نعت "مشيخة العقل" في السويداء واحدا من أهم "المرجعيات الدينية" لدى الدروز، وهو "ركان الأطرش" الذي توفي عن عمر ناهز 85 عاما، وستشيع جنازته يوم الجمعة،ضمن مراسم تعرف بـ"الموقف"، في الملعب البلدي بالسويداء.
ولم تكن "مشيخة العقل" وأقارب المتوفى هم من نعوه وحدهم وامتدحوا خصاله، بل شاركهم في ذلك جهات تابعة وموالية للنظام، وأخرى تناوئه، وكل طرف فيهم اعتبر أن "الأطرش" المكنى "أبو عدنان" كان رمزا من رموز "الجبل" في السويداء، وكل طرف استشهد في سبيل ذلك بمواقف وصور وأقوال للمتوفى، الذي كان لموقعه الديني وانتسابه لـ"آل الأطرش" دور في جعله من الشخصيات "مسموعة الكلمة" في محيطها.

فلدى النظام وأتباعه، تمت الإشادة بـ"الشيخ ركان الأطرش" بوصفه مخلصا لـ"قائد الوطن" ونصيرا لجيشه، يدعو لهما من كل قلبه بـ"النصر والتمكين"، متناقلين حرص بشار الأسد نفسه على الاتصال بـ"الشيخ" من أجل الاطمئنان على صحته، بينما كان نزيل "مشفى الأسد" للعلاج من مرضه الذي توفي به، وهذا يدل على عمق تقدير بشار الأسد لـ"الشيخ" حسب رأيهم.
ومن شدة حماسة أتباع النظام لإثبات "ولاء" المتوفى، فقد استعانوا كذلك بروايات ومواقف وصور له، منها صورته مع مجرم الحرب القتيل "اللواء عصام زهر الدين"، حيث يبدو الأخير ممكسا بيد الرجل الكبير في السن وقابضا عليها بقوة.
وفي المقلب الآخر، أصر مناهضون للنظام من السويداء، وفي مقدمتهم "قوات شيخ الكرامة" التي أسسها "وحيد البلعوس" (اغتيل في عملية تشير أصابع الاتهام فيها للنظام)... أصروا على أن "أبو عدنان" كان "تقيا نقيا جليلا"، مستذكرين شهادة "البعلوس" حينما قال: "إن مواقف الكرامة وحسن تيسير الأمور وانتصارتنا بمعارك الدفاع عن الجبل ببركة الشيخ الجليل ركان الأطرش".
وفي سبيل ذلك، استعان أنصار "شيخ الكرامة" بصور لـ"الشيخ ركان" مع "الشيخ البلعوس" إحداها تشبه إلى حد بعيد صورته مع عصام زهر الدين، حيث يبدو "البلعوس" جالسا في نفس المكان ونفس الزاوية من بيت "الشيخ" ممسكا بيده بنفس الطريقة تقريبا، مع فارق جوهري يتمثل في نزرة الاستعلاء والانتفاش لدى "زهر الدين" مقابل تواضع "البلعوس".

وهكذا تبدو لقطتا "أبو عدنان" مع "زهر الدين" و"البلعوس"، وكأنهما لقطة واحدة مع القاتل والقتيل في نفس الوقت، حيث لا يخفى انغماس النظام في عملية اغتيال "البلعوس" خريف 2015، كما لايخفى مدى تشبيح "زهر الدين" لصالح هذا النظام وإسرافه في الإجرام تعبيرا عن الولاء المطلق.
وبين هؤلاء وأولئك، كان لافتا تركيز الصفحات المعنية بالشأن "الدرزي" على تفاصيل أخرى في سيرة المتوفى ومنها أنه عاش ييتم الأب والأم، وأنه عانى من ظلم زوجة أبيه، التي أرسلته يوم كان صبيا في جو مثلج بغية التخلص منه، لكنه عاد إلى البيت ممتطيا ظهر ضبع، كما إنه بقي أعزبا حيث "لم يسبق له الزواج حتى في أجياله الماضية"، حسب تلك الصفحات، التي أشارت أيضا إلى أن "الشيخ" عاش ومات و"كانت لهجته أقرب إلى الإيرانية بسبب تأثره بأجياله الماضية"، في تأكيد على مقولة التناسخ.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية