أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعض المستور في زيادة الرواتب والأجور*

من المتوقع أن يستمر تراجع سعر الصرف حتى يبلغ الدولار ألف ليرة - جيتي

أعتقد، ومهما أجهد السوري نفسه، بالتحليل وحتى "جد لأخيك عذراً" لن يخرج إلا بمسلّمة وحقيقة باتت مؤكدة ودامغة، مفادها باختصار، أن نظام الأسد عدو لجميع السوريين.


وربما يستنتج من يبحث عن تتمات، أن لا رابط لهذه العصابة المغتصِبة للسلطة والثروات منذ نصف قرن، بالأرض السورية، بسوى قوائم كرسي الحكم ومحاولة تثبيتها. فحتى حينما يدعّي هذا النظام، أنه خطا نحو الشعب بخطوة، إنما تكون غائية تصب في صالح "آل السلطة" وتنعكس على الشعب بالتفقير والإذلال ومزيد من العذاب.


لن آتي على ماضي الأسد الأب وما حققه لصالح العائلة وما بعدها، على حساب السوريين وسوريا، تحت يافطات وشعارات، أكدت الوقائع والزمن، زيفها وبطلانها، ابتداء من العروبة والقومية ووقوفه إلى جانب الثورة الفارسية ضد العراق والعرب، وشماعة عداء ومحاربة العدو الصهيوني، والذي كشفت ثورة السوريين بما لا يدع الشك، مدى الترابط الوجودي بين تل أبيب وأسرة الأسد، وصولاً لتوريث الابن بحجة استقرار سوريا ومنع الاحتراب الداخلي على السلطة، وما جرّه الوريث لسوريا، من ويلات وحروب واحتلالات، خاصة بعد محاولات قتل الثورة والمحافظة على كرسي الوارث، من استقدام شذاذ العالم ومحتليه، ضمن مفهوم "إذا متّ ظمآنا فلا نزل القطر".


وأخيراً وليس آخراً، خديعة زيادة الرواتب والأجور، ضمن مرسوم أول أمس "23 لعام 2019" القاضي بزيادة 20 ألف ليرة سورية على الرواتب والأجور، للعسكريين والمدنيين، بعد دمج التعويض المعيشي الحالي مع أساس الراتب المقطوع ليكون جزءا منه.


حبذا أن نبتعد ما استطعنا، عن الأحكام المسبقة وزج الرغبوية والأماني، لنقدم بعض الأدلة العملية والعملية، التي، ربما تقنع، من رأى بهذه المناورة مكرمة، وخامره الشك بأن في مرسوم الأسد، نفعاً للشعب وتحسيناً لمستوى معيشته.


أولا، وبعيداً عن أن موعد استلام الزيادة هو مطلع الشهر المقبل، والتي على الأرجح، سيأكلها -الزيادة- التضخم وتدحرج تهاوي سعر الليرة مقابل العملات الرئيسية، إذ كان رواتب السوريين قبل شهر نحو 50 ألف ليرة "100 دولار" في حين بات الراتب وبعد الزيادة، أقل من 90 دولاراً، بواقع تراجع سعر الليرة مقابل الدولار إلى ما دون 750 ليرة.


ترى، هل المنطق الاقتصادي ومساعي تحسين معيشة السوريين، يفرضان زيادة الأجور ليزيد بالتالي عرض كتلة العملة السورية بالسوق عمّا هي عليه "700 مليار ليرة" ويتراجع الطلب بواقع فقدان الثقة والمخاوف من انهيار العملة، لنكون وحتماً، أمام مزيد من تهاوي سعر الصرف وزيادة التضخم، وبالتالي ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.


أي بمعنى بسيط ومبسط، زيادة الرواتب انعكست سلباً على حياة السوريين المقدرة معيشة الأسرة منهم، بأكثر من 320 ألف ليرة شهرياً.


هنا، على الأرجح أن ينبري مغيّب ليقول: حيرتونا، إذا زاد الرئيس المناضل الرواتب لن يخلص منكم وإن لم يزدها كذلك، فماذا تريدون؟!


الإجابة، وقفزاً على شرط ذهاب هذه العصابة إلى الجحيم، لأنها أسست لدمار لا يمكن أن يزول لطالما هي موجودة، نريد زيادة بالإنتاج عبر دعمه وخلق شروط تنافسية، نريد دعم المستوردات والصادرات بعد توقفها وإحداث خلل بالمعروض السلعي بالسوق، نريد وقفاً لاحتكار عصابة الأسد للسلع والوكالات، نريد وطناً يفسح المجال للعقول والكفاءات أن تعمل وتجترع حلولاً واقعية قابلة للتطبيق وتنعكس على المواطن وليس على تراكم ثروات تجار الحرب وآل النظام. ولا نريد حلولاً ارتجالية من هواة وغائيين، يمنون على السوري بزيادة أجره التي لن يستلمها.


ونسأل بالسياق، ترى ما هو المستجد الذي أفقد السوريين ثقتهم كاملة بالليرة، فهرب المكتنزين والمدخرين نحو العملات الرئيسية والمعادن الثمينة، لتخسر الليرة أكثر من 30% من قيمتها خلال شهر؟!


ربما ليس من جديد، سوى إطلالات بشار الأسد التلفزيونية المتكررة التي أعلن خلالها، عجز نظامه المطلق عن فعل أي شيء للاقتصاد والليرة والسوريين، رامياً، كما العادة، المسؤولية على المؤامرة الكونية والحصار الجائر واستهداف زرقة عينيه.


لأن أسباب تراجع سعر الصرف، اقتصادية كانت أم سياسية ونفسية، لم تتبدل، أو لم يدخل عليها جديد خلال الفترة الأخيرة على الأقل.


طبعاً، عدا ضرورة استيراد المشتقات النفطية مع بدء موسم البرد، وهو ما ألمح إليه الوريث خلال لقاءاته، ملمحاً لعجز الدولة عن كفاية حاجة السوق وتعهيد المهمة، ولأول مرة، للقطاع الخاص.


نهاية القول: دونما استرجاع ما بات بديهياً، من تراجع الإنتاج والصادرات والسياحة وزيادة المستوردات، ونفاد الاحتياطي الدولاري بالمصرف المركزي، وما يمكن أن يساق من أسباب نفسية وسياسية، أدت كلها مجتمعة بتراجع سعر صرف الليرة، بوتائر وتذبذبات ربما مقبولة لبلد تعاني من حرب، قبل أن يتحف سيادته السوريين والمراقبين بأحاديثه التلفزيونية التي استشف منها المراقبون، الإفلاس بكل معانيه، فهوت الليرة بشكل مخيف.


السؤال: هل كل ما جرى، بما فيها لقاءات الأسد التلفزيونية الكارثية، كافية ومبررة لما يشبه انهيار النقد السوري، أم ثمة قصدية و"لعبة" ربما يمارسها تجار الحرب وآل الأسد والمضاربون، ليجنوا من خلالها الأرباح، ويدفع السوريون من قوتهم وما سميت زيادة أجور، ضرائب غنى هؤلاء وزيادة ثرواتهم.


اقتصادياً ومنطيقاً، أعتقد أن ثمة (ملعوب) بالأمر، وربما مآلات سعر الليرة، هي الفيصل، إذ من المتوقع أن يستمر تراجع سعر الصرف حتى يبلغ الدولار ألف ليرة، من بعدها يتم التدخل، بطريقة بيع الدولار المباشر عبر جلسات تدخلية من المصرف المركزي أو إتاوات تفرض على التجار، ليجني مضاربو الأسد أرباح جوع وفقر السوريين.


وأما إن لم يحدث هذا السيناريو، فهم رابحون بكل الأحوال لأنهم أول من لا يثق بالليرة وجميع مدخراتهم وإيداعاتهم الخارجية بالعملات الصعبة، ولكن وقتذاك، يكون الانهيار النقدي، بداية انهيار للدولة الأسدية التي ستحاول اللعب عبر شعارات مكافحة الفساد والتعديل الحكومي...والتي لن تنفع مساعيها، بعد استفاد حتى بيع وتأجير ثروات سوريا والسوريين..


وهذا لا يعني طبعاً، سقوط نظام الأسد من بوابة الليرة أو الاقتصاد، فهكذا أنظمة موجودة لأدوار وظيفية كارثية، آخر ما يسقطها، فقر الشعب وتجويعه.

*عدنان عبد الرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
(301)    هل أعجبتك المقالة (398)

قتيبة

2019-11-23

سيأتي الفرج من عند الله وسينتصر الحق أنشألله.


خريان على اسيادكم ياحمير

2019-11-24

.... كل هالحصار والتكالب وعدم مساعدة سوريا وبالتالي تدني قيمة الليرة السورية وقلة أمانة التجار وعدم التفكير الا بمصلحتهم ومع ذلك الدولة السورية لم تتخلى يوما عن موظفيها وحاولت ان تقلل الفارق بين الراتب وإلغلاء المعيشي ولو بادنى الحدود رغم قلة موارد الدولة الصناعية والزراعة والتجارية بعد سنين من الرهاب والتخريب المتعمد والماجور من قبل مطايا الأعداء في الداخل.


طاهر حسن

2020-01-22

الحمد لله بشار تلأسد همه الوحيد إسعاد الشعب ولكن اسيادكم أردوغان و أل سعود و قؤدوغان هم الذين خربوا سوريا.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي