أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آن أوان العراق..‏ حسين الزعبي*

من احتجاجات بغداد - جيتي

 يختبئ الكثير من ساسة العراق وقادة الميليشيات، ومعهم حشد من المحللين خلف المرجعية ‏الدينية الشيعية خلال تصريحاتهم المبررة للإجرام الذي يرتكب بحق المتظاهرين ولا ‏ينافسه في بشاعته سوى ما تعرض له المتظاهرون في سوريا، علما أن المرجعية الشيعية، ‏مرجعية "السيستاني"، وصفت من يقتلون المتظاهرين بأنهم مجموعات مجرمة تحميها ‏الحكومة، وهذا التوصيف يمثل سقفا مرتفعا في خطاب المرجعية، ويتوافق مع وصف ‏المتظاهرين الذين أكدوا من خلال ما نقلوه للعالم من تسجيلات أن القناصة يتحركون مع ‏القوات الأمنية الحكومية، مع تأكيدهم أن بينهم مجموعات قدمت من إيران..‏ فهل بدأت المرجعية الدينية في العراق بالتململ من التبعية "السياسية" لإيران، وهل جاء ‏الوقت المناسب لاسترداد هيبة المرجعية العربية "الشيعية" التي صادرتها "قم"؟ ‏ الإجابة على الشق الثاني من السؤال، واضحة وبسيطة، فمن المؤكد أن هذا هو الوقت ‏المناسب، فشباب العراق الثائر هم من الشيعة، والقتلة ممن يأتمرون بأوامر إيران، ‏وبالتالي هي فرصة حقيقية ليس فقط للتخلص من التبعية الإيرانية، بل ربما يشكل فرصة ‏‏"للمرجعيات" لقيادة الحراك كما ساهمت بقيادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، ‏وإنقاذ الهوية الوطنية العراقية، ومعها الهوية الشيعية العربية التي حولتها إيران إلى وقود ‏في محارقها التي أشعلتها في المنطقة.

أما الشق الأول من السؤال، فمن الصعوبة بمكان الإجابة عليه، فالعراق كله في فم إيران، ‏التي لا تتورع عن استهداف أي مرجع ديني قد يخرج عن السرب، مثلما لا تتورع عن ‏استهداف المراقد الشيعية واتهام السنة، كما حذر الكثير من العراقيين، والبدء بمجزرة ‏طائفية تتغذى عليها الميليشيات المسلحة والأحزاب لسنوات قادمة.‏

إلا أن ما سيصدر عن المرجعية من موقف في ردها على المجزرة التي ارتكبت في ‏كربلاء "خلال كتابة هذه الزاوية"، وضحاياها عشرات المتظاهرين، سيكون بمثابة مؤشر ‏على التوجه المقبل للمرجعية القادرة على تحريك شريحة كبيرة جدا من العراقيين.‏

ما يشهده العراق، لا يشكل فرصة للمرجعية الدينية فحسب، بل فرصة للعراقيين المؤمنين ‏بالوطنية العراقية قبل إيمانهم بالانتماءات الدينية، من الذين تم تحجيمهم ووضعهم في حالة ‏‏"عطالة" تجاه ما يشهده العراق منذ العام 2003، فرصة لاستعادة زمام المبادرة والبدء ‏بالتأثير في الشارع الذي بات جاهزا لاستقبال طروحات غير تلك التي يقدمها معممو إيران ‏وغيرها، لاستعادة الوطنية العراقية، فالاحتجاجات التي تشهدها المدن العراقية وإن رفعت ‏شعارات خدمية، مطلبية، إلا أن حقيقة ما تبحث عنه هو الهوية العراقية الجامعة التي ‏تتناقض مع الطاغوت الإيراني المهيمن على العراق، وهذا لا يخفى إلا على كل أعمى ‏بصيرة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(193)    هل أعجبتك المقالة (200)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي