أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا تحمي أمريكا النفط السوري؟... مزن مرشد*

من عوائد هذا النفط سينفق على بقاء التواجد الأمريكي في سوريا

يفاجئنا نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس بتصريح ناري يعلن فيه بأن بلاده ستستخدم "القوة المدمرة" إن اضطرها الأمر، ضد أي محاولة لمنع سيطرتها على حقول النفط السورية - سواء أكانت داعش أو النظام أو القوات الموالية لروسيا- في تعبير يظهر جلياً استماتة أمريكا لأن تبقى في سوريا.

ثم يتبعه تصريح المتحدث باسم "بنتاغون" مؤكداً على أن أمريكا لا تزال تعمل مع قوات سوريا الديمقراطية وتواصل تزويدها بالقدرات والدعم لقتال التنظيم، وأن إيرادات النفط ستذهب لقوات سوريا الديمقراطية وليس لأمريكا، كي تستطيع المحافظة على حراسة السجون التي تضم محتجزي داعش، وعلى استمرار تسليحهم ومساعدة أمريكا في ضمان عدم عودة التنظيم.

أنفق "بنتاغون" ملايين الدولارات لإنشاء جيش مكون من قرابة أربعين ألف مقاتل، من أكراد وعرب، واستخدمهم في مساعدة قوات التحالف بالقضاء على داعش.

عرفت واشنطن منذ البداية أن دعم وتسليح وحدات حماية الشعب الكردي، التي تشكل أساس تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية، سيثير غضب أنقرة، ولكن في الوقت نفسه، كانت الإدارة الأمريكية مقتنعة، أن تركيا عضو وحليف مخلص لحلف الناتو، ولا شيء سيعكر العلاقات العميقة معها، على الرغم من تبادل القصف الكلامي بين البلدين بين الحين والآخر.

فكان لزاماً على أمريكا أن تحافظ على تحالفها مع الأكراد، وفي ذات الوقت إرضاء الأتراك، فانسحبت من المنطقة معطية بذلك الضوء الأخضر لتركيا لتنفيذ عمليتها "نبع السلام ".

ولم تمضِ أيام قليلة على العملية التركية، حتى أعلنت أمريكا عودتها للمنطقة بحجة حماية النفط السوري، في عملية مناوراتية تحقق مصالح الحليفين على حساب مصلحة سوريا والسوريين.

وهنا يكبر السؤال الملح: ما الذي تريده أمريكا من النفط السوري، الذي لا يشكل أي علامة فارقة، مقارنة بإنتاجها النفطي الذي يبلغ 80,622,000 برميل يومياً، متصدرةً بذلك الإنتاج العالي.

دونالد ترامب الرجل الذي يدير الرئاسة بعقلية البزنس مان، ومنطق الربح والخسارة، كان غاضبًا من المبلغ الفلكي الذي أنفقته بلاده في سوريا من الميزانية الأمريكية.

ومن هنا كان لابد من الإستيلاء على النفط لتعوض جزءا من خسائره، من جهة، وكي يكون هذا النفط ممولاً لمصالح أمريكا في سوريا، من جهة أخرى.

فمن عوائد هذا النفط سينفق على بقاء التواجد الأمريكي في سوريا، كما يمكن تحويل الأراضي المتعلقة بحقول النفط إلى قاعدة عسكرية ضخمة ودائمة في المنطقة، وبطبيعة الحال شماعة محاربة الإرهاب في سوريا والعراق القريبة، حاضرة كذريعة نبيلة للبقاء.

وستستمر أمريكا بتمويل حلفائها الأكراد والمحافظة على مصالحها معهم كذراع عسكري حاضر في أي وقت تدعو لهم الحاجة، وستكون جاهزة مستقبلاً لأي تحالف لمحاربة إيران، دون أن تتكلف الميزانية الأمريكية نفقات إضافية، فيكون المشروع السوري متكفلاً بنفسه مثل أي مشروع تجاري ناجح، ولهذا السبب جاء تصريح مايك بينس الناري.

ولا يفوتنا أن هذه الخطوة تتضمن احتمالاً كبيراً لاشتعال صراع قادم في المنطقة قد يكون لمصلحة تركيا لاحقاً، وربما مبرراً لروسيا والنظام بضرب هذه المناطق.

باتت سوريا اليوم جبهة صراعات مفتوحة للجميع، وأبرز المتقاتلين على مصالحهم فيها هما أمريكا وروسيا، اللتان لم تشهد أي بلد في العالم صراعاً بينهما على أراضيها، إلا باتت خراباً بائناً، الحليفتان السريتيان، العدوتان الظاهرتان، أنهيتا فييتنام وأفغانستان ويوغسلافيا وصولاً إلى كوبا ... فأي دمار يراد لسوريا أكثر من ذلك؟ عداء ظاهري وتفاهم على كل شيء، لم يعد سراً، فإلى أين المصير؟

*من كتاب "زمان الوصل"
(256)    هل أعجبتك المقالة (258)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي