ربما لا يلام السوري "المعثر" البعيد عن أي نشاط سياسي منظم أو حتى إعلامي إذا كفر بالمؤتمرات والاجتماعات وكل أشكال العمل السياسي، الذي لم يقدم له شيئا حقيقيا مما طمح ويطمح إليه منذ ربيع العام 2011، مثلما لم تقدم له البندقية سوى الدماء.
ومن جملة ما يكفر به هذا السوري، في هذه الآونة اجتماعات اللجنة الدستورية المنعقدة في جنيف. لكن هذا "الكفر"، يصبح شكلا من أشكال الردح عندما يصدر عن سياسي من دون أن يقدم هذا السياسي رؤاه البديلة أو رؤى الجهة أو التيار السياسي الذي يمثله، فالعمل السياسي لا يدار بمنشور فيسبوك يداعب رغبات الناس وأحلامهم التي تمت المتاجرة بها لسنين طويلة.
منذ أكثر أربع سنوات وساسة المعارضة السورية يلعبون دور "المزهرية" ويأخذون دور المتفرج، وفي أحسن حالاتهم يلقون علينا محاضرات مكتوبة على شكل مقالات رأي، علما أن أغلبهم وحتى هذه اللحظة مازالوا أعضاء في "مؤسسات" المعارضة أو على هوامشها وما أكثرها.
النظام وكما هي العادة، مازال متقدما على المعارضة زمنيا، وعندما أنجز دستور العام 2012 كان يعي أنه سيحيله إلى ورقة يستند عليها في مقبل الأيام، وهذا ما يحدث فعليا، في الوقت الذي لم تنجز فيه المعارضة طيلة السنوات الماضية أيا من الملفات التي يفترض أنها مسؤولة عنها.
لن نخوض في هذه المساحة في مجال الردح والتخوين وتوزيع شهادات الوطنية، ولا في مجال مدح وتبجيل من يمثلون المعارضة في اجتماعات اللجنة الدستورية، لكن الحكمة تقتضي أن لا يقف السوري المعارض، لاسيما المعني بالعمل العام في المكان الأقرب إلى النظام، انطلاقا من أحقاد شخصية مريضة على هذا العضو المشارك أو ذاك، أو ربما رغبة من مغازلة الرأي العام في مقال أو ربما منشور فيسبوك. مسألة اللجنة الدستورية، باتت أمرا واقعا بتأييد أمريكي روسي ومن خلفه الأمم المتحدة، أي إن مخرجاتها، إن وصلت إلى مرحلة "المخرجات"، في أسوأ حالاتها ستضاف إلى "وثائق" الملف السوري الذي سيتم طيه يوما على طاولة توضع فوقها كافة الوثائق.
أما ما أراه واجبا على ساسة المعارضة لاسيما من هم من أهل القانون، فهو تقديم رؤاهم "الدستورية"، بل لا ضير من أن يتنادى أهل الاختصاص للتجمع وتقديم طروحاتهم، فهذا خير لهم من انتظار "اللايكات" على الفيسبوك.
أخيرا، عزيزي حامل فحص "دي إن أيه" الوطنية... دستور من خاطرك وطنيتك.
دستور من خاطر وطنيتك.. حسين الزعبي*

*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية