أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

غابات سوريا تتبدد دخاناً للأراجيل

حذر تقرير لمعهد الحرب والسلام من العواقب الوخيمة للتحطيب الجائر في الغابات السورية على الغطاء الأخضر وخصوبة التربة.

وذكر التقرير أن عدد العاملين في مجال انتاج الفحم في ازدياد كبير نظراً للطلب المتنامي على تدخين الأرجيلة في المقاهي السورية.

ويسرد التقرير قصة عامر الذي يتوجه كل ليلة حاملاً على كتفه منشاراً لقطع الأشجار قرب قريته المرخية في المحافظة الشمالية الساحلية اللاذقية.

وقرر عامر مع عائلته التوقف عن زراعة التبغ قبل سنوات بعد تعرض ارضهم لثلاث سنوات متتالية من الجفاف مما قضى على انتاجيتها.

وللتعامل مع الوضع الاقتصادي الجديد عمل عامر في انتاج الفحم من أشجار البلوط من غابة الشويرة المجاورة.

ويحقق الفحم أرباحاً جيدة نظراً لكثرة الطلب عليه لاستعماله في الأراجيل التي تحظى بالشعبية في مقاهي البلاد، لكن الحصاد الجائر للخشب يهدد غابات البلاد.

ويعمل المئات من السوريين في انتاج الفحم يومياً خصوصاً في محافظتي طرطوس واللاذقية الشماليتين الساحليتين.

وينقل التقرير عن مراقبين قولهم إن عدد العاملين في هذا القطاع آخذ في الازدياد نظراً لارتفاع معدلي البطالة والتضخم، ويقوم بعضهم بالعمل في انتاج الفحم بوصفه عملاً إضافياً لدعم اقتصاد العائلة في ظل انخفاض الرواتب.

ويقول عامر الذي امتنع عن ذكر اسم عائلته خوفاً من الملاحقة القضائية "احقق دخلاً اكثر مما يستطيع موظف حكومي تحقيقه".

وأضاف "لماذا أبحث عن وظيفة ثابتة إذا كان هذا العمل يحقق دخلاً أكبر؟".

ويقول العاملون في انتاج الفحم إنهم يحققون حوالي 400 دولار شهرياً في المعدل.

ويسمح لسكان الجبال الباردة بقطع الأخشاب للتدفئة من الغابات العامة، إلا أن خبراء يقولون إنه منذ ازدهار صناعة الفحم وصل الأمر إلى مستويات خطيرة.

ويقول د.محمد علي أستاذ البيئة في جامعة تشرين إن الغطاء الأخضر يتقلص "بشكل خطير" في سوريا وأن كثافة الغابات نسبة إلى عدد السكان المساحة الجغرافية تتناقص بنسبة كبيرة.

ويقول علي "من الممكن أن يقضي إنتاج الفحم على الأشجار وأن يؤثر في جودة أخشابها بتعريضها للآفات".

ويقول د. أمين موسى أستاذ الهندسة الزراعية في جامعة تشرين إن تقلص الغطاء الأخضر يؤدي بدوره إلى تغير مناخي آثار أخرى غير مرغوب فيها على البيئة.

ويضيف "إن قطع الأشجار خصوصاً من سفوح الجبال يؤدي إلى ازدياد الانهيارات الأرضية وتقليص خصوبة التربة".

وتتضمن عملية انتاج الفحم قطع الأغصان إلى قطع صغيرة، ووضعها في حفر عمقها اربعة مترات وتركها تحترق ببطء في غياب الهواء لعشر ساعات.

ويعني هذا ان منتجي الفحم يمكن ان يبتعدوا لانجاز اعمال اخرى ثم يعودوا في المساء لحصاد منتجهم من الفحم.

ويقول ابو كاسو وهو مزارع من قرية السنيبلة قرب غابة الشويرة إنه يبيع انتاجه من الفحم سوق البلدة.

ويباع الفحم بأكثر من دولاين للكيلوغرام الواحد خصوصاً لأصحاب المقاهي الذين يسعون لتلبية الطلب المتنامي على الأراجيل والذي يساهم في زيادة أرباحها.

ويقول ابو كاسو "أشعر بالذنب لما يصيب الغابة لكن ليست لدي طريقة اخرى لإطعام عائلتي".

ورغم محاولة السلطات منع التحطيب الجائر بتعيين حرس على مداخل ومخارج الغابات إلا أنها لم تستطع إنهاء هذه الظاهرة كما يقول مراقبون.

ويعترف بعض حرس الغابات أنهم يغضون الطرف عن الحطابين وأنهم يتقاضون الرشا منهم.

ويقول حارس رفض الكشف عن اسمه "راتبي لا يكفيني. علي أن أحصل على دخل إضافي لأؤمن مستقبل أطفالي".

ويقول خبراء إن القوانين التي تمنع الاستغلال الجائر للغابات الطبيعية غير مصوغة بشكل جيد وان المطلوب هو تبني استراتيجيات أخرى لمكافحة التصحر الذي يتسبب به انتاج الفحم.

ويطالب رمزي يزبك وهو خبير زراعي الحكومة بأن تنظم تصنيع الفحم لأن "منعه تماماً أمر غير واقعي".

ويطالب الحكومة كذلك بالسماح بقطع بعض أغصان الأشجار على نحو لا يؤذيها.

إلا أن خبيرة بيئية أخرى هي أميمة ناصيف تطالب بتحويل غابات مثل الشويرة إلى محميات طبيعية واستغلالها في مجال السياحة البيئية لحمايتها.

وتقول إنه يمكن توظيف الشباب المنتجين للفحم حالياً في مجال حراسة الغابات والدلالة السياحية فيها.

ويشتكي بعض سكان القرى من الدخان المتصاعد من حفر الفحم.

وتقول ربيحة وهي ربة منزل تقيم في قرية قرب الشويرة "نعش كلنا في هذه الغابات لكننا ندفع الثمن من صحتنا".

ويؤكد أطباء ازدياد الأمراض الرئوية في المناطق الجبلية.

وتطالب ربيحة الحكومة بحماية البيئة وخلق فرص عمل لسكان القرى.

وتضيف "السلطات تغدق المدن بالمال على حساب المناطق الريفية".

(185)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي