أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اللهم لا حسد.. لبنان المحظوظ بمشايخه ومطارنته*

يشهد لبنان تظاهرات حاشدة غير مسبوقة - جيتي

حتى اللحظة يبلي مشايخ لبنان بلاء حسناً في تعاطيهم مع الحراك الشعبي الذي قارب دخوله الأسبوع الأول، وبين رقص مع المتظاهرين وتصريحات متوافقة مع مطالبهم يسير أصحاب الذقون الإيمانية دون أية إشارات طائفية أو مصالح تصب في خانة حزبية معينة.

الهواجس الكبيرة كانت لدى كل المتابعين لهذا الحراك من أن يقف هؤلاء في وجه الحراك كما جرت العادة، وأن يقفوا مع طائفة دون أخرى، أو يلطقوا العنان لنار الفتنة التي تخرج من أفواههم كما يسبحون بحمد الله، وخصوصاً أن لبنان بلدٌ صغير تم تصميمه مذهبياً ودينياً ليصير وطناً لكل الأفرقاء الذي يعبدون الله بحد السيف.

لبنان الذي شهد تاريخه حروباً اندلعت لأسباب طائفية وسياسية، وأثخنت جراحها الجميع، ولم يتعلم منها الجميع حتى وقت قريب سوى أن يعيشوا على حافة الفتنة، وما زالت ذاكرة اللبنانيين مثخنة بالدم والتربص، إلى أن اندلعت منذ أيام احتجاجات الجوع والفقر والسخط على ما آل إليه هذا البلد الصغير المتنوع.

مثالان يبشران بالخير أحدهما مسلم والآخر مسيحي ظهرا في هذه الأيام القليلة أعطيا دروساً في الوطنية وعدم الانحياز لصف الطائفية، وأرسلا بصيص أمل لمئات الآلاف من الشباب الذين رفعوا شعارات وأعلام لبنان وأحد فوق جميع الطوائف.

الشيخ "ياسر عودة" في كلماته الساخطة المتوافقة مع جيل الشباب المنتفض للبنانيته فقط، والمطران "الياس عودة" الذي طالبهم بعدم التراجع، وأن لا يحكم لبنان سوى أهله، وأن التخويف من الفراغ وإن وقع لا سمح الله هو أفضل مما هم فيه.

لبنان الذي تتحكم في قراراته ميليشيا حزب الله تحت يافطة المقاومة، والتي تعلن ولاءها علانية لولي الفقيه، ومعها تجار الدم والطائفية الذين يرون مستقبلهم مع هذا التيار الدموي الذي قتل السوريين تحت نفس الشعارات، وأرد لبيروت أن تكون عاصمة سوداء بعد أن كانت شوارعها ومقاهيها منفى جميلاً لكل الهاربين العرب من تعسف الأنظمة التي حكمت عواصمهم وأقلامهم وأصواتهم.

السوريون نحن ربما شعرنا بالحسد البريء اتجاه اللبنانيين في أيامهم هذه، ونتمنى لهم دوامها، ولأمر واحد فقط هو أن مشايخهم ومطارنتهم أبدوا وطنية كنا نتمنى أن تكون لدى شيوخ السلطان وقساوستهم في دمشق باستثناءات لقلتها لا تخطر في البال...أبرزها شيخ القراء كريم راجح والأب باولو الإيطالي مؤسس "دير مار موسى الحبشي" والمختفي منذ 2013 لدى تنظيم "الدولة". بلاء السوريين في مشايخهم الذين وقفوا في وجه تطلعات السوريين بل ذهبوا لاتهامهم بالخيانة والعمالة كما فعل مفتي الجمهورية أحمد حسون، وإما الدعاء بنصرة المحتل الروسي والإيراني كما فعل خطيب الجامع الاموي السابق مأمون رحمة.

وبالرغم من هذا الألق والتوحد اللبناني في أيام العز الوطني في القلب غصة وخشية عل هذا الهدير الواحد في أن تعبث به أصابع المتربصين وهم كثر..أتباع إيران والنظام السوري والانتهازيون الذي يجدون ضالتهم في الدم والفوضى.

*عبد الرزاق دياب - من "كتاب زمان الوصل"
(192)    هل أعجبتك المقالة (200)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي