أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تركيا تهاجم "روج آفا"... ماهر شرف الدين*

اختار الحلم الكُردي الكبير (كردستان) الانبثاقَ في المكان الخطأ للأسف

تتعالى صيحات بعض الكُرد في سوريا مندّدةً بتقاعس الوطنيين السوريين عن إعلان موقف صريح بالوقوف مع "قوَّات سوريا الديموقراطية" (قسد) ضدَّ العملية العسكرية التركية التي تحمل مُسمَّى "نبع السلام" (اتَّخذت العملية في الفترة الماضية اسماً إعلامياً أوَّلياً هو "ممرّ السلام").

وبالطبع يجدر بالوطنيين السوريين أن يرفضوا التدخُّل العسكري التركي في سوريا، مثلما رفضوا، من قبل، شتَّى أنواع التدخُّل الأجنبي.
ولكنَّ هذه الإدانة وذلك الرفض للتدخُّل التركي لا يجب أن يعنيا الوقوف مع "قسد" بأيّ حال من الأحوال.

فمنذ أن أطلقت الفصائل الكُردية مصطلح "روج آفا" على مناطق سيطرتها شمالي سوريا، ومنعتني أنا السوري الذي عاش طفولته وصباه في محافظة الحسكة من زيارتها من دون "كفيل"، لم تعد الرابطة الوطنية السورية هي التي تحكم علاقتي بتلك الفصائل.

بمعنى أنه لم يعد في مقدوري التعامل مع الجهة التي طردتني، وطنياً، من أرضٍ سوريَّةٍ، وعاملتني فيها معاملة الأجانب، إلا بوصفها جهةً أجنبيةً أيضاً.

وبالتالي لا أستطيع النظر إلى المعركة الجارية بين تركيا و"قسد" بوصفها غزواً خارجياً صرفاً، بل إنما هي حربٌ بين جهتَيْن أجنبيَّتَيْن على أرضي السورية، أو هي معركةٌ تدور رحاها بين غازيَيْن، أو بين احتلالَيْن.

إنَّ تعليق الفصائل الكُردية لصور عبدالله أوجلان – وهو مواطن تركي – في ساحات البلدات والمدن السورية هو أيضاً شكلٌ من أشكال الغزو التركي، ولكنْ بصيغته الثورية.

وإنَّ توسُّع خريطة "روج آفا" – ناهيك عن وجودها أصلاً – بحسب قدرة البندقية الكُردية على الوصول (شملت "روج آفا" في إحدى خرائطها محافظة إدلب!)، لا تجعلني أقلّ قلقاً مما أنا عليه اليوم تجاه دخول الجيش التركي.

لقد اختار الحلم الكُردي الكبير (كردستان) - والذي هو حقّ مشروع للشعب الكُردي من أجل تقرير مصيره بنفسه - الانبثاقَ في المكان الخطأ للأسف. ففي سوريا ثمَّة حقوق مدنية مسلوبة للكُرد يجب استعادتها، وثمَّة خصوصية ثقافية كُردية يجب احترامها دستورياً، ولكن لا وجود لـ"كردستان سوريا".

كردستان الكبرى موجودة في تركيا وإيران والعراق. أمَّا في سوريا فثمَّة وجود كُردي متداخل وبنيوي بشكلٍ لا يمكن فصله عن الوجود العربي والسرياني والكلداني وبقية المكوّنات السورية. هذه حقيقة تاريخية وجغرافية وديموغرافية لا يجدر العبث بها.

إدانة الوطنيين السوريين لأيّ تدخُّل خارجي – ومنه التركي - لا يجب مشروطةً، بل هي واضحة وجليَّة. ولكنها يجب أن تكون إدانة مزدوجة لتدخُّلَيْن اثنَيْن، وليس لتدخُّل واحد.

*شاعر وكاتب سوري - من كتاب زمان الوصل
(813)    هل أعجبتك المقالة (1196)

علي

2019-10-23

يا كذاب مين اللي طلب منك كفيل لتزور المنطقة.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي