أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المواقع السوداء (السجون السرية) جين مايور

معاينة نادرة من الداخل لبرامج الاستجوابات السرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية

في شهر مارس، تلقت مارين بيرل، زوجة دانيال بيرل الذي تم اغتياله، حيث كان يعمل مراسلاً صحفياً لدى صحيفة وول ستريت جورنال، اتصالاً من وزير العدل الأمريكي ألبرتو غونزالس. ذلك في الوقت الذي كشف عن دور غونزالس في فصل ثمانية محاميين أمريكيين حكوميين من عملهم، وأصبحت تلك القصة فضيحة في واشنطن. فقد أخبر غونزاليس السيدة بيرل بأن وزارة العدل بصدد الإعلان عن خبر سار: حيث أن إرهابياً في السجون الأمريكية –وهو خالد شيخ محمد، أحد قادة تنظيم القاعدة والمخطط الرئيسي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر- قد اعترف بقتل زوجها. (حيث اختطف بيرل وذبح قبل خمس سنوات ونصف في باكستان، بواسطة متمردين إسلاميين غير معروفين). وقد كانت الإدارة تخطط في إصدار نسخة من تفاصيل الرواية التي افتخر فيها خالد شيخ محمد قائلاً "لقد قطعت بيدي اليمني المباركة هذه رأس اليهودي الأمريكي دانيال بيرل في مدينة كراتشي بباكستان. ولمن يريدون التأكد من ذلك، هنالك صور لي تم نشرها في الإنترنت وأنا أمسك برأسه".

لقد اندهشت السيدة بيرل. حيث كانت قد تلقت اتصالا في عام 2003 من كوندوليزا رايس، التي كانت حينئذ مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي، أخبرتها فيه بنفس الخبر. غير أن ما كشفت عنه رايس كان سراً.

بينما إعلان غونزاليس بدا كما لو كان إعلاناً يسعى إلى الإثارة. وقد سألته السيدة بيرل عما إذا كان يملك دليل يؤكد أن خالد شيخ محمد كان محقاً في اعترافه، فزعم غونزاليس أن لديه دليل يؤيد ذلك غير أنه رفض الكشف عنه. وقالت السيدة بيرل "ليس كافياً أن يتصل بي المسؤولين ويخبرون بما يظنون. الأمر يحتاج إلى دليل". (غونزاليس لم يرد على طلب بالتعليق على الموضوع).

الظروف التي أحاطت باعتراف محمد، الذي تشير إليه الأجهزة الأمنية بخالد شيخ محمد، كانت محيرة. حيث أنه لم يكن لديه محام. وبعد إلقاء القبض عليه في باكستان، في مارس 2003، قامت وكالة المخابرات المركزية باحتجازه في مواقع سرية لأكثر من عامين، وفي الخريف الماضي، نقل إلى السجن العسكري في خليج غوانتنامو بكوبا. ولم يتم ذكر أية أسماء كشهود على اعترافه هذا. فضلاً عن أنه ليست هنالك معلومات مقنعة عن نوعية الاستجواب الذي تعرض له لإجباره على الحديث، وذلك بالرغم من أن بعض التقارير التي نشرت في صحيفة التايمز وغيرها، أشارت إلى أن ضباط وكالة المخابرات المركزية قاموا بتعذيبه. وفي جلسة محاكمة انعقدت في غوانتنامو، قال خالد شيخ أنه أدلى بشهادته طواعية دون إكراه، ولكنه أشار إلى أنه قد تعرض لسوء معاملة من قبل وكالة المخابرات المركزية. (والإفادة التي كتبها بهذا الشأن وصفها البنتاغون بأنها سرية للغاية). وبالرغم من أن خالد شيخ محمد قال أنه كانت هنالك صور فوتوغرافية تؤكد إدانته، إلاّ أن السلطات الأمريكية لم تجد شيئاً من هذه الصور. وبدلاً من ذلك عثروا على نسخة من شريط الفيديو الذي نشر في الإنترنت، والذي أظهر يدي القاتل، غير أنه لم يقدم أي شيء آخر يدل على هويته.

وهنالك أمور أخرى تسبب مزيد من الإرباك، وهو أنه تمت إدانة رجل باكستاني اسمه أحمد عمر سعيد شيخ بجريمة الاختطاف والقتل في عام 2002. وهو إرهابي تلقى تعليمه في بريطانيا ولديه سوابق اختطاف، وقد حكم عليه بالإعدام في باكستان. ولكن الحكومة الباكستانية التي لم نسمع عن تساهلها في هذه الأمور، أجلت تنفيذ حكم الإعدام. ولاشك في أن جلسات المحاكمة في هذه القضية قد تأخرت عدة مرات –ثلاثين مرة على الأقل- ربما بسبب ما تردد عن علاقاته بالمخابرات الباكستانية، والتي ساعدت في الإفراج عنه بعد أن سجن لقيامه بنشاطات إرهابية في الهند. كما أن اعتراف خالد شيخ محمد يزيد من تأجيل تنفيذ الحكم، حيث أنه بموجب القانون الباكستاني، يمكن تقديم أي دليل جديد للاستئناف.

هنالك عدد من الأشخاص القريبين من القضية ينظرون إلى اعتراف خالد شيخ محمد بشيء من الريبة. وقالت إسراء نعماني الصحفية بوول ستريت جورنال، وصديقة قديمة لبيرل "لقد كشف عن الاعتراف عندما كانت فضيحة وزير العدل في أوجها. فقد كانت هنالك مطالبات باستقالة غونزاليس. ويبدو أنها كانت استراتيجية محسوبة لتغيير الموضوع. ولماذا الآن؟ فقد كانوا يعلمون بهذا الاعتراف منذ سنوات". ويذكر أن ماريان بيرل وزوجها كانا يقيمان في منزل نعماني في كراتشي عندما قتل، وقد تابعت نعماني القضية بدقة شديدة، وفي خريف هذا العام تفكر في تدريس فصل دراسي عن هذه القضية بجامعة جورج تاون. وقالت "لا اعتقد أن هذا الاعتراف سيؤدي إلى حل القضية. حيث أنه لا يمكنك أن تحقق العدالة باعتراف شخص واحد، وخصوصاً في ظل ظروف غير عادية كهذه. بالنسبة لي، هذا ليس مقنعاً". وأضافت لقد اتصلت بجميع المحققين، لم يكونوا متشككين وحسب، بل لم يكونوا مقتنعين بالأمر.

وقال راندل بينيت العميل الخاص، رئيس دائرة الأمن في القنصلية الأمريكية بكراتشي عندما قتل بيرل – والذي عُرض دوره الريادي في التحقيق حول الجريمة في الفيلم الذي تم إعداده مؤخراً بعنوان "قلبٌ كبيرA Mighty Heart "، قال أنه قام باستجواب جميع المتواطئين الذين تمت إدانتهم، وهم الآن في السجن في باكستان، ولكن لم يذكر أي أحد منهم اسم خالد شيخ محمد على أنه لعب دوراً في هذه العملية. لم يرد هذا الاسم على الإطلاق. وقال روبرت باير، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية "يقول زملائي القدامى أنهم متأكدون بنسبة مائة بالمائة من أن الذي قتل بيرل لم يكن خالد شيخ محمد". وقال مسؤول أمريكي على علاقة بالقضية "نخشى من أن خالد شيخ محمد يقوم بالتغطية على آخرين، وذلك حتى يتم إخلاء سبيل الذين قبض عليهم على ذمة القضية". وقال جوديا بيرل، والد دانيال بيرل، "هنالك شيء مريب. لا تزال هنالك الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة. خالد شيخ محمد يمكن أن يدّعِي قتل يسوع المسيح- ليس لديه ما يخسره".

غير أن ماريان بيرل التي تعتمد على إدارة بوش لتحقق العدالة في قضية زوجها، تحدثت بحذر عن التحقيقات. "الأمر يحتاج إلى إجراءات تتوصل من خلالها إلى الحقيقة. وأن أي دائرة للاستخبارات لا يمكن أن تكون فوق القانون".

لقد كان التحقيق مع خالد شيخ محمد جزء من برنامج سري لوكالة المخابرات المركزية، تم إنشاؤه بعد الحادي عشر من سبتمبر حيث يتم اعتقال الإرهابيين من أمثاله في سجون سرية خاصة بالوكالة خارج الولايات المتحدة، تعرف بـ"المواقع السوداء"- ويخضعون لمعاملة قاسية وغير اعتيادية. لقد علق عمل البرنامج فعلياً في الخريف الماضي، عندما أعلن الرئيس بوش عن أنه سيأمر بإخلاء سجون وكالة المخابرات المركزية، وتحويل المعتقلين إلى السجون العسكرية في غوانتنامو. وقد جاء هذا التحرك بعد قرار من المحكمة العليا بشأن قضية "حمدان ضد رامسفيلد" والتي قررت ضرورة أن تكون جميع المعتقلات- ولا سيما تلك التي تتبع وكالة المخابرات المركزية- متوافقة مع مقررات اتفاقية جنيف. وهذه الاتفاقيات التي طبقت عام 1949، تحظر المعاملة القاسية، والإهانة، والتعذيب. وفي نهاية يوليو، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يعد بأن وكالة المخابرات المركزية ستعيد النظر في مناهجها بحيث تكون متوافقة مع المعايير التي نصت عليها اتفاقية جنيف. غير أنه في ذات الوقت، قرار بوش الذي لم ينكر بوضوح استخدام "تقنيات محسنة للاستجواب" والتي ربما تعتبر غير قانونية إذا ما استخدمها المسؤولين داخل الولايات المتحدة. ويعني القرار التنفيذي أن الوكالة يمكنها ان تحتفظ مرة أخرى بأشخاص أجانب يشتبه بعلاقتهم بالإرهاب، دون أن يعلم عنهم أحد، وبدون تهم، أو حتى بدون السماح لهم بالحصول على محامين.

وقال مدير وكالة المخابرات المركزية الجنرال مايكل هايدن، أن البرنامج الذي تم تصميمه لانتزاع معلومات استخبارية بشكل عاجل من المشتبه بهم وسيلة "لا يمكن استبدالها" لمحاربة الإرهاب. وقال الرئيس بوش "أن هذا البرنامج ساعدنا في الحصول على معلومات أنقذت أرواح الأبرياء"، حيث ساعدتنا في وقف عمليات جديدة كانت ستقع. ويزعم أن البرنامج أسهم في عرقلة تنفيذ عشرة مؤامرات خطيرة على الأقل لتنظيم القاعدة منذ الحادي عشر من سبتمبر، ثلاثة منها داخل الولايات المتحدة.

وعلى حد قول إدارة بوش، فإن خالد شيخ محمد أدلى بمعلومات ثمينة للغاية أثناء اعتقاله. وقيل أنه أشار بالطريقة التي ألقي بها القبض على الحنبلي، الإرهابي الإندونيسي المسؤول عن تفجيرات الأندية الليلية بجزيرة بالي عام 2002. كما أنه قدم معلومات عن زعيم تنظيم القاعدة في بريطانيا. وقال مايكل شيهان، مسؤول سابق بقسم مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية "خالد شيخ محمد" هو الشخص الأنموذج لتطبيق الأساليب القاسية، والقانونية في نفس الوقت. لأنه السبب في وجود هذه الأساليب. حيث يمكنه إنقاذ الأرواح بالمعلومات التي يدلي بها. ومع ذلك فإن اعترافات خالد شيخ محمد تشوش بعض كبار المحققين.

وربما اعترف مكرهاً بتورطه في أكثر من 31 مخطط إجرامي- وهو عدد لا يصدّق، حتى لأكبر الإرهابيين. ويقول المعارضون أن قضية خالد شيخ محمد تفسر ثمن رغبة وكالة المخابرات المركزية في الحصول على معلومات استخبارية سريعة. كما أن العقيد داويت سوليفان، كبير محامي الدفاع في مكتب اللجان العسكرية بالبنتاغون، والتي يتوقع أن تدين خالد شيخ محمد بارتكاب جرائم حرب، وصف سلسلة اعترافاته بأنها "مثال منهجي يمنعنا من السماح باستخدام الأساليب القسرية".

لقد ذهبت إدارة بوش إلى أبعد من ذلك في كتمان طريقة معاملة مائة أو نحو ذلك ممن يعرفون "بالمعتقلين المهمين" الذين تحتجزهم وكالة المخابرات المركزية في مكان أو أكثر منذ الحادي عشر من سبتمبر. وقد أصبح هذا البرنامج فريداً من نوعه في المسميات السائدة في عالم الاستخبارات. وقد صمم هذا البرنامج بحيث لا تكون هنالك أي وسيلة للوصول إلى سجناء الوكالة. وقد وصفت هذه العزلة المطلقة للمعتقلين بأنها ضرورية للأمن القومي الأمريكي. وقد ساقت وزارة العدل الأمريكية هذه الحجة بشكل صريح في نوفمبر الماضي، في قضية ماجد خان، وهو من سكان منطقة بلتيمور بالولايات المتحدة، والذي ظل معتقلاً لدى وكالة المخابرات المركزية لأكثر من ثلاث سنوات. وقالت الحكومة أن خان كان ممنوعاً من الاتصال بالمحامين، وذلك لأنه قد يصف "الأساليب البديلة للاستجواب" التي استخدمتها الوكالة عندما قامت بالتحقيق معه. وقالت الحكومة أن هذه الأساليب تعتبر من أسرار الدولة، وأن الكشف عنها "من المتوقع أن يتسبب في أضرار جسيمة". (القضية لم يبت فيها حتى الآن).

ونظراً لهذا المستوى من السرية، فإن الجمهور ما عدا عدد قليل جداً من أعضاء الكونغرس الذين أقسموا على السكوت عن هذا الموضوع، كان عليه تصديق تأكيدات الرئيس بوش بأن معاملة وكالة المخابرات المركزية كانت إنسانية وقانونية، وقد أسفرت عن الحصول على معلومات استخبارية خطيرة. وقال عضو مجلس النواب ألسي هاستينجز، العضو الديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي "نحن نتحدث إلى السلطات بشأن هؤلاء المعتقلين، ولكنهم، بطبيعة الحال، لن يخبرونا بشيء". ويتذكر أنه عندما علم بنبأ اعتقال خالد شيخ محمد. "لقد كان خبراً ساراً". وأضاف "ولذلك حاولت أن أعرف: أين يوجد هذا الرجل؟ وكيف يُعامل؟". وقال هاستينجز: لأكثر من ثلاث سنوات "لم أتمكن من معرفة أي شيء". وأخيراً تلقى بعض المعلومات السرية حول طريقة استجواب خالد شيخ محمد. وقال هاستينجز أنه لا يستطيع أن يتطرق إلى تفاصيل المعلومات التي حصل عليها، ولكن فيما يختص بطريقة معاملة خالد شيخ محمد، حتى لو لم يكن هنالك تعذيب، كما تزعم الإدارة الأمريكية، "لم يكن الأمر على ما يرام، لقد حدث خطأ ما".

ومنذ وضع اتفاقية جنيف، ظلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تلعب دوراً خاصاً في حماية حقوق أسرى الحرب. ولعقود مضت كانت الحكومات تسمح لمسؤولين من المنظمة بالاطلاع على طريقة معاملة المعتقلين، للتأكد من تطبيق المعايير التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية. ولكن الصليب الأحمر لم يتمكن على مدى خمس سنوات من الوصول إلى المعتقلين الذين تحتجزهم وكالة المخابرات المركزية. وأخيراً، العام الماضي سمح لمسؤولين من الصليب الأحمر بمقابلة 15 من المعتقلين بعد أن تم نقلهم إلى غوانتنمو. وقد كان خالد شيخ محمد واحداً من هؤلاء المعتقلين، وحجبت المعلومات التي اطلع عليها الصليب الأحمر عن الجمهور.

وتعتقد اللجنة أن اتصالها المستمر بالسجناء في جميع أنحاء العالم يشترط فيه السرية، ولذلك تقوم بمعالجة الانتهاكات بشكل سري مع السلطات المسؤولة عن معاملة هؤلاء المعتقلين بشكل مباشر. ولذلك، قال سيمون شورون، المتحدث باسم الصليب الأحمر في واشنطن "إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تعلق عادة على النتائج التي تتوصل إليها بشكل علني. حيث أن عملها يتسم بالسرية".

مكتب الشؤون العامة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمسؤولين في لجان الكونغرس المعنيين بالرقابة على الاستخبارات لم يعترفوا حتى بوجود التقرير. ومن الذين يعتقد أنهم اطلعوا على هذا التقرير كوندوليزا رايس، التي تشغل الآن وزارة الخارجية، وستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي، وجون بيللينجر، المستشار القانوني لوزيرة الخارجية، وهيدن، وجون ريزو، المستشار العام للوكالة المكلف. ويُعتقد أيضاً أن بعض الأعضاء في لجان الرقابة على الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ ربما اطلعوا على هذا التقرير بشكل محدود.

السرية ربما تكون صعبة للغاية في هذه الحالة. بعض المصادر في الكونغرس وأخرى في واشنطن التي اطلعت على التقرير تقول أنه وجه انتقادات حادة إلى ممارسات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وقال أحد المصادر أن الصليب الأحمر وصف أساليب الاعتقال والاستجواب التي تتبعها الوكالة بأنها تعادل وتساوي التعذيب، وأعلن أن المسؤولين الأمريكيين والمسؤولين عن هذه المعاملة السيئة قد ارتكبوا جرائم خطيرة.

وقال المصدر أن التقرير حذر من أن هؤلاء المسؤولين ربما ارتكبوا "انتهاكات خطيرة" لاتفاقية جنيف، وربما قاموا بانتهاك قانون التعذيب الأمريكي، الذي أقره الكونغرس عام 1994. والنتائج التي توصل إليها الصليب الأحمر، المشهود له بالمصداقية والحذر، ربما تكون لديها نتائج قانونية مدمرة.

القلق حول مشروعية برنامج وكالة المخابرات المركزية بلغ الأسبوع الماضي حداً لم يسبق له مثيل من قبل وذلك عندما تحفظ السناتور رون وايدرن وهو العضو الديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، على تأكيدات جون ريزو، الذي كان متورطاً بشدة في وضع سياسات الوكالة للاستجواب والاعتقال، بصفته المستشار العام المكلف للوكالة. غير أن مناورة وايدن قد تؤدي إلى وقف التعيين. وقال لي وايدن "لدي شك في وجود إشراف قانوني مناسب. أنا لست مقتنعاً بفاعلية أو حتى بقانونية جميع هذه الآليات. ولا أريد أن أرى ضباط وكالة المخابرات المركزية أن ينتهكوا القوانين بحسن نية، وذلك بسبب موجهات قانونية غير واضحة". قال ذلك بعد دراسته لملحق سري صدر مع القرار التنفيذي للرئيس بوش، والذي يتناول بالتفصيل المعاملة المسموح بها للمعتقلين.

وقال ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية، مؤيد لسياسات الاعتقال والاستجواب التي تتبعها الوكالة، قال أنه يخشى لو تم الكشف عن القصة الكاملة لبرنامج وكالة المخابرات المركزية، بأن يتعرض بعض الموظفين في الوكالة إلى محاكمات جنائية. وقال هنالك درجة عالية من القلق داخل الوكالة حول العقوبات السياسية لبرنامج الاستجواب هذا. وقال لو بدأ الكونغرس في عقد جلسات الاستماع حول هذا الموضوع "سيتم إلقاء عدد من الأشخاص تحت الحافلة". وأضاف أن عدد من ضباط وكالة المخابرات المركزية حصلوا على تأمين للمسئولية القانونية، لمساعدتهم في نفقات قانونية محتملة.

المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية، بول جيميليانو، أنكر وجود أي خطأ قانوني، مصراً على أن "برنامج الوكالة لاعتقال الإرهابيين يتم تطبيقه بطريقة قانونية. وأن التعذيب محظور في القانون الأمريكي.

والأشخاص الذين كانوا جزءاً من هذا الجهد الهام هم خبراء محنكون ومدربون بشكل جيد". وقد نشرت وكالة اسوشيتد برس في ربيع هذا العام مقالاً تضمن اقتباساً من رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، سيلفيستر رايس الذي قال أن مدير الوكالة هايدن "أنكر بشدة" النتائج التي توصل إليها تقرير الصليب الأحمر. ورفض مسؤول أمريكي تقرير الصليب الأحمر لأنه مجرد تجميع لادعاءات الإرهابيين. وقال روبرت غرينيير، الرئيس السابق لمركز مكافحة الإرهاب بوكالة المخابرات المركزية "إن برنامج الاستجواب في الوكالة بعيد كل البعد عن ما حدث في أبي غريب أو غوانتنمو. فقد كانت الاستجوابات منظمة ودقيقة وحذرة جداً، لقد كانت قانونية تماماً".

وسواء كانوا صادقين في ذلك أم لا، فقد وصف المسؤولون في إدارة بوش الانتهاكات التي حدثت في سجن أبي غريب غوانتنمو بأنها أعمال لم يكن مصرحاً بها، قام بها أشخاص لم يحصلوا على تدريب جيد، حيث تمت إدانة أحد عشر شخصاً منهم بجرائم ارتكبوها في هذا الشأن. وبالمقابل فإن معاملة المعتقلين المهمين كانت تتم إجازتها مباشرة من الرئيس بوش وبشكل متكرر. والبرنامج يخضع لمراقبة دقيقة من محامو الوكالة ويخضع لإشراف مدير الوكالة ومساعدوه في مركز مكافحة الإرهاب. وعندما كان خالد شيخ محمد معتقلاً لدى الوكالة، كانت هنالك ملفات مفصلة عن معاملة المعتقلين كانت تقدم بشكل منتظم لمدير الوكالة السابق جورج تينيت، وذلك حسب مصادر للمعلومات من داخل وخارج الوكالة. فقد نفى تينيت عبر متحدث باسمه قيامه باتخاذ قرارات بشكل يومي حول معاملة المعتقلين. ولكن على حد قول مسؤول سابق في الوكالة، "فإن جميع الخطط يتم وضعها بواسطة الأشخاص الذين يقومون بالاستجواب، ثم يتم إرسالها إلى أعلى مستوى ممكن للموافقة عليها- يعني مدير الوكالة. وأي تغيير في الخطة- يتم إضافته حتى لو كان يوماً آخر من معاملة بعينها- كان يوقفه مدير الوكالة".

وفي 17 سبتمبر 2001، قام الرئيس بالتوقيع على بلاغ رئاسي يخول وكالة المخابرات المركزية بإنشاء فرق شبه عسكرية لمطاردة وأسر واعتقال أو قتل الإرهابيين المصنفين في تقريباً أي مكان بالعالم. ومع ذلك وكالة المخابرات لديها مستجوبين غير مدربين. حيث أن ضابط سابق في الوكالة شارك في محاربة الإرهاب، قال: في البداية الوكالة كانت تعاني من الشلل بسبب قلة الخبراء فيها. "لقد بدأت مباشرة في أفغانستان. واخترعوا برنامج الاستجواب بواسطة أشخاص لا يفهمون طبيعة تنظيم القاعدة أو العالم العربي". وأضاف الضابط السابق أن الضغوط من البيت الأبيض، وخصوصاً من نائب الرئيس ديك تشيني، كانت كثيفة: "لقد كانوا يلحون علينا بشدة: احصلوا على المعلومات! لا تدعونا نتعرض لضربة أخرى". وقال الضابط في خضم ذلك الصراع كان يبحث في أرشيف الوكالة ليطلع على آليات الاستجواب التي أثبتت نجاحها في السابق. وقد أعجب بشكل خاص ببرنامج فونيكس Phonix، من حقبة حرب فيتنام. وقد وصفه بعض منتقدي هذا البرنامج، بما فيهم بعض المؤرخين العسكريين بأنه برنامج للتعذيب والقتل بموافقة الدولة. وقد وجدت دراسة لوزارة الدفاع أن 97% من الفيتكونج Vietcong (أعضاء جبهة تحرير فيتنام) ما بين عامي 1970 و1971، الذين كان يستهدفهم برنامج فونيكس Phonix كانوا أشخاص غير مهمين. ولكن بعد الحادي عشر من سبتمبر، رأي بعض مسؤولى الوكالة في هذا البرنامج نموذجاً مفيداً. كرونغارد الذي كان يشغل منصب المدير التنفيذي للوكالة في الفترة من 2001 إلى 2004، قال أن الوكالة سعت للوصول إلى جميع الذين يمكننا الاستفادة منهم، بما في ذلك أصدقائنا من الثقافة العربية، وذلك للحصول على نصائح في مجال الاستجواب، ومن بين هؤلاء مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، وكل هذه الدول تنتقدها وزارة الخارجية الأمريكية بشكل منتظم بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان.

إن خبرة وكالة المخابرات المركزية في إدارة السجون أضعف وأقل كثيراً من القيام بأعمال الاستجواب العدائية. تيللر درمهيللر، الرئيس السابق لقسم العمليات الأوربية بالوكالة، ومؤلف كتاب صدر مؤخراً بعنوان "على الحافة: كيف ساوم البيت الأبيض المخابرات الأمريكية"، قال "الوكالة لم تكن لديها خبرة في إدارة المعتقلات على الإطلاق. ولكنهم أصروا على اعتقال وسجن أشخاص في هذا البرنامج. لقد كان ذلك خطأ من وجهة نظري. لا يمكنك أن تجمع بين عمل الاستخبارات وعمل الشرطة. ولكن البيت الأبيض كان يطالب بهذا الأمر. لقد كانوا يريدون أن يقوم شخص ما بهذا الأمر. ولذلك قالت الوكالة: "سنحاول". فقد كانت خلفية جورج تينيت سياسية ولم تكن استخبارية. كان همه الأساسي في العمل أن يرضي الرئيس. وهكذا تم إقحامنا في كل هذه الأمور.

لقد كان هذا في الواقع هو ميراث مدير لم يقل قط "لا" لأي شخص".

هنالك الكثير من المسؤولين داخل الوكالة كانت لديهم مخاوف وشكوك حول الموضوع. حيث يقول الضابط السابق "لقد كان الكثيرين منا يعلمون بأن هذا الأمر سيخلق مشكلة. لقد حذرناهم من أن هذا الأمر سيتحول إلى فوضى عارمة". وقال لقد كانت المشكلة أنه منذ البداية لم يكن هناك شخص لديه فكرة عما أسماه "خطة الحسم". وأضاف قائلاً، "ماذا ستفعل بهؤلاء الناس؟ فإن الفترة التي يمكن أن يستفاد فيها من شخص مثل خالد شيخ محمد هي من ستة أشهر إلى سنة في أحسن الأحوال. تقوم باستنزافه. ثم ماذا بعد ذلك؟ لقد كان من الأفضل أن نقوم بإعدامهم".

لقد كان أبو زبيدة أهم معتقل في هذا البرنامج، وهو أحد كبار النشطاء في تنظيم القاعدة، والذي اعتقلته قوات الأمن الباكستانية في مارس 2002. وبسبب افتقارها إلى خبراء متخصصين في الاستجواب، قامت الوكالة بتعيين مجموعة من المقاولين من خارج الوكالة، والذين قاموا بتطبيق نظام من التقنيات وصفها مستشار لمجتمع الاستخبارات بأنها أشبه ما يكون بطريقة "البرتقالة الآلية". وقد كان هؤلاء خبراء نفسانيين عسكريين، وقد كانت خلفيتهم تتركز في تدريب جنود القوات الخاصة على مقاومة التعذيب، إذا ما وقعوا في قبضة الدول المعادية. وقد عرف البرنامج باسم (SERE) وهو اختصار لعبارة البقاء، المراوغة، والمقاومة، والهروب (Survival, Evasion, Resistance, and Escape)، وقد أنشئ هذا البرنامج في نهاية الحرب الكورية. ويُخضع المتدربين إلى محاكاة التعذيب، بما في ذلك تقليد التخويف بالإغراق في الماء، والحرمان من النوم والعزلة، وتعريضهم لدرجات حرارة عالية جداً ومنخفضة جداً، والاحتجاز في الأماكن الضيقة، والإزعاج الشديد باستخدام الأصوات العالية، وكذلك الإذلال الديني والجنسي.

وقد تم تصميم برنامج (SERE) خصيصاً لمقاومة أنظمة التعذيب، ولكن فريق الوكالة الجديد استخدم خبراته في مساعدة المستجوبين على إساءة معاملة المعتقلين. وقال مسؤول أوربي مطلع على هذا البرنامج "لقد كانوا متغطرسين للغاية، ومؤيدين للتعذيب. لقد أرادوا إضعاف المعتقلين. ويحتاج الأمر إلى عالم نفساني لفهم هذه التجربة الخطيرة".

كما أن استخدام العلماء النفسانيين كان يعتبره المسؤولين في الوكالة وسيلة للالتفاف حول بعض القوانين مثل اتفاقية جنيف المناوئة للتعذيب. وقال المستشار السابق لدوائر الاستخبارات، "من الواضح أن بعض كبار المسؤولين كانوا يشعرون بالحاجة إلى نظرية لتبرير ما كانوا يقومون به. لا يمكن أن تقول فقط "نريد أن نفعل كما تفعل مصر". عندما يسألهم المحامون عن الأسس التي استندوا إليهم في أفعالهم"، ولكن يمكنهم القول "لدينا أشخاص يحملون درجات الدكتوراه وضعوا هذه النظريات". وأضاف أنه داخل وكالة المخابرات المركزية، حيث يعمل عدد من العلماء، كانت هنالك معارضة قوية للأساليب الجديدة. حيث أن "العلماء السلوكيون" نصحوهم حتى بعدم التفكير في هذا الموضوع. فقد كانوا يعتقدون بإمكانية إخضاع الضباط للمحاكمة".

ومع ذلك، وضعت نظريات خبراء برنامج (SERE) موضع التنفيذ عند استجواب أبو زبيدة، وأخبر أبو زبيدة الصليب الأحمر بأنه لم يتم تهديده بالإغراق وحسب، كما ذكر ذلك سابقاً، بل تم إبقاؤه لفترة طويلة داخل قفص يسمى "صندوق الكلب"، وهو صغير جداً حيث أنه لم يستطع الوقوف على قدميه. وحسب شاهد عيان، أحد العلماء النفسانيين الذي يتولى علاج أبو زبيدة، واسمه جيمس ميتشل، طالب بتحويله إلى العلاج من حالة "العجز المكتَسَب أو المتعلَّم" learned helplessness. وميتشل يعارض هذا التوصيف.

وقال ستيف كلينمان، وهو ضابط برتبة عقيد في احتياطي القوات الجوية، وهو خبير متمرس في الاستجواب، ويعرف ميتشل منذ سنوات "لقد كان العجز المكتَسَب أو المتعلَّم" learned helplessness مثله الكامل" وقال أن ميتشل يرسم مخططاً يشير إلى أن ما يقوله في دورة كاملة. فهو يبدأ بالعزلة. ثم يقومون بالقضاء على قدرة الشخص المعتقل في توقع ما يمكن أن يحدث في المستقبل- أي متى ستكون الوجبة التالية من الطعام مثلاً، ومتى يمكنهم الذهاب إلى الحمام. ويؤدي ذلك إلى حالة من الفزع والانقياد والتبعية. لقد كان هذا من الأساليب التي كان يستخدمها جهاز الـ(K.G.B.)، غير أنه كان يستخدمه لإجبار الأشخاص الذين يتمردون على الدولة على الاعتراف.

وعندما قامت وكالة المخابرات المركزية باعتقال واستجواب عدد من أعضاء تنظيم القاعدة، قامت بإنشاء نظام للإكراه النفسي. وقد جمع هذا البرنامج الكثير من القواعد التي استند إليها التاريخ السري لتجارب الحرب الباردة في العلوم السلوكية. (فقد كشفت وكالة المخابرات المركزية في يونيو الماضي عن وثائق ظلت سرية لمدة طويلة، عرفت باسم جواهر العائلة، والتي سلطت الضوء على ما كانت تقوم به الوكالة من تجريب العقاقير على الفئران والقرود، وفي قضية فرانك أولسون سيئة السمعة، وهو أحد الموظفين في الوكالة والذي قفز من نافذة أحد الفنادق ومات في عام 1953، وذلك بعد تسعة أيام من حقنه بشكل غير مقصود بعقار الهلوسة (LSD)). وقد تركز أكثر بحوث وكالة المخابرات المركزية فائدة على الآثار القوية جداً للمؤثرات النفسية، مثل الحرمان الحسي الشديد. وعلى حد قول ألفريد ماكوي، أستاذ التاريخ بجامعة ويسكونسن، والذي كتب عن تاريخ تجارب وكالة المخابرات المركزية في مادة الإكراه، وقد علمت الوكالة أنه "إذا تم حجب المعتقلين عن الضوء، أو الروائح، أو الأصوات، أو عن أي مرجع محدد للوقت والمكان، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعرضهم لمشكلات عميقة".

وقد وجد علماء الوكالة أن الأشخاص الذين يتم احتجازهم في خزانات المياه لساعات قليلة، أو يتم وضعهم في غرف معزولة مع تغطية عيونهم بعصابات وإغلاق آذانهم، يصبحون في حالة شبه ذهنية. ويقول ماككوبي علاوة على ذلك، يصبح المعتقلين في أمس الحاجة إلى التفاعل الإنساني "لدرجة أنهم يتعاملون مع الشخص الذي يقوم باستجوابهم كما لو كان أباهم، أو كالغريق الذي يرمى إليه بطوق النجاة. فلو قمت بتجريد الناس من جميع مشاعرهم وأحاسيسهم، فسيعاملونك كما لو كنت أباهم". وأضاف ماككوبي، بعد الحرب الباردة استبعدنا هذه الوسائل. فقد كان هنالك عملية إصلاح تبناها الحزبين. وقد ابتعدنا عن تلك الأيام السوداء. ولكن تحت ضغوط الحرب على الإرهاب، لم يكتفوا باستعادة تلك الأساليب النفسية وحسب، بل مارسوها بإتقان.

وقال أحد الخبراء المطلعين على البرنامج، إن برنامج وكالة المخابرات المركزية للتحقيق يعتبر استثنائيا.

فهو من أكثر برامج التعذيب تطوراً وتنظيماً. ففي أي مرحلة، كان هنالك اهتمام صارم بالتفاصيل، وكان الالتزام بالعمل حرفياً.

وقد بدأت الحكومة الأمريكية في ملاحقة خالد شيخ محمد في عام 1993، وذلك بعد فترة وجيزة من قيام ابن أخيه رمزي يوسف بتفجير مركز التجارة العالمي. وقد علم المسؤولون بأن خالد شيخ محمد قام بتحويل أموال إلى رمزي يوسف. وخالد شيخ محمد الذي ولد بين عامي 1964 و1965 نشأ في أسرة سنية متدينة في الكويت، حيث هاجرت أسرته من إقليم بلوشستان الباكستاني. وفي منتصف عقد الثمانينات درس الهندسة الميكانيكية في كليتين في ولاية كلورادو، بالولايات المتحدة.

وعندما كان في سن المراهقة انجرف خالد شيخ محمد إلى الحركات الإسلامية المسلحة. حيث انضم إلى جماعة الأخوان المسلمين عندما كان في السادسة عشرة، وبعد أن تخرج من جامعة كلورادو الشمالية، ومع أنه عرف بكونه من المهرجين في الفصل، إلاّ أنه كان شديد التدين حيث أنه لم يكن يأكل اللحم عندما يأتي إلى مطاعم البيرجر كينغ- انضم إلى الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، حيث تدرب هنالك وأنشأ علاقات مع إرهابيين إسلاميين. وحسب جميع الروايات فإن معاداته للولايات المتحدة كانت تنبع من كراهيته الشديدة لإسرائيل.

وفي عام 1994، انضم خالد إلى رمزي بعد أن أعجب بما فعله الأخير بتفجير مركز التجارة العالمي، وذلك ليخطط معه لتفجير اثني عشر طائرة من طائرات الجامبو الأمريكية. غير أن المؤامرة التي عرفت بخطة بوجينكا (Bojinka) إحبطت في عام 1995، وذلك عندما اقتحمت الشرطة الفلبينية شقة سكنية، كان يستخدمها رمزي وإرهابيين آخرين في مانيلا، وقد كانت مليئة بمواد تستخدم في صناعة المتفجرات. ولكن عند مداهمة الشقة في مانيلا، كان خالد شيخ محمد يعمل في وظيفة حكومية في الدوحة بدولة قطر. وفي العام التالي أفلت من محاولة قام بها ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي للقبض عليه، والتحق بشبكة الجهاد العالمية، حيث انضم إلى قوات أسامة بن لادن في أفغانستان. وكان متزوجاً ولديه أبناء.

أغلب الروايات الصحفية قدمت خالد شيخ محمد على أنه شخصية مؤثرة، وفي نفس الوقت متفاخر ومتهور، ويقال أنه في الفلبين طار بطوافة قريب جداً من نافذة صديقة له حتى تتمكن من رؤيته. وفي باكستان تقمص شخصية شاهد مجهول وأدلى بمعلومات لمراسلي الشبكات الإخبارية عن اعتقال ابن أخيه. غير أن كلا القصتين كانت غير صحيح، ولكن خالد شيخ ظل يتعرض لتعنيف السلطات بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ففي إبريل 2002، رتب خالد شيخ إجراء مقابلة مع يسري فوده، مدير مكتب قناة الجزيرة في لندن، لينال فضل القيام بتلك الأعمال الوحشية. حيث قال "أنا رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة" وقال أيضاً "نعم نحن فعلناها". وفوده الذي أجرى المقابلة في منزل آمن تابع لتنظيم القاعدة في مدينة كراتشي، قال أنه شعر بالدهشة ليس فقط بافتخار خالد شيخ، ولكن بعدم اكتراثه بخطر القبض عليه. وقد سمح خالد شيخ محمد لقناة الجزيرة بالكشف عن أنه يختبئ في منطقة كراتشي. وعندما غادر فوده الشقة، قام خالد شيخ محمد الذي كان يبدو غير مسلحاً بمرافقته إلى الطابق الأرضي ثم إلى الشارع.

وفي الشهور الأولى لعام 2003، قيل أن السلطات الأمريكية دفعت مكافأة مالية قدرها 25 مليون دولار مقابل معلومات أدت إلى اعتقال خالد شيخ محمد. وفي الرابعة صباحاً في اليوم الأول من مارس قام مسؤولون أمريكيون بإيقاظه وإلقاء القبض عليه في شقة بمدينة راول بندي في باكستان. لقد تردد المسؤولون بينما قامت السلطات الباكستانية بتقييده وتغطيته ونقله إلى منزل آمن.

ويقال أن خالد شيخ محمد في أول يومين من اعتقاله استمر في تلاوة القرآن ورفض الإدلاء بأية معلومات غير اسمه. وفي شريط فيديو مدته ساعة يظهر خالد شيخ محمد في نهاية الحلقة وهو يشكو من نزلة البرد، ويسمع صوت شخص أمريكي في الخلفية. وقد كانت هذه آخر صورة شاهدها الجمهور لخالد شيخ محمد.

وبحلول الرابع من مارس كان في معتقل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وحسب بعض الروايات، فعندما قبض على خالد شيخ محمد عُثر معه على رسالة من أسامة بن لادن، وهو ما دفع المسؤولين إلى الاعتقاد بأنه ربما يكون على علم بمكان اختباء ابن لادن. ولو كانت لدى محمد هذه المعلومات الهامة، فهي ذات حساسية زمنية- لأن ابن لادن لن يستقر في مكان واحد لمدة طويلة- ولابد للمسؤولين الاستفادة من المعلومة بأسرع فرصة ممكنة. وفي ذلك الوقت، الكثير من المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا يخافون من حدوث موجة جديدة من هجمات تنظيم القاعدة، زادوا من ضغوطهم.

وطبقاً لمذكرات جورج تينيت التي صدرت مؤخراً تحت عنوان "في وسط العاصفة"، قال خالد شيخ محمد للذين قاموا باعتقاله بأنه لن يتحدث حتى يتم تعيين محام له في نيويورك، حيث كان يفترض أن يتم أخذه إلى هناك. فقد صدرت إدانة بحقه هناك على خلفية مؤامرة بوجينكا (Bojinka). وكتب تينيت، لو حدث ذلك، أنا على ثقة من أنه لم يكن باستطاعتنا الحصول على أي معلومة من المعلومات التي كانت لديه عن التهديدات الخطيرة للشعب الأمريكي. غير أن بعض خصوم الوكالة يعتقدون أن رمزي يوسف أدلى باعترافات هائلة بعد أن قرأ الحقوق الدستورية المكفولة له. وقال مدعي فيدرالي سابق "هؤلاء أناس مصابون بعقدة الأنانية. إنهم يحبون أن يتحدثوا".

الصورة الكاملة لحالة خالد شيخ محمد في الاعتقال السري لا تزال غير واضحة. غير أن هنالك رواية جزئية ظهرت من خلال مقابلات مع بعض المصادر الأوربية والأمريكية في الاستخبارات والحكومة والدوائر القضائية، وكذلك بعض المعتقلين السابقين الذين إفرج عنهم من معتقلات الوكالة، وصفوا الرواية بأنها صحيحة إلى حد كبير.

وتقول المصادر أنه بعد اعتقال خالد شيخ محمد مباشرة، قال له آسروه الأمريكيون "لن نقتلك، ولكننا سنوصلك إلى حافة الموت ثم نعيدك". وقد أخذ في بادئ الأمر إلى سجن سري تديره الولايات المتحدة في أفغانستان. وحسب تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية الذي صدر قبل عامين، كانت هنالك سجون سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان عام 2002، فقد كان هنالك سجن تحت الأرض بالقرب من مطار كابول الدولي، ويعرف بانعدام الضوء فيه مطلقاً، ويسميه المعتقلين بالسجن المظلم. ويقال أيضاً أنه كان هناك مركز اعتقال سري في مصنع سابق للطوب إلى الشمال من كابول، ويعرف بحفرة الملح. وقد اشتهر الأخير بما قيل عن وفاة معتقل بسبب درجات الحرارة المنخفضة، وذلك بعد أن ألقاه مسؤولو السجن في أرضية زنزانته الخرسانية بعد أن قاموا بتعريته من ملابسه وتقييده في درجة حرارة التجمد.

وفي أحسن الاحتمالات، يبدو أن خالد شيخ محمد نقل من باكستان إلى أحد المواقع الأفغانية بواسطة فريق من المغاوير ذوى الأقنعة السوداء التابعة لقسم النشاطات شبه العسكرية بوكالة المخابرات المركزية. وبناءً على تقرير بواسطة الجمعية البرلمانية للمجلس الأوربي بعنوان "الاعتقال السري ونقل المعتقلين بطريقة غير قانونية" فقد أخذ المعتقلين إلى زنازينهم بواسطة أشخاص أقوياء يرتدون ملابس سوداء، وأقنعة تغطي وجوههم كاملة (وقيل أن بعضهم كان يرتدي ملابس سوداء مصنوعة من مواد خاصة غير قابلة للتمزق).

وقد وصف عضو سابق في فريق الترحيل في الوكالة هذه العملية بأنها عملية روتينيه تستغرق 20 دقيقة، يتم خلالها ربط المشتبه به، وتجريده من ملابسه، وتصويره، وتغطية رأسه، وإعطائه تحاميل شرجية، وتوضع له حفائض، ويتم نقله بالطائرة إلى مكان سري.

وقال أحد الأشخاص، من الذين شاركو في التحقيق الذي أجراه المجلس الأوربي، مشيراً إلى التفتيش الشديد واستخدام التحاميل أثناء عملية نقل المعتقلين، قال "هذه الإجراءات كانت تستخدم لتجريد المعتقل من أي كرامة. وهي تحطم إحساس أي إنسان بالخصوصية. وقد تحول الاستجواب إلى عملية لا تتوقف عند حدود أخذ المعلومات، بل إلى إخضاع المعتقل إلى أسوأ صنوف الإذلال". وقد أكد الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية أن الوكالة كانت تقوم وبشكل متكرر بتصوير المحتجزين وهم عراة، "لأن هذا يسبب لهم الإحباط". وقال الشخص الذي شارك في التحقيق الذي أجراه المجلس الأوربي إن الصور كانت جزءً من عملية الرقابة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. لقد كانت تسلم إلى الضباط المسؤولين لمرجعتها.

وهنالك وثيقة حكومية سرية يعود تاريخها إلى 10ديسمبر 2002، تتناول بالتفصيل "الإجراءات القياسية لبرنامج (SERE) للاستجواب"، تقوم الورقة بتلخيص الفائدة من تعرية المعتقلين، تقول الورقة: "بالإضافة إلى إذلال المعتقل، يمكن استخدام التعرية لإظهار قوة الآسر، أو لإضعاف المعتقل". وتنصح هذه الوثيقة الأشخاص الذين يقومون بالاستجواب "بتمزيق ملابس المعتقلين بجر الثياب. ويجب أن يكون تمزيق الملابس من أعلى إلى أسف حتى لا يفقد المعتقل التوازن". كما تدعو المذكرة أيضاً إلى "الضرب على الكتف" و"الضرب على المعدة" و"تغطية الرأس" و"جر الجسد بشدة" و"التعليق على الجدار"، وسلسلة من "الأوضاع المتعبة" منها وضعية تسمى "أعبد الآلهة" (Worship the Gods).

في عملية الترحيل كان يتم الكشف على المعتقلين من أمثال خالد شيخ محمد بواسطة أطباء، حيث كانوا يقومون بقياس المؤشرات الحيوية، ويأخذون عينات من الدم، ويرسمون مخططاً للجسم البشري يحددون فيه مواضع الندوب والجروح، والعيوب أو التشوهات الأخرى. وكما يقول الشخص الذي شارك في تحقيق المجلس الأوربي "الأمر أشبه بتأجير سيارة، حيث تقوم بتحديد مواضع الخدوش في السيارة. وتقييم حالة أي معتقل جسدياً ونفسياً بشكل مستمر".

وبناءً على بعض المصادر، قال خالد شيخ محمد: أنه عندما كان في معتقل وكالة المخابرات المركزية، كان يتم وضعه في زنزانته حيث يبقى فيها عارياً لعدة أيام. وقد كان يتم استجوابه بواسطة عدد غير عادي من النساء، ربما لمزيد من الإهانة. وقد زعم أيضاً بأنهم كانوا يربطونه في مقود الكلب، ثم يربطونه به إلى جدران الزنزانة. ونقلت عنه بعض المصادر ادعاؤه أنه كان يتم تعليقه من يديه على سقف الزنزانة وأصابع يديه بالكاد تلامس الأرض. والضغط على رسغيه مما يسبب له آلاماً شديدة من جراء ذلك.

كما أن رمزي قاسم الذي كان أستاذاً في مدرسة القانون بجامعة يال، قال أن موكله وهو يمني، واسمه سند الكاظمي، وهو معتقل الآن في غوانتنمو، ادعى أنه كان يجد معاملة مشابهة في السجن المظلم، بالقرب من كابول. وادعى كاظمي بأنه كان يتم تعليقه من يديه على السقف لفترات طويلة، مما كان يسبب له ورم شديد وألم في قدميه. قال قاسم "إنه شيء مؤلم، من الصعب أن يتحدث عنه. ينهار باكياً عندما يتحدث عنه". كما ادعى كاظمي أيضاً بأنهم كانوا يضربونه بأسلاك الكهرباء وهو معلق في سقف الزنزانة.

وحسب بعض المصادر المطلعة على تقنيات الاستجواب، لقد صممت وضعية تعليق المعتقل على سقف الزنزانة لمنعه من النوم. وقال الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية، وهو لديه معرفة كافية ببرنامج الاستجواب "إن الحرمان من النوم له نتائج. حيث يؤدي إلى تغيير التوازن الإلكتروليتي للشخص (electrolyte balance). ويفقد التوازن والقدرة على التفكير بشكل عقلاني. ثم يفصح عن كل شيء". وقد عُرف الحرمان من النوم بأنه وسيلة فعالة للإكراه منذ العصور الوسطى، عندما كان يسمى "التعذيب بالأرق" أو (tormentum insomniae). كما كان يعرف في الولايات المتحدة أيضاً لعدة عقود على أنه شكل غير قانوني من أشكال التعذيب. كما أن تقرير اتحاد المحامين الأمريكيين الذي صدر عام 1930، والذي رجعت إليه المحكمة العليا الأمريكية في قرارها، جاء فيه ما يلي "لقد كان يعرف منذ عام 1500م على الأقل أن الحرمان من النوم هو من أشد أساليب التعذيب فاعلية، وهو وسيلة مؤكدة للحصول على الاعتراف الذي يراد الحصول عليه".

وبموجب القرار التنفيذي للرئيس بوش، فإن المعتقلين لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يجب أن يحصلوا على اللوازم الضرورية للحياة، ومنها الأكل والشرب المناسب، والمأوى واللباس الضروري، والحماية من درجات الحرارة العالية جداً والمنخفضة جداً، والرعاية الطبية الضرورية. وأما النوم، حسب ما جاء في الأمر التنفيذي، فهو ليس من بين الاحتياجات الضرورية.

بالإضافة إلى حرمان المعتقل من النوم، فإن إجباره على أن يظل واقفاً يمكن أن يسبب له آلاماً مع مرور الوقت. وقال المؤرخ ماككوي "لقد كان الوقوف لفترات طويلة هو من وسائل الاستجواب التي كان يستخدمها جهاز الـK.G.B.". وكتب المؤرخ في كتابه الذي صدر عام 2006 تحت عنوان "سؤال التعذيب" " A Question of Torture"، "لقد اكتشف السوفييت أن إجبار الضحية على الوقوف لفترة تتراوح بين ثمانية عشرة إلى أربعاً وعشرين ساعة يسبب له آلاماً مبرحة، حيث يتضاعف حجم الكاحلين، ويصبح الجلد مشدوداً ومؤلماً جداً، وتسيل الدماء من البثور، ويرتفع معدل ضربات القلب، وتقفل الكليتين، وتزيد الأوهام".

قيل أن خالد شيخ محمد ادعى أنه كان يُربط بالسلاسل عارياً على حلقة معدنية في جدار الزنزانة لفترات طويلة، مما كان يعرضه لألم شديد. (كما أن عدد من المعتقلين الذين كانوا محتجزين في السجن المظلم ذكروا أنهم تعرضوا لنفس المعاملة). كما ادعى أنه كان يتم وضعه بالتناوب تارة في غرف شديدة الحرارة، وأخرى في غرفة شديدة البرودة، حيث كان يتم تغطيسه في ماء بارد. وهذه الطريقة التي تؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم محظورة بموجب اتفاقيات جنيف، كما أن القرار التنفيذي الجديد للرئيس بوش يمنع استخدامها.

ادعى بعض المعتقلين الذين كانت تحتجزهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن زنازينهم كانت تتعرض لأصوات مزعجة تصم الآذان على مدار أربعة وعشرين ساعة في اليوم لأسابيع، بل حتى لشهور. وقال أحد المعتقلين، واسمه بنيام محمد، وهو الآن في غوانتنمو، قال لمحاميه كليف ستافورد سميث، أن مكبرات الصوت كانت تصدح بالموسيقى الصاخبة في زنزانته بينما هو مقيد. ويتذكر المعتقلين أن تلك الأصوات كانت مثل ضحكات الغول التي تستخدم في الموسيقى التصويرية في أفلام الرعب. وقال ستافورد سميث أن موكله وجد أن التعذيب النفسي أشد قسوة و أصعب احتمالاً من التعذيب الجسدي الذي قال أنه كان يتعرض له في المغرب في وقت سابق، حيث أن عملاء الاستخبارات المحليين كانوا يجرحونه بشفرات الحلاقة حتى تسيل منه الدماء. وقال ستافورد نقلاً عن بنيام محمد "إن وكالة المخابرات المركزية كانت تعذب الناس ليل نهار. حيث أن الكثيرين منهم فقدوا عقولهم. لقد كنت أسمع أشخاص وهم يضربون الجدران والأبواب برؤوسهم، ويصرخون".

وقال البروفيسور قاسم أن موكله اليمني كاظمي قال له أنه حاول الانتحار ثلاث مرات أثناء اعتقاله في السجن المظلم، وذلك من خلال خبط رأسه على الجدار. قال قاسم "لقد ظل يفعل ذلك حتى فقد الوعي، فقاموا بخياطة الجروح على رأسه، ثم فعلها مرة أخرى. وفي المرة التالية عندما أفاق، وجد نفسه مقيداً بالسلاسل، وأعطوه أدوية مسكنة، وربطوه بطريقة أشد".

كما أن قضية خالد المصري، وهو معتقل آخر وجدت قدراً كبيراً من الاهتمام. وهو بائع سيارات ألماني ألقت المخابرات المركزية الأمريكية القبض عليه عام 2003 وأرسلته إلى أفغانستان، وذلك بناءً على معلومات استخبارية خاطئة، وأُفرج عنه في عام 2004، ويقال أن كوندوليزا رايس اعترفت بهذا الخطأ للمستشار الألماني. ويعتبر المصري واحد من أكثر المصادر الموثوق بها حول برنامج السجون السرية، لأن ألمانيا أكدت بأنه لم تكن له أي صلة بالإرهاب، وقد تحدث أيضاً عن المعتقلين الذين كانوا يضربون برؤوسهم الجدران، وأغلب رواياته ظهرت في الصفحات الأولى لصحيفة التايمز. ولكن في زيارة له إلى أمريكا في الخريف الماضي، بكي عندما تذكر محنة شخص تنزاني في الزنزانة التي كانت تجاور زنزانته. قال "يبدو أن الرجل كان قد بلغ الحضيض من الناحية النفسية. فقد كنت أسمعه وهو يضرب الجدار برأسه في يأس، لقد حاولت تهدئته. وسألت الطبيب: ألا تعتني بهذا الآدمي؟ ولكن الطبيب الذي وصفه المصري بأنه طبيب أمريكي، رفض مساعدته، وقال المصري أيضاً أنه علم بأن الحراس كانوا يضعون التنزاني في حقيبة لفترات طويلة- وقد كان يشم رائحة كريهة جعلته يتقيأ كانت تنبعث من تلك الحقيبة. (قال المصري أنه لم يشهد معاملة سيئة كهذه).

وقد وصف المصري السجن الذي كان معتقلاً فيه في أفغانستان بالحفرة القذرة، ذات جدران تحمل كتابات (خربشة) باللغتين البشتونية والعربية. لم يعطوه سرير، فقط صرفوا له بطانية خشنة لينام بها على الأرض، لقد كان الجو شديد البرودة في الليل، وكان الماء فاسداً ومتعفناً، ولو أخذت منه جرعة تحس بطعمها السيئ في فمك لعدة ساعات. وتشم الرائحة الكريهة لهذا الماء على بعد ثلاثة أمتار منه، وقال أن حفر الملح هذه كانت تدار بواسطة الأمريكيين، فلم يكن ذك سراً، فقد كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم أمريكيون، وأضاف "عندما يحدث أي شيء كانوا يقولون أنهم لا يستطيعون اتخاذ القرار"، ويقولون "يجب أن نحيل الموضوع إلى واشنطن"، وقال أن غرفة الاستجواب في السجن كانت تحت إشراف نصف دستة من الرجال الملثمين يتحدثون اللغة الإنجليزية، حيث دفعوه وصاحوا في وجهه "أنت في بلد لا يوجد فيه حكم القانون، فربما تدفن هنا".

وبناءً على ما قاله اثنين من الضباط السابقين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن الشخص الذي كان يتولى التحقيق مع خالد شيخ محمد قال لهما أن الباكستاني كان يحتجز في زنزانة كانت تحمل عبارة تقول "القاتل الذي يفتخر بقتل ثلاثة آلاف أمريكي". غير أن هنالك مصدر آخر شكك في صحة هذه الرواية. وقد دافع أحد الضابطين عن برنامج وكالة المخابرات المركزية قائلاً "لم يتعرض خالد شيخ محمد لأي شيء لم يتعرض له المحققون أنفسهم" – في إشارة إلى برنامج التدريب (SERE). غير أن تقرير الصليب الأحمر يؤكد بأن هنالك استخدام لعدة تقنيات بشكل متزامن ولفترات زمنية طويلة حيث أصبحت المعاملة "سيئة للغاية". السناتور كارل ليفين، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، والذي كان من أبرز المنتقدين لتبني الإدارة لأساليب الاستجواب القاسية، قال أنه خصوصاً مع التجرد من الإحساس "هنالك وجهة نظر حول التعذيب نفسه، حيث يمكنك أن تضع شخصاً في الثلاجة وتقول أنه تعذيب".

ذات يوم نقل خالد شيخ محمد على ما يبدو إلى سجن مخصص للمعتقلين المهمين في بولندا، وكانت هذه التنقلات سرية للغاية، وذلك حسب تقرير المجلس الأوربي، وكانت وكالة المخابرات المركزية تضع خطط طيران وهمية لهذه التنقلات، بحيث توحي بأن تلك الطائرات كانت تتجه إلى أماكن أخرى، وبمجرد دخول الطائرة للأجواء البولندية، تقوم سلطات الطيران البولندية بمتابعة الطائرة سراً، بدون أن تترك أي شيء يدل على هذه الطائرة، ويشير تقرير المجلس الأوربي إلى أن السلطات البولندية كانت تقدم خطة طيران لرحلة ذات اتجاه واحد فقط من الأراضي البولندية، حيث كانت تختلق وثائق مضللة، (الحكومة البولندية أنكرت بشدة وجود أية سجون سرية في أراضيها).

لقد كان السجن السري في بولندا يحتجز فيه عدد من المعتقلين المهمين لا يتجاوز عددهم الستة معتقلين، ولم يتم الإفراج عن أي أحد منهم من سجن حكومي، ولذلك، لم تظهر أية روايات مباشرة عن فترة اعتقالهم فيه، ولكن حسب بعض مصادر حسنة الاطلاع، فقد كان هذا السجن أكثر تطوراً بكثير من تلك السجون في أفغانستان، فقد كانت الزنزانات ذات أبواب هيدروليكية ومكيفة الهواء. وكانت كل زنزانة مزودة بكاميرات تصوير عديدة لمراقبة المعتقلين، وكانت الظروف أفضل من غيرها في بعض الحالات، فقد كان يحصل المعتقلون على مياه شرب معبأة. وقال روبرت غرينيير، المدير السابق لمكافحة الإرهاب بالوكالة، بدون أن يؤكد وجود السجون السرية، "لقد أصبحت تقنيات الوكالة أقل عدائية بعد أن تعلمت فن الاستجواب"، وأضاف "وهو فن بالفعل".

لقد كان خالد شيخ محمد محتجزاً في حالة من الحرمان الحسي يتم خلالها محو أي شيء من الذاكرة، ويصف تقرير المجلس الأوربي نظام للعزل مدته أربعة أشهر، حيث لا يستطيع المعتقلين رؤية الضوء الطبيعي، وبالتالي يستحيل عليهم معرفة ما إذا كان الوقت ليلاً أو نهاراً، ويتعاملون فقط مع حراس مقنعين وصامتين لا يتحدثون معهم، (وقال أحد الذين كانوا معتقلين فيما يحتمل أن يكون السجون السرية في أوربا الشرقية، واسمه محمد الأسد، قال لي أنه كان يتعرض للتشويش أو ما يسمى بالإزعاج الأبيض بشكل مستمر، كما أنه كان يسمع أصوات أشخاص يصرخون أثناء انقطاع الكهرباء). وحسب مصدر مطلع على تقرير الصليب الأحمر الدولي، فأن خالد شيخ محمد ادعى أنه كان يتم تقييده وتجريده من ملابسه ما عدا زوج من النظارات وواقيات الآذان. (بعض المعتقلين كانوا يتركون عراة لأكثر من أربعين يوماً). وهو لا يدري شيئاً عن المكان الذي كان فيه، غير أنه في إحدى المرات لمح حروفاً بولندية على قارورة ماء.

لقد كانت وجبات الطعام في برنامج وكالة المخابرات لمركزية تعطى بشكل متقطع، لضمان فقدان المعتقلين الإحساس بالزمان والمكان. وقد كان الطعام دائماً عديم الطعم، وهو بالكاد يكفي لسد الرمق.

خالد شيخ محمد الذي تم تصويره عند اعتقاله في راول بندي، كان يبدو مترهلاً وأشعث، يقال الآن أنه نحيل. ويقول خبراء في برنامج وكالة المخابرات المركزية أن إدارة الغذاء جزء من ترسانة الأسلحة النفسية للوكالة، وقال الشخص الذي شارك في تحقيق المجلس الأوربي "لقد كان كل ذلك جزءاً من التكيّف، وكلها تستدرج الشخص إلى زيادة اعتماده على الآخرين".

وقال مصدر على صلة بالتقرير أن أغلب المعتقلين في السجن البولندي كان يتم تغطيسهم في الماء، بما فيهم خالد شيخ محمد. وحسب مصدر مطلع على تقرير الصليب الأحمر، فأن خالد شيخ ادعى أنه تم تغطيسه في الماء خمس مرات. غير أن اثنين من الضباط في الوكالة وهما صديقان لأحد الذين قاموا باستجواب خالد شيخ قالا أن هذا مجرد تظاهر بالشجاعة، وأصرا على أنه غطس مرة واحدة فقط. وحسب أحد الضابطين فأن خالد شيخ فيما بعد كان ينهار لمجرد رؤية أجهزة التغطيس.

وقال الضابط السابق في الوكالة أن عمليات التغطيس في الماء مخيفة جداً، فالاختناق شيء مفزع جداً، وقال أن خالد شيخ لم يقاوم، بل كان يغني، ثم انهار بسرعة شديدة. وأضاف الكثيرين منهم قالوا أنهم يريدون الحديث، لديهم غرور لا يمكن تخيله.

وقال الضابط السابق أن الوكالة كانت تحضر طبيباً أثناء التحقيق، وأصر على أن طريقة الاستجواب كانت آمنة وفعالة، ولكنه قال أنها يمكن أن تسبب أضرار نفسية تدوم طويلاً لدى الأشخاص الذين يقومون بالاستجواب، وقال الضابط السابق في الوكالة أنه أثناء الاستجواب كان الضباط يعملون في شكل فرق تراقب بعضها من خلال المرايا، وقال بالرغم من هذا الدعم إلاّ أن الشخص الذي كان يستجوب خالد شيخ كان يعاني من كوابيس مرعبة، وأضاف لو تخطيت هذا الخط من الظلام، فمن الصعب أن ترجع، فقد فقدت روحك، يمكنك أن تبذلك قصارى جهدك لتبرير ذلك، ولكنه أمر خارج عن المعايير، لا يمكنك أن تذهب إلى ذلك المكان المظلم وتسلم من التغيير.

لقد كان هنالك نقاش متوتر بين المسؤولين القلائل في الوكالة الذين كانوا على علم بتفاصيل برنامج الاعتقال والاستجواب، حول حدود المعاملة، وقال جون برينان رئيس الأركان السابق لجورج تينيت: "كل هذه تقع على مقياس الضغط الأخلاقي الخاص بكل شخص"

فالتغطيس في الماء على وجه الخصوص، سبب قلقاً للكثير من المسؤولين، من وجهتي النظر الأخلاقية والقانونية، وحتى عام 2002، عندما أصر محامو إدارة بوش على أن التغطيس في الماء وسيلة يسمح باستخدامها في استجواب "المقاتلين الأعداء"، وذلك بالرغم من أنها مصنفة ضمن أشكال التعذيب، وتعامل على أنها جريمة جنائية خطيرة، فقد خضع جنود أمريكيون لمحاكمات عسكرية بسبب إخضاعهم بعض الأسرى للتغطيس في حرب فيتنام.

وقال مصدر في وكالة المخابرات المركزية أن خالد شيخ محمد لم يتعرض للتغطيس إلاّ بعد أن قرر المستجوبين بأنه لديه معلومات لا يريد أن يطلعهم عليها، غير أن خالد شيخ قال بوضوح بأنه كان يتعرض للتغطيس حتى بعد أن تعاون معهم، وتشير بعض الهوامش في تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر إلى أنه في 17 إبريل 2003، أي بعد شهر ونصف من اعتقاله- كان خالد شيخ محمد قد بدأ في الإدلاء بمعلومات هامة عن تنظيم القاعدة، ولكن على حد قول الشخص الذي كان مشاركاً في التحقيق الذي أجراه المجلس الأوربي أن خالد شيخ كان معتقلاً في حجز انفرادي لعدة سنوات. وخلال هذه السنوات أدلى بمعلومات استخبارية عن تاريخ مخطط الحادي عشر من سبتمبر، وهيكلة وعمليات تنظيم القاعدة، كما أنه أدلى بمعلومات عن مؤامرات كانت لا تزال في مراحلها الأولية، مثل بعض الخطط التي كانت تهدف لضرب بعض الأهداف في الساحل الغربي لأمريكا.

ولكن في نهاية الأمر، ادعى خالد شيخ محمد مسؤوليته عن الكثير من الجرائم لدرجة أن شهادته بدت وكأنها مريبة، فالإضافة إلى اعترافه بقتل بيرل، قال أنه وضع خططا لاغتيال الرؤساء كلنتون، وكارتر، والبابا يوحنا بولس الثاني، وقال بروس ريدل الذي كان يعمل محللاً لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتسعة وعشرين عاماً، ويعمل الآن في معهد بروكنجز "من الصعب أن تصدق أي جزء من هذه الاعترافات الكثيرة التي أدلى بها، نظراً للحالة التي وجد فيها نفسه، فخالد شيخ محمد ليست له أي فرصة ليرى الحرية مرة أخرى، ولذلك فإن عزاؤه الوحيد في هذه الحياة هو أن يصور نفسه على أنه جيمس بوند الجهاد".

وفي عام 2004، كانت هنالك دعوات متزايدة داخل الوكالة لتحويل المعتقلين المهمين الذين أدلو للمحققين بكل ما لديهم من معلومات إلى سجن عسكري، وأن يسمح لهم بنوع من المحاكمة العادلة، ولكن دونالد رامسفيلد الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك، والذي كان متهماً بشدتة في المعاملة السيئة في السجون العسكرية كسجن أبي غريب وغوانتنمو، رفض استلام هؤلاء المعتقلين من الوكالة، وقال مسؤول كبير في الوكالة "لقد كان موقف رامسفيلد، يعني "لديكم مشكلة حقيقية"، وأضاف المسؤول "لقد كان رامسفيلد ثالث أقوى شخصية في الولايات المتحدة، ولكنه كان ينظر إلى مصلحة وزارته فقط – وليس إلى مصلحة الإدارة بشكل عام"، (وقال متحدث باسم رامسفيلد أنه لا تعليق لديه على هذا الموضوع).

وقد ظل مسؤولو الوكالة في وضع حرج حتى أصدرت المحكمة العليا حكمها في قضية حمدان، والذي حثت فيه الإدارة على إرسال آخر من تبقى لديها من المعتقلين المهمين إلى كوبا، وشعر روبرت غرونيير كأي شخص غيره في وكالة المخابرات المركزية بالارتياح، وقال "كان يجب أن يكون هنالك نوع من المحاكمة العادلة، لا يمكننا أن نجعل الناس يختفون هكذا ببساطة"، ومع ذلك أهم مصادر للمعلومات التي حصلنا عليها بعد الحادي عشر من سبتمبر كان من استجواب المعتقلين المهمين، لأنه لديهم معرفة عملية. وأضاف "يمكنني احترام وجهة نظر الذين يعارضون الاستجواب القاسي، ولكن يجب عليهم أن يعترفوا بأن مبادئهم يمكن أن تعرّض حياة الأمريكيين للخطر".

غير أن فيليب زيليكو، المدير التنفيذي للجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والذي أصبح كبير المستشارين لوزارة الخارجية الأمريكية فيما بعد في عهد رايس، ليس مقتنعاً بأن انتزاع المعلومات من المعتقلين يبرر إخضاعهم "لتعذيب جسدي"، وبعد أن غادر الحكومة العام الماضي أدلى بحيث في هيوستن قال فيه: "السؤال يجب أن لا يكون: هل حصلت على معلومات ثبت أنها مفيدة؟ بل يجب أن يكون: هل حصلت على معلومات يمكن الحصول عليها فقط من خلال هذه الأساليب؟ وخلص إلى القول "وجهة نظري الخاصة أن الأساليب الوقحة وإخضاع المعتقلين بشكل متكرر "للتعذيب الجسدي" وما يرافقه من الإرهاب النفسي، شيء غير أخلاقي".

وبدون المزيد من الشفافية، لا يمكننا تحديد قيمة برنامج وكالة المخابرات المركزية للاعتقال والاستجواب، وبصرف النظر عن المسائل القيمية والأخلاقية والقانونية، حتى مؤيدو هذا البرنامج من أمثال جون برينان، يعترفون بأن أغلب المعلومات التي تم انتزاعها لا يمكن الاعتماد عليها، وكما يقول "جميع هذه الأساليب أسفرت عن معلومات مفيدة، ولكن كان هنالك الكثير من المعلومات المزيفة". وبعد إلحاح، قال مسؤول كبير سابق في الوكالة أن ما يقدر بحولي "تسعين بالمائة من المعلومات لا يمكن الاعتماد عليها". ويقال أن البرقيات التي كانت تحمل تفاصيل الاستجواب مع خالد شيخ محمد كان مكتوباً عليه تحذيراً يقول "هذا المعتقل عرف بحجب المعلومات أو التضليل المتعمد"، وخالد شيخ محمد، كغيره من كبار المسؤولين في تنظيم القاعدة الذين كانت تعتقلهم الوكالة، ادعى بأنه يكذب أثناء الاستجواب لإرضاء سجانيه.

من الناحية النظرية يمكن للجنة عسكرية أن تقوم بفرز التفاصيل وتحدد الأجزاء التي يمكن الاعتماد عليها من اعترافات خالد شيخ من تلك التي يمكن أن تكون مجرد أكاذيب، ثم توجه إليه الاتهام، وقال الكولونيل موريس دافيس، كبير المدعين في مكتب المحاكم العسكرية، أنه يتوقع توجيه التهم إلى خالد شيخ محمد "خلال عدة أشهر". وأضاف "سأصاب بالصدمة إذا لم يسعى الدفاع إلى جعل المعاملة التي كان يخضع له خالد شيخ محمد مشكلة بالنسبة لي، ولكني لا أظن أن الأمر سيكون مستعصياً".

ويخشى معارضو الإدارة الأمريكية من أن الطبيعة غير التقليدية لبرنامج الاستجواب والاعتقال الذي تديره وكالة المخابرات المركزية سيجعل من المستحيل مقاضاة كبار قيادات تنظيم القاعدة الذين يقبعون في هذه المعتقلات، وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن بعض الادعاءات الموثوق بها بوقوع التعذيب جعلت أحد المدعين من سلاح القوات البحرية يمتنع عن توجيه التهم ضد محمد ولد صالح، الذي يقال أنه من قادة تنظيم القاعدة ومحتجز في غوانتنمو، وتساءل بروس ريدل المحلل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية "ماذا ستفعلون بخالد شيخ محمد على المدى البعيد؟ إنه سؤال جيد. لا أظن أن هنالك من يملك الإجابة، فلو أخذناه إلى أي محكمة حقيقية في أمريكا، فأن أي قاض حسب اعتقادي سيقول لا يوجد دليل مقبول، وستلغى القضية".

والمشكلة في الاعترافات التي تم انتزاعها من خالد شيخ محمد تبدو أكثر أهمية بشكل خاص في قضية دانيال بيرل، فربما قام خالد شيخ بقتل بيرل، ولكن الأدلة ووجهات النظر المناقضة لهذا الاعتراف لا تزال تطفو على السطح، حيث أن يسري فودة، الصحفي في قناة الجزيرة الذي أجرى مقابلة مع خالد شيخ محمد في كراتشي، قال بالرغم من أن خالد شيخ محمد سلمه حزمة من المواد الدعائية، من بينها شريط فيديو لم يتم تحريره عن حادثة قتل بيرل، إلاّ أنه لم يشر إلى قيامه بأي دور في عملية القتل التي تمت في نفس المدينة قبل شهرين فقط من تلك المقابلة، وقال مسؤول فيدرالي على علاقة بقضية خالد شيخ محمد "ليس لديه سوابق في القتل بيديه، بالرغم من أنه أكد سعادته لارتكاب جريمة قتل جماعي عن بعد". وقال المسؤول أن قيادة تنظيم القاعدة تركز أكثر على أهداف رمزية ذات دلالات سياسية، فالأمر بالنسبة له ليس مسألة شخصية، بل هو عمل يقوم به".

وقال السناتور ليفن: في الأحوال العادية يعرف النظام القانوني الأمريكي بأنه يسعى لحل مثل هذه الألغاز بعناية واجتهاد، ولكن برنامج الاستجواب السري لوكالة المخابرات المركزية قضى على ثقة الرأي العام على نظام العدالة الأمريكي، هنا وفي الخارج. وتساءل "شخص خطير كخالد شيخ محمد، نصف العالم يستغرب كيف يصدقونه- هل هذا ما نريد؟ التصريحات التي لا يمكن تصديقها لأن الناس يعتقدون أنها انتزعت منه تحت وطأة التعذيب؟".

وقالت إسراء نعماني، صديقة أسرة بيرل، عن اعترافات خالد شيخ محمد "أنا لا أحب الأحكام الظالمة حتى ضد الأشخاص السيئين، لقد كان داني شخص صاحب ضمير، ولا أظنه كان سيرضى بكل هذه الأفعال القذرة.

ولا أعتقد أنه كان سيرضى بتعذيب شخص. كان سيرفض هذا الأمر، وهذه نوعية المواضيع التي كان سيحقق فيها داني، لقد كان يؤمن بالقيم الأمريكية".

المصدر:

http://www.newyorker.com/reporting/2007/08/13/070813fa_fact_mayer

(141)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي