أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سقوط الآلهة... عدنان عبدالرزاق*

من مظاهرات العراق - جيتي

إن كانت "إيزيس" بالحضارة الفرعونية، هي الحاكمة الأولى والربة الأعلى الغامضة التي تصنع الكائنات المقدسة والبشر كما تريد، فإن المساعي لزراعة "روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني" كإله جديد يُعبد، أو كواجهة وممثل الله على الأرض، لم تزل-مساعي الزراعة - قائمة، حتى قبل الإطاحة بالملكية البهلوية" محمد رضا بهلوي" وقيادة ما قيل إنها ثورة إسلامية بإيران عام 1979، وقت رعا الديمقراطيون "الاله الجديد" وأوصلوه بعد التحضير، بطائرة خاصة إلى طهران، ليكون"زيوس" العصر الحديث ورب الأرباب. ليضمن الغرب عبر "ثيوقراطيا" بمنطقة لها وفيها من الروحانيات وتقبّل الخرافات، استمرار الاحتراب و"التأليه" إلى يوم يبعثون. 

حتى وإن اقتضى الأمر، الخروج عن جانب الحب عند "إنانا" والأخذ ما أمكن، من جبروت " كرونوس و ساميدي" فالموت والفحش والقهر، هو الأدوم لحكم شعب، قد لا يكون لحكايا "الميثولوجيا" عظيم أثر عليه.

واستمرت مستويات تصدير "حالة الإله" والامبراطورية البائدة، برعاية مباشرة من الغرب الديمقراطي حيناً، وبالتذرّع بالإعاقة والمعاقبة الشكلية، معظم الأحايين، مع إيجاد أنصاف آلهة بمحيط إيران، كحافظ الأسد بسورية وحسني مبارك بمصر وصدام حسين بالعراق، أو استنساخ نماذج العبيد المطيعة الخائفة بمنطقة الخليج، علّ مشهد الميثولوجيا يكتمل، أو ينجح أحد الأولاد أو الورثة، كما نجح "حورس" بالقصاص من "ست" ويتحقق حلم "أوزريس" أو يتم صناعة رسل، كما "هرمس" تنقل تعاليم الإله وأحلامه، تماماً كما حالة حسن نصر الله بلبنان والسيستاني بالعراق، والخامنئي، وإن بمستوى أعلى، في إيران.

لكن ثورات الربيع العربي، أتت، أو في طريقها، على تحطيم الآلهة، بعد اقتحام ما شيدوا حولها من هالة، فرأينا الرد، تماما كما تقول لنا الأساطير، وقت يحاول الرعية والعبيد التمرد على حكم الإله، فيقطّعون كما رأينا بسوريا، أو يقتلون كما شهدت أمس العراق...أو ربما يحرقون كما ليس من المستبعد، أن نراه غداً بلبنان.

قصارى القول: ربما من الأسهل على ورثة الألهة ورسلهم، تحويل ما يجري بدول الربيع العربي، الذي انضمت لبنان قبل عشرة أيام إليه، من ثورة على الظلم والفساد الاستبداد إلى حروب دينية وأهلية، فوقتذاك، من السهل حشد جماهير مغيبة، للدفاع عن قدسية الحاكم المندوب الحصري عن الإله، واستخدام جميع أساليب البطش والتنكيل، بشعب "متطرف ومرتبط بسفارات الخارج" كما استنتج أمس، آخر رسل الآلهة ومندوب "زيوس" المختبئ بجحره منذ أعوام.

ولعل المثال يتكرر وبالسيناريو نفسه، من "فض اعتصام رابعة بمصر" إلى "الساعة بحمص السورية" فبغداد أمس بمقتل أربعين متظاهراً وإصابة أكثر من 2300، وصولاً إلى ساحة رياض الصلح ببيروت.

ليبقى السؤال حول استمرار "العالم" بالاكتفاء بالنظر لتلك الحروب التي بدأت تأخذ شكل "الحروب المقدسة" وليس مستغرباً أن تمتد لثلاثين عاماً. وبمدى وعي الشارع العربي الذي تعدى وعي وتخطيط "قادته" ليقلب الطاولة على خرافات أشباه الآلهة ويؤسس لواقعية وحرية وكرامة، بدول قانون ومواطنة لا بمزارع ورعايا. 

نهاية القول: عود على الأساطير وملحمة صراع "حورس وست" فالأرجح أن يعيد تاريخ الشرق، الاحتمال الثاني بقتل "ست" بعد ضياع خصيتيه ببغداد وضاحية لبنان الجنوبية، ليسود الحب وتنتشر الديمقراطية، لأن تدخل "آلهة الغرب" بتوزيع الحكم على ورثة "جب و نوت" من جديد، سيبقي أشباح الآلهة وخيالات القديسين تزاحم البشر بمساعيهم الدنيوية وأحلامهم الآدمية الصغيرة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(227)    هل أعجبتك المقالة (236)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي