لم تمطر بعد سماء جنيف سلاما منتظرا على الدستورية السورية والتي انتهت اجتماعاتها الموسعة وأخذت استراحة "محارب" ليوم واحد لتبدأ اليوم أعمال لجنتها المصغرة الـ (45) فيما ما يزال الشارع منقسما بين منتظر لنتائج وبين رافض للمشاركة تحت مبررات تبدأ من مخاوف إطالة الوقت دون إحراز نتائج بعد تجارب مريرة مع نظام الأسد، سيما وأن الكثير من القرارات الدولية معطلة والانقسام الإقليمي والدولي مستمر.
اللجنة المصغرة أقرت نظامها الداخلي بما يسمح بسير أعمالها بسلاسة لا تعكرها "مشادات" الموسعة، ومدونة سلوك تخفف كثيرا من غلواء التعطيل الوارد، والأهم أنها حددت مهمتها بمناقشة الدستور وإقراره وعرضه إن احتاج على اللجنة الموسعة، ولعلها تركت من هذا الباب رسالة كما يقول متابعون "القرارات ماضية للتوقيع وليس للتعطيل"، مستندين لتصريحات سابقة من الجانب الروسي والإيراني وضمانة دولية ممثلة بالأمم المتحدة.
الجباوي
ويقول عضو اللجنة الدستورية الدكتور إبراهيم الجباوي:"الفكرة التي يجب أن يعلمها الجميع أننا لن نعدل دستورا، بل سنصيغ دستورا جديدا يتوافق وتطلعات الشعب السوري ولن يكون هذا ليحكم بموجبه بشار الأسد بل لسوريا المستقبل، والنظام يدرك ما نسعى إليه، لذلك حاول المبادرة بالتشبيح وتمجيد عناصر جيشه للقتل والبوط العسكري والتغني بانتصارات زائفة لم تكن لولا الطيران الروسي، كما حاول إلصاق تهمة الإرهاب بوفد المعارضة وأنهم من دمروا المدارس والمشافي وهجروا السكان، فكان ردنا صاعق وحازم لم يتحملوا سماع كلمة جيش حر ولا ثورة لكننا أسمعناهم رغما عنهم".
ويضيف الجباوي "الخمسة أيام القادمة ستكون محورية، باعتبار الدستور هو عمودها الفقري، بمعنى أننا بدأنا بالقطاف وعلينا الصبر وأيدينا ممدودة للسلام لإنقاذ سوريا وشعبنا".
ثمة تباينات لم تحسم حتى الساعة بشأن ساعات الاجتماعات، وبحسب التسريبات المتداولة فإن وفد النظام اقترح نظام الجلسات لأربع ساعات فقط فيما اقترحت المعارضة نظام الـ8 ساعات وعبر ورش صغيرة تجتمع بنهاية يومها المقرر والمتفق عليه مع بدء الجلسات.
مصادر متابعة رأت أن الميسر الأممي يمضي بوقت إضافي وهذا ما يرجح استبعاد مقترح النظام، مذكرا أن أيام الموسعة وما فيها من تشنجات ومشادات كلامية تحمل ضغطها الميسر الأممي، فهل يقبل بنظام الساعات الأربع.
ورأت مصادر أنه يمكن "الأمل" باعتبار تمسك وفد النظام بدستور الـ2012 ومواده 157- لن يأخذ حيزا طويلا من النقاش، فبعض الفقرات العامة متوافق عليها، وستمر بسلاسة، لافتة إلى أن أبرز القضايا ستكون عند مواد الرئاسة وصلاحياتها ودورها وهو ما يخيف وفد النظام لانه يعتبرها مقدسة".
العريضي
عضو اللجنة الدستورية والمتحدث باسم هيئة التفاوض الدكتور "يحيى العريضي" اعتبر أن المهمة ليست سهلة، إنها تغيير شامل، وصحيح أن الجليد لم يكسر كاملا لكن كسر منه الكثير".
وحول غياب جدول زمني محدد لنهاية أعمال اللجنة الدستورية المصغرة اعتبر العريضي "أن الزمن المفتوح ربما يكون أحد المبررات التي أصابت اللجنة الدستورية منذ بداية تشكلها، فأخذت وقتا طويلا لتشكيلها، لكن إذا كانت هناك إرادة طيبة وسورية هي العنوان وبأن السوريين يعرفون أن مرارة التسع سنوات وما خلفته ستكون حاضرة لنتجنب تكرارها مستقبلا فلا ينحازون لأفكار مغلقة والانفتاح لمستقبل يعني 23 مليون سوري".
في شوارع جنيف ظهيرة الأحد أمس رصدنا بعض اللقاء بين صحفيين من فريقي النظام والمعارضة، ومثلها أو قريبة منها بعض التحيات بين "فرقاء الدستورية" فمن بقي في جنيف هم فقط -45- ممثلي المعارضة والنظام والمجتمع المدني وقد يساهم ذلك بحسن إدارة واستثمار الوقت من قبل رئيسي الجلسة "الكزبري" و"البحرة" وبرعاية مباشرة من الميسر الأممي عبر خمسة أيام متواصلة.
وكانت مصادر في وفد النظام قد أشارت إلى دستور جاهز أعده فريق المعارضة في إشارة لرمي تهمة الارتهان للخارج، لكن مصادر وفد المعارضة لجنيف أكدت لـ"زمان الوصل" أن ما تم إعداده قراءات لدساتير سورية ونقاشها وإجراء بعض الملاحظات والهوامش عليه بما يكفل سرعة إنجاز العمل وإنجاز دستور يليق بالسوريين مشابه للدول الديمقراطية.
وردت هذه المصادر أن وفد النظام لم يحضر أي شيء مكتفيا بتمسكه بدستور الـ2012 الذي يمنح الرئاسة صلاحيات أوصلتنا إلى ما نحن فيه في إشارة لواقع الانقسام والتهجير واللجوء والدمار والاعتقالات في سوريا".
"هادي البحرة" رئيس وفد المعارضة للجنة الدستورية كان قد أكد سابقا: "أن اللجنة لا حدود لعملها وستدرس كافة الدساتير السورية، حيث صاغ السوريون دساتير لبلدهم اول دستور لهم في العام 1920 وتلاه بعد ذلك دستور عدة دساتير أخرى سيدرس كل السياق الدستوري ونحاول صياغة دستور حديث يحقق تطلعات السوريين لا سيما الشباب في سوريا ليكون وطن حر ومستقل يكفل حرياتهم ويحقق المواطنة للجميع".
وحول آليات العمل للجنة المصغرة أوضح "البحرة" لا يوجد توقيت زمني لها ستعمل بشكل مستمر ومتواصل لتضع صيغ لمضامين دستورية محتملة يتم نقاشها في مرحلة لاحقا في اللجنة الموسعة ليتم إقرارها أو إعادتها".
وأكد "البحرة" أن الدستور السوري سيكتبه السوريون بأيديهم وأقلامهم ولن يكتبه الأجانب، وليس هناك أي صيغة جاهزة مقدمة لكن عدة مشاريع صاغها السوريون لأنظمة مختلفة بخبراتهم وسيتم نقاشها جميعاً بما يحقق التوافق وما يتطلع إليه السوريون".
محمد العويد – زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية