أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقهى الفنون ..آخر معاقل الثقافة الحمصية

والمسؤولون يهددون بسحقه

كل شيء هادئ، لامكان للنرجيلة  هنا أو لعب الورق، موسيقى لبتهوفن أو لمنير بشير ، بحيرة تتوسط المكان، عريشة عنب سقفته، وأبقت بعض المنافذ لتأمل النجوم رغم الأبنية المحيطة التي كست جدرانها بعض نباتات المقهى.


هذا أهم مايتميز به مقهى الفنون في مقر فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بشارع عبد الحميد الدروبي وسط مدينة حمص، البناء مكون من طابقين خصص الأول كصالة لعرض لوحات الفن التشكيلي وبعض المكاتب، فيما خصص الطابق الثاني كمركز لتعليم الرسم.


 أما أهم وأجمل جزء في المكان فهو الحديقة التي تحتل نصف البناء، وتحولت مع مرور الزمن إلى مقهى ثقافي، حيث اعتاد فنانون وشعراء وأدباء الجلوس بشكل دائم.


يعود تاريخ البناء إلى أكثر من 100 عام، وقد كان منزلا للسيد سليمان، ثم تحول إلى مقهى، وفيما بعد استملكته مديرية التربية ، قبل أن يصبح ملكا لوزارة الثقافة ومديريتها في حمص.


وقد اكتسب مقهى حديقة الفنون شخصيته الثقافية من التفاعل بين المقهى والرواد،كما يقول محمود شيخاني عضو مجلس إدارة اتحاد الفنانين التشكيليين لزمان الوصل، مضيفا: نوعية الرواد تتحدد دون قصد من خلال خدمات المقهى، لايوجد هنا موسيقى هابطة، الناس تستمع دائما لموسيقى هادئة وراقية، أو أغاني عربية أصيلة.


ويضيف شيخاني: معظم رواد المقهى من المثقفين والفنانين التشكيلين المحترفين، والشعراء، إضافة إلى أناس عاديين أعجبهم المكان، وباتوا يترددون عليه،  ومن يأتي مرة واحدة يجلب أصدقائه في المرة القادمة، كما أن جزءا كبيرا من رواد الحديقة هم من  المصطافين، الذين يأتون بصحبة ضيوفهم لرؤية الأعمال والجلوس في المقهى، ولايذهبون مثلا إلى فندق السفير أو غيره، فالطبيعة بسيطة، والجو جميل هنا، والبناء قديم له روح، لاشيء مصطنع كما في المقاهي الحديثة.


ويتابع شيخاني: وجود هذا البناء في منتصف البلد، هو نقطة ضعفه، وبالتالي صار تحولت هموم بعض الناس إلى تطبيق قانون استملاك المكان الذي لديه ملابسات باستملاكه، لابد من حيثيات للاسمتلاك، فهو مستملك لصالح وزارة الثقافة أثناء وزارة نجاح العطار التي استملكته وجعلت منه مقرا لنقابة الفنون الجميلة، وليس للوزارة.


ويقول شيخاني بحسرة : تذكر المسؤولون في حمص أنه ملكا لوزارة الثقافة، فأرادوا التصرف به، لبناء مجمع كبير، رغم أن المركز الثقافي ليس ضيقا لهذه الدرجة، وهم ليسوا بحاجة لمقر الاتحاد، و"مدير الثقافة له دور كبير في أن  يكون المكان أو لايكون، لكنه يريد أن يلغيه"
ويشير شيخاني إلى جهود الاتحاد في الحفاظ على المكان قائلا: "أرسلنا الكتب مرارا إلى مديرية الثقافة لترميم المكان، لكنها ترفض ولايوافق عليها، لإبقاء المكان غير صالح وبالتالي هدمه كليا. لدرجة أننا طلبنا ترميمه على حسابنا لكنهم رفضوا أيضا".


ويصر المسؤولون في مدينة حمص على بناء مجمع ثقافي وتجاري مكان مقر اتحاد الفنانين التشكيليين، رغم أن وزير الثقافة رياض نعسان آغا زار مقر الاتحاد وجلس في مقهى الفنون، معبرا عن إعجابه بالمكان، رافضا أية فكرة لتشويه وهدم المكان كليا، طالما هو موجود على رأس وزارته.


الفنان التشكيلي عون الدروبي يرتاد مقهى الفنون مع زملائه منذ أكثر من عشرين عاما، فالروضة فقدت بريقها بعد أن كانت ملتقى ثقافيا وسياسيا، وتحولت إلى قهوة للعب النرد والطاولة وتدخين النرجيلة كما يقول، مضيفا "روح الناس متعلقة بمقهى الفنون، حيث يرتاده مئات الأشخاص، كما أخذ سمعة عالمية، لدرجة أن الأوربيين واليابانيين كتبوا عنه في المواقع الالكترونية".
ويرفض الدروبي أية فكرة لإزالة مقر الاتحاد، معتبرا أنه رئة للمثقفين والناس أيضا، "فهذا بناء تراثي تعبنا عليه كثيرا حتى أصبح على شكله الحالي".


ويشير الدروبي إلى أن الأمور لاتقاس بالمال، فهل يمكن استثمار منطقة الساعة الجديدة بحمص، و أن يبنى على أرضها مشاريع بمليارات الليرات، لايمكن ذلك لأنها رمز من رموز حمص، وهكذا هو مقهى الفنون، فهو رمز تراثي ونقطة مضيئة في مدينة حمص، موضحا: أحيانا تهدم مدن بأكملها، دون المساس بتراثها ورموزها. فالنسيج المعماري للبلد، يجب أن يبقي على هذه الفسح الجميلة.
ويتساءل الدروبي: "لماذا يريدون بناء مجمع ثقافي تجاري، ولدينا مجمع ثقافي هائل وجميل على طريق الشام، هل كثير على حمص أن تنفرد بمقهى خاص يميزها ويتحدث عنه الجميع في دول العالم"
ويتمنى شيخاني من المسؤولين في حمص وعلى رأسهم المهندس محمد إياد غزال أن لايطفئوا هذه النقطة المضيئة، كما وعدنا وزير الثقافة بالمحافظة عليه".


تساهم المعارض التي يقيمها الاتحاد في حركة المقهى، فمن المعروف في حمص أن الموسم الثقافي فيها يقام صيفا، على عكس المواسم الثقافية التي تقام في الشتاء، إذ أن طبيعة المكان والمقهى أثرت على زمن المعارض التشكيلية.


ويقيم اتحاد الفنانين نشاطات ثقافية، أغلبها معارض فنية، إضافة إلى أمسيات موسيقية وقراءات ثقافية متنوعة، و تقديم بعض العروض المسرحية على أرض الحديقة.


الفنان التشكيلي السوري بسام الجبيلي هو أحد رواد هذا المقهى منذ سنوات طويلة، وهو لايجلس في مقاهي أخرى، لأنه لايوجد مقاهي في حمص حسب قوله، مضيفا: بعض الشباب يتفاعل مع المقاهي الجديدة، لكننا لانستطيع أن نسميها مقاهي، بل كافيتريات جديدة لشرب النرجيلة ، فالمقهى يعني روح حميمية تخلق أو لاتخلق.


ويوضح الجبيلي أن مقهى اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص، هو الوحيد الآن الذي يتمتع بخصوصية معينة، وعشوائية جميلة، بحيث تجعل جزء من الناس الذين يردون لعب الورق أو الضاما ينفروا من هذا الجو.


ويرفض الجبيلي هدم المكان، وبناء مجمع جديد، لأن أي مكان جديد لن يحل محل هذا المقهى حسب تعبيره، قائلا: جرت محاولات كثيرة لتأسيس منتديات أو مقاهي ثقافية ونوادي، لكن صاحب الفكرة كان يفشل، فظاهرة المقاهي الثقافية لاتخلق مباشرة بإرداة صاحب المقهى، الزمن هو من يخلقها و يخلق الحميمية والجو الراقي، نتيجة الأشخاص الذين يترددون إلى المقهى، "المقهى الثقافي يخلق بدون قانون".


يشار إلى أن مدير ثقافة حمص معن ابراهيم وعد مرارا بقرب انتهاء أعمال الصيانة في المركز الثقافي بحمص، وكانت آخر وعوده بأن مسرح دار الثقافة سيفتتح أبوابه أما الجمهور في أول شهر حزيران الماضي، الأمر الذي أثار استياء مثقفي حمص ومحبي المسرح، الذين كلما ذكر مسرح دار الثقافة أمامهم تندروا قائلين " على الوعد ياكمون".

عمر عبد اللطيف - زمان الوصل - خاص
(154)    هل أعجبتك المقالة (143)

عطالله ابوسمره

2009-07-24

اتمنى لك التوفيق ياعمر والله يوفقك ياخال.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي