أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اللجنة الدستورية..حط بالخرج... عبد الرزاق دياب*

الرسم للفنان موفق قات - روزنة

ما كان بالأمس مطلباً شعبياً تتبناه الأطياف المعارضة السورية على اختلاف نزعاتها وخلافاتها، وترى فيه خلاصها من الاستبداد والفساد، ودون ذلك ضياع البلاد ودمارها، ودخولها في حرب أهلية وطائفية ومناطقية..ما كان بالأمس كل هذا بات اليوم لا يعني شيئاً بالرغم من القلة المتفائلة.

ما إن انتهى الأمين العام للأم المتحدة من بشراه بتوافق على اللجنة الدستورية حتى أفصح السوريون عن رأيهم بهذه اللجنة سواء من هم في حكم المؤيد للنظام أم المعارضين له، وحتى قائمة المجتمع المدني التي هي من المفترض أن تكون خارج سياق الطرفين كان لها حصتها في حفلة الافتضاح.

المؤيدون اعتبروا مشاركة الخونة بالنصف وأكثر هو اعتراف بهذه الشريحة التي دمرت البلاد والعباد، وخرجت عن طاعة السلطة وتآمرت مع الخارج، وقبلت الملايين من الدولارات ثمناً لكي تحصل على حصة في سدة الحكم، وهذا ما سيواجهونه كما واجهوا المسلحين في طول البلاد وعرضها، وأما قائمة المجتمع المدني فهي ليست سوى مجموعة من الإمعات التي ارتهنت للغرب حتى لو كانت تحمل شهادات حسن السلوك الدولي.

المعارضون يرون أن ما حصل من توافق ليس سوى مؤامرة روسية، وأن ما تم هو أكثر ما استطاع العالم بأسره أخذه من الروسي، وهو بحد ذاته إنجاز يجب البناء عليه، وأنه على البقية المعترضة التوقف عن رفض أن مكسب للثورة التي استطاعت على الأقل حسب أحد انتزاع اعتراف النظام بأنه لم يعد هناك طرف واحد يحكم سوريا للأبد.

العقلاء طبعاً وهم قلة ناقشوا إعلان التوصل لهذا الاتفاق من أوجه قانونية ووطنية، وأن ما تم لا يصح كونه لم يكن بموافقة الشعب أولاً، وأن من أنجزت قوى محتلة على الأرض، وإن كان لا بد منه فكان يجب أن يكون على أرض سورية، وأن ملفات عالقة أكثر أهمية يجب أن تنجز أولاً كإطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، وعودة السوريين إلى بيوتهم من بلدان الشتات بضمانات تحفظ حياتهم وكرامتهم.

بين كل هذه الأطراف يخرج بعض السوريين بما تجود عليهم القريحة لتوصيف اللجنة الدستورية، وهنا يمكن أن ترى عناوين عريضة جادة (دستور من دم). وآخرون يرون في الدستور الذي سيخرج عنها بعد عمر طويل (دستور الأسد الجديد)، والبعض طالب بمقاربة هذا الوليد الجديد بدستور 1950 الذي كان دستوراً حضارياً وطنياً، وذهب آخرون إلى وصفه بدستور مسرحية غربة الذي أكله الحمار.

الروس الذي هم رعاة هذا الإنجاز السوري العالمي وضعوا نسخة الدستور منذ فترة طويلة وسربوا بعض مواده لجس نبض السوريين، وما هو واقع فعلياً أنهم سيناورون على نسختهم التي ترى في سوريا دولة كونفيدرالية موزعة أقلوياً وقومياً، ولهذا سيقتصر دور هذا اللجنة على منح الشرعية لدستور متوافق عليه في دمشق (النظام) وبحسب وليد المعلم هو برعايتهم، ولذلك من الأولى ومن الآن أن يقول عقلاء سوريا ومجانينها لشخوص اللجنة ودستورهم: (حط بالخرج).

*من كتاب زمان الوصل
(187)    هل أعجبتك المقالة (206)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي