ليست المرة الأولى التي يصدر فيها النظام قرارا بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لشركة "إم تي إن" للاتصالات الخليوية في سوريا ضمانا لسداد مبلغ تافه والذي تقول وزارة المالية أنه يبلغ نحو 20 مليون ليرة سورية، فقد سبق وأن أصدر النظام ذات القرار في العام 2014، وضمانا لسداد مبلغ أتفه من الحالي، وكان في ذلك الوقت بحدود 12 مليون ليرة .. ويومها كتب أحد الصحفيين الموالين للنظام، لو أن وزير المالية اتصل بمدير شركة "إم تي إن" لأعطاه أضعاف هذا المبلغ، ودون أن يكون ضمانا لسداد أي حقوق للدولة، وإنما لوجه الله تعالى، وذلك حتى لا تتلوث سمعة الشركة، وتصبح على كل لسان.
لكن فيما بعد اتضح أن قرارات الحجز الاحتياطي التي يصدرها النظام على الشركات والأفراد، ما هي إلا مسرحية سخيفة، الهدف منها إلهاء الناس بالحديث عن أساطير مكافحة الفساد، التي ميزت عهد بشار الأسد، بينما، ويا للعجب، ولا مرة تطرقت وسائل الإعلام إلى رفع الحجز عن أموال هؤلاء الفاسدين، الذي دائما ما يتم خلسة، وفي الغرف المغلقة.
يقول تاريخ بشار الأسد، إن المرة الوحيدة التي نفذ فيها الحجز النهائي على أموال أحد رجال الأعمال، كان بحق محمود عنزروتي وأسرته كاملة ، في العام 2013، وهو عديل أخيه ماهر الأسد، بالإضافة إلى الحجز على أموال المعارضين فيما بعد، لكن ليس بتهم الفساد، وإنما بتهم دعم "الإرهاب".. الذي أصدر له بشار الأسد قانونا، على مقاس أموال هؤلاء المعارضين الشحيحة، فاستولى عليها من أجل أن يبقيهم خارج حدود بلدهم.
الفاسدون في دولة الأسد، لا يعانون، بل مرحب بهم في كل وقت، ولهم "صدر" البلد، أما باقي الشعب فله المخيمات وبيوت السكن العشوائي، والموت في سبيل قائد الوطن، والخروج في مسيرات البيعة والتأييد، والتصفيق في المهرجانات الخطابية بحرارة، وكل من تسول له نفسه التمرد على هذا الواقع، فإنما ينتظره قانون الغابة: "دبك ولم ينخ"..
وبعدها لن تراه الأعين .. ! أذكر خلال عملي في الصحافة الذي يعود إلى أكثر من عشرين عاما، أنني قرأت عشرات قرارات الحجز الاحتياطي على أموال رجال أعمال بارزين ومن الصف الأول، وكنت ألتقي ببعضهم إثر صدور هذه القرارات، فأجدهم "آخر رواق"، في الوقت الذي تكون فيه أسماؤهم تتداول على كل لسان، والصحافة تعلك بسمعتهم علكا، ثم جاء من طلب مني أن التفت إلى نقطة غاية في الأهمية، وهي أن قرارات الحجز الاحتياطي التي تصدرها وزارة المالية وتنشرها الصحافة، دائما ما يعود تاريخها إلى ما قبل شهر أو شهرين، مثل قرار الحجز على أموال "إم تي إن" الحالي الذي يعود إلى 24 الشهر الماضي، وبالتالي فإن نشر القرار دائما ما يتم بعد تسوية القضية..أي يكون رجل الأعمال أو الشركة سددت ما عليها من مبالغ تافهة..أما سبب النشر، فهو لأغراض التسلية في السوق المحلية، ومن أجل أن يظهر بشار الأسد، على أنه "عنتر بن شداد"، الذي لا كبير عنده إلا بوتين وخامنئي، وفي بعض الأحيان، حسن نصر الله.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية