته، وبالتالي أيضاً تأكيد تهمة الارتزاق والتعامل مع دولة محتلة لكل من دعمته تركيا، وأما الروسي والايراني فهما احتلالان شرعيان بسبب استدعائهما من سلطة ما زالت تحكم البلاد.

كل من حمل السلاح ضد سلطة الأسد إرهابي، وهنا يبرئ النظام كل الميليشيات التي قامت بقتل السوريين من جريمتهم، وكذلك الجيش الذي أمطر المدن بالصواريخ والبراميل فهو يهاجم الإرهابيين الذين احتلوا المدن السورية، واحتجزوا أهلها رهائن لديهم، وتحميلهم وزر مقتل مئات الألوف، وهذه شهادة براءة بالتوافق مع ممثلي الإرهاب.

يريد النظام ببساطة من ممثلي المعارضة في جنيف أن يقولوا للعالم إنهم إرهابيون واجهوا سلطة الدولة بالسلاح الذين دعمتهم به تركيا وبعض الدول الأخرى، وأن الأسد وجنوده أبرياء من دم السوريين، وأن على العالم أن يعيد العلاقة معه ويساهم في إعادة إعمار ما دمرته الآلة الوحشية بالتعاون مع حلفائه الإيرانيين والروس.

بالمقابل من يحملون ورقة الركائز السيادية هم من حموا سوريا من التمزق والدمار، وإن كان من بينهم مجرمو وتجار حرب، فاسدون، دعاة قتل، مخابرات، ومخبرون ومخبرات، طائفيون، وبعض الانتهازيين الذين لا يرون في الوطن سوى مصلحتهم التي تتوافق مع من يحميها.

الركائز فوق الوطنية ليست سوى شهادات براءة للنظام وحلفائه من دم السوريين وتشريدهم في بقاع الأرض.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(187)    هل أعجبتك المقالة (190)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي