أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لعنة الدماء... حسين الزعبي*

متظاهر عراقي - جيتي

لم تتلقَّ إيران منذ الحرب العراقية الإيرانية ضربات موجعة كما تتلقى الآن في العراق ولبنان، ‏وهما الخاصرة الأهم لطهران في المشرق العربي، بينما مازالت تسجل النقاط في الخاصرة ‏الأخرى، اليمن.

إلا أن هذه الضربات، ورغم إحداثها للألم، فإن لم تكن قاتلة لمشروع قم فإنها ستزيده قوة، ‏وحتى الآن لا يبدو أنها قد وصلت إلى مرحلة الخطر، بل قد لا يكون طرحا متشائما بقدر ما ‏هو واقعي، إن تم استبعاد حدوث ذلك في هذه المرحلة على الأقل، فإيران متغلغلة في مسامات ‏العراق بكل مؤسساته وشرائحه الدينية والمجتمعية والسياسية ناهيك عن الأمنية والعسكرية، ‏بالتالي فإن الانتفاضة الحالية هي مواجهة بين عين ومخارز كثيرة، وأي إنجاز للانتفاضة ‏أكثر مما تم إنجازه، نفسيا على الأقل، من خلال التعبير عن رفض المشروع الإيراني في ‏مكامن قوته "الوسط الشيعي" هو بمثابة نصر كبير، وإن حدث أكثر من ذلك، فسيكون ثمنها ‏إحراق ما تبقى من العراق بشيعته وسنته وهو أمر ليس بالعسير على إيران.‏

أما لبنان فلا يبدو أن الغرب على استعداد بأن يسمح بتكرار مشهد الحرب الأهلية، وهو ما ‏يلوح به حزب الله وحركة أمل، أو على الأقل تكرار نموذج "7 أيار" وهو ما بدأ أنصار ‏الفصيلين الشيعيين بالمطالبة به، مطالبة بلا شك ليست عفوية بل هي رسالة منقولة من قيادة ‏حزب الله إن لم تكن من قم للشارع اللبناني وربما للعالم، وبالتالي قد يكون اجتياح بيروت ‏وفق "7 أيار" خيارا قائما وربما قريب إن ازداد الضغط الشعبي على الحزب، أما تبعاته ‏فربما لا تتجاوز تسوية سقفها تغيير حكومي، أما ما هو أكثر من ذلك فإن حصل فربما ‏سيسجل في خانة "المعجزات"، فالعالم وعلى رأسه ترامب وأوروبا ليس معنيا بضرب ما ‏أفرزه اتفاق الطائف من محاصصة، لا تتحق المطالب الشعبية إلا بنسفها، كما أن هذا العالم ‏الذي لم يهتز لمقتل مليون سوري وتشريد نصف الشعب، لايبدو أنه مهتم، حتى الآن على ‏الأقل بإزالة، ما رسخه نظام الأسد الأب من قوة لحزب الله، قوة لا تجد فيها "إسرائيل" غضاضة ‏مادامت بعيدة عن حدودها الشمالية، وإلا لما سمح له بأن يدخل ويقاتل على امتداد الجغرافية ‏السورية.

المشهد البائس، في المشرق العربي، رغم محاولة تزيينه من قبل شباب العراق ولبنان، ما ‏كان له أن يكون كذلك، لو أن بوصلة العرب لم تته عن سوريا، وتترك ثورتها فريسة ينهشها ‏تضارب المصالح واختلافات الأجندة مرة وخشية مما سينتجه انتصارها مرات.. وإن كانت ‏البوصلة قد تاهت فإن لعنة دماء الأبرياء لن تخطئ كل من ولغ في الدم السوري.

*من كتاب "زمان الوصل"
(199)    هل أعجبتك المقالة (192)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي