أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السوريات هن الجميلات أبداً.. ولكن*

أرشيف

نساء لبنان الجار خرجن للاحتجاج على الجوع والقهر والغلاء، وأخرجن كل ما لديهن من أدوات التعبير عن رغبة التغيير بعد أن دب الخراب في بلد الانفتاح، وسيطرت عليه لغة الانتقام وسواد الأعلام ولطميات الثأر من قتلة الحسين.

لبنان منذ يومين هو غير لبنان الذي يسبّح باسم سماحة السيد والمقاومة والموت لإسرائيل وأمريكا، وابتعدت قليلاً صورة القاعات المتشحة بأعلام حزب الله وشاشة السيد التي تطلق النار في كل ااتجاهات من حيفا إلى القصير حالمة بالمرور بعدها إلى القدس، وطالت شتائم المتظاهرين ذقنه السمحاء.

نساء لبنان حسب مواقع التواصل هن أجمل ما في لبنان في أيامه الأخيرة، وبعض الشباب العربي صبّ جام غزله وولعه باللبنانيات المنفتحات اللواتي خرجن بكامل زينتهن إلى الشوارع، وأخذن (السيلفي) أمام النيران المتصاعدة من بعض الأماكن، وركب الموتوسيكل خلف عشاق نصف عراة.

فنانات لبنان اللواتي سيطرن على شاشات رمضان الفائت كنّ أيضاً في ساحة رياض الصلح، وصرخن بنفس أوجاع اللبنانيين على اختلاف طوائفهن ولباسهن وحشمتهن وتبرجهن، وهذا ما رأى فيه البعض امتيازاً للبنات وفنانيه عن فناني نظام الأسد الذين في غالبيتهم إما صمتوا أو جاهروا بعدائهم لصيحات الشعب.

البعض قارن بين السوريات واللبنانيات مقارنة ظالمة، ورأى الجمال بعين واحدة ومتحيزة لمظاهر السخط النسوي من باب ذكوريته الطافحة، وكأن مشهد السنوات الثماني التي عصفت في سوريا غاب عن ذاكرة الكثيرين، ونسي هؤلاء في زحمة الصور - التي أُخذت على مهل وبرؤية فنية هادئة- جموع السوريات اللواتي تظاهرن في كفرسوسة والمزة ومدن الريف الدمشقي والخالدية بحمص ودرعا والقامشلي.

نسي هؤلاء في لحظة انبهارهم صيحات بنات الشام واللاذقية وحمص، وتظاهرات الساحات في الأشهر الأولى طبعاً قبل أن يطغى الرصاص على كل صوت حرٍ في كل سوريا، وحضرت فقط كارمن لبس وأنجو ريحان ونادين نجيم وأمل حجازي وماغي بو غصن.

في المقابل غابت عنهم في لحظة انبهار باللون هتافات فدوى سليمان، وشهقات مي سكاف، ودموع كندة علوش ويارا صبري، وموقف أصالة نصري وريمة فليحان وكثيرات ممن وقفن بشجاعة من اللحظة الأولى لحصار أطفال درعا وحتى الآن بعد أن بطشت البساطير كل جمال في البلاد.

سوريات أخريات دفعهن أثمانا أكبر من اعتقال والتهجير واللجوء، ونساء بمئات الألوف الآن يعشن إما أرامل أو فقدن أبناءهن أو مشردات تحت أشجار الزيتون، فيما قضت الممثلة سمر كوكش خمس سنوات في السجن، وسنة وراء القضبان لليلى عوض.

هذا لا يبخس اللبنانيات حقهن، وهنّ الآن في الساحات يهتفن لحرية الوطن وكرامة شعبه، وهن أيضاً سليلات رجال ونساء لهن تاريخ في النضال والفن والثقافة قبل أن تجثم على البلاد أحزاب الطوائف والمقاومة والسواد.

السوريات هن الجميلات أبداً، ولكن البطش والقتل حولهن إلى باكيات..وما أجمل حزنهن وما أنقاه.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(275)    هل أعجبتك المقالة (301)

Maram alhamwi

2019-10-22

كلامك رائع سلمت يداك.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي