أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حتى هيئة الدكتاتور لا تليق بك*

من حلب - أرشيف

معارك الشعوب ومعاناتهم لا تنتهي في بلاد الاستبداد والأنظمة الشمولية، ولا شك بأن أمثلتها لم تغب في المسار التاريخي لا قديما ولا حديثا ولا في قابل الأيام.

وحال الرجال نعرفه من خلال القراءات التاريخية الأكاديمية المتخصصة، ومن خلال الأبحاث المتأنية المنصفة وبنهج علمي معتبر، أو من خلال الأخبار المسموعة والمتواترة، وأخيراً من خلال المعاينة والمشاهدة.

فلا تجد ممن يحب "ستالين" أو يبغضه يقدر على إنكار حقيقة أن "ستالين" دكتاتور سفاح، وفي عهده عرف الاتحاد السوفييتي نمطا جديداً من الحكم القائم على الايديولوجية الحزبية والحكم الفردي الشمولي، ومع هذا فـ"ستالين" لا تجد من ينكر نقلته الاقتصادية والعسكرية والنووية للاتحاد السوفييتي، وينطبق ذلك على من حارب الاحتلال الياباني وناضل طويلا في سبيل تحرير كوريا الشمالية "كيم أيل سونغ" شمس الأمة الكورية المعصوم كما كان يروج لنفسه، وابنه "كيم جونغ أيل" خلفه الذي سار على النهج نفسه.

نتحدث عن "أدولف هتلر" كمستبد جامح ومجرم سفّاح لكننا لا نستطيع إغفال مواقفه الوطنية ونضاله في مواجهة معاهدة "فرساي 1918"، والتي اعتبرها "هتلر" اتفاقية استسلام وخيانة من القادة المدنيين والماركسيين، ولا يمكن تجاهل الكاريزما التي يتمتع بها وتأثير خطاباته وصدق وعوده في قيادة ألمانيا نحو توسع صناعي غير مسبوق، وبناء قوة اقتصادية وعسكرية هائلة.

بينيتو موسوليني كمثال صارخ للدكتاتورية والجموح، كان صحفيا وسياسيا بارعا تمكّن من تأسيس الحزب الفاشي والوصول للسلطة.

ولا يمكن بحال أن نتحدث عن الدكتاتورية دون المرور على كوبا التي حكمها "فيدال كاسترو" لأكثر من نصف قرن، عاشت خلالها كوبا الاستبداد السياسي والثقافي والاجتماعي، ومواجهة الحصار الاقتصادي، وموجات الهروب والهجرة غير الشرعية تجاه الولايات المتحدة عدو "كاسترو" اللدود.

إلا أن "كاسترو" لا يمكن اعتباره إلا رمزاً وطنياً عتيداً، تحدى وصمد أمام القوة العظمى حين أمم عدداً من الشركات الأميركية التي بلغ مجموع أرصدتها ما يقرب من مليار دولار.

وكان يقول إنه "لا يوجد شيوعية ولا ماركسية، بل ديمقراطية نموذجية وعدالة اجتماعية في ظل اقتصاد منظم".

مرورا بجاره وحليفه "هوغو تشافيز" الذي أعاد فنزويلا إلى الوراء بعد أن كانت محط أنظار العالم والحالمين بتحسين أوضاعهم المعيشية، إلى اقتصاد منهار وارتفاع نسبة الفساد بشكل مخيف، إلا أن الرجل تحدى الولايات المتحدة وصدّر النفط إلى كوبا رغم التحذير الأميركي، ويعطي انطباعاً من إطلالته بأنه صلب متماسك في النهاية.

وعبر التاريخ العراقي يتصدر الحجاج بن يوسف الثقفي قائمة الطغاة في صدر الإسلام، إلا أنّ الدولة الأموية في عهدة إمارة العراق شهدت أكبر توسع للدولة باتجاه الشرق، وحارب أشد وأشرس أعداء الدولة الأموية من الأزارقة والخارجين عن الدولة وحافظ على قوة ووحدة الدولة والأمّة.

إلى حجاج القرن العشرين ومن جعل العراق يمشي على قدم واحدة بعد انقلابات سياسية ونزاعات مذهبية وسلطوية، إلا أن مبغضيه قبل محبيه يعترفون برجولة الرجل ووقوفه في وجه المد الصفوي وطموح الخميني، وبنائه لعراق متماسك قوي.

مروراً بطغاة العرب في عصرنا الراهن من سقط منهم ومن بقي، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم فـ"حسني مبارك" و"بن علي" ورغما عن قبضتهم الأمنية وحكمهم المستبد، إلا أنهم استجابوا لمطالب الشعب وإن كانوا مرغمين، وحتى القذافي تُحسب له مواقف فيها من الرجولة والعروبة.

أما قاتل الأطفال كما وصفه "باراك أوباما" فيليق به كل وصف، لكن من المضحك أن نصنّف معتوهاً مهرجاً يقول (الكلام صفة المتكلم) رداً على الرئيس الأميركي دونالد ترامب حين قال بأن من يلقي براميل الديناميت ويقتل الأطفال بالكيماوي فإنه لا ينتمي للبشرية وبهذا فهو حيوان، والرئيس الميمون تجاهل المراد فلا قضت مضجعه وأثارت مواجعه إلا الكلمة التي تعنيه بشكل واضح ومباشر.

ولم أجد أكثر صراحة من حلفاء الأسد أنفسهم حين نعتوا رأس النظام السوري بـ"ذيل الكلب" تارة وبـ"الكلب" الذي يحاول أن يهزّ ذنبه تارة أخرى كما عنونت صحيفة "كومبيكات" الروسية، وبما أكده رئيس مركز كارنيغي الروسي " أليكسي مالاشينكو" حين قال إن تصرفات بشار الأسد مثال على "محاولة الذيل التحكم بالكلب"، وأنه يحاول الإيحاء لموسكو بأنه لن يكون هناك وفاق بينها وبين النظام من دونه.

هو ذاته المخنّث ناكر الجميل من يحاول إنكار دور إيران في حفاظه على السلطة.

الجبان الذي يريد تقليم أظافر إيران وضياع حصتها من الغنيمة السورية، والوصف لصحيفة "قانون" الإيرانية.

فلا يدهشنا حين نجد صحفيين قابلوا بشار الأسد الوريث اللاشرعي لسوريا العريقة المغتصبة من نظام حافظ الأسد تحت عباءة البعث، والمحتلة بتوقيع بشار الأسد لكل من روسيا وإيران والميليشيات الطائفية تحت عباءة الإرهاب، وهم في حالة من من البلاهة أحيانا والدهشة أحايين أخرى، ونجزم أنهم لم يقابلوا طوال حياتهم المهنية نموذجاً مشابهاً يمكنه أن يكذب من الدقيقة الأولى حتى الدقيقة الأخيرة، وأن يحافظ على وقاحته دون تغيير بتعابير وجهه وحركة الجسد بما يدل على أن الرجل متماهٍ مع هذه الطبيعة والانفصال عن الواقع.

فبشار الأسد يعتبر مجزرة الكيماوي كذبة صارخة ولا توجد إلا في أذهان المسؤولين الغربيين، رواية استعملوها كذريعة لمهاجمة سوريا، دون أن يملكوا دليلاً على استعمال نظامه للأسلحة الكيماوية التي راح ضحيتها 200 شخص كما قال في مقابلته مع روسيا اليوم بأن هناك مئات التقارير التي تدحض هذه المزاعم.

فالجيش السوري لم يقتل ولم يقصف ولم يسرق، ولا وجود للبراميل المتفجرة، ولا استهداف للمدنيين ولا تهجير ولا معتقلات، ولا تغيير ديمغرافي، والخوذ البيضاء مجموعة من الإرهابيين تأكل الأكباد، ولدى بشار الأسد الأدلة في مئات الفيديوهات المنتشرة على "يوتيوب" التي تؤكد بما لا يدعو للشك على إرهاب الخوذ البيضاء ومشروعية قصف المستشفيات التي اتخذوها مقرات لهم ولإرهابهم وتمثيلياتهم.

ليس لدينا سياسة التعذيب في سوريا، لماذا نستخدم التعذيب هذا هو السؤال؟

هل هو وضع نفسي لمجرد أنك تريد أن تعذب الناس بهذه الطريقة السادية؟ يتساءل الأسد !!

ومن لا يصدق عليه البحث على شبكة الانترنت وفي حال لم تجد الأدلة، فالمشكلة بلا شك في جهازك الإمبريالي أو آلية البحث عندك..!

من غير المنطقي اعتقال وتعذيب الناس، ومن غير المنطقي استخدام الأسلحة الكيماوية ومن غير المنطقي إلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين.

المنطق الوحيد: إن سوريا العظيمة بتاريخها وأصالتها وعزة شعبها باتت كما قالت الحرة: "وماهند إلا مهرة عربية … سليلة أفراس تحللها بغل"

فحتى هيئة الدكتاتور لا تليق بك.

*محمد الحموي كيلاني - مساهمة لـ"زمان الوصل"
(175)    هل أعجبتك المقالة (159)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي