أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إسرائيل تحتاط لـ «يوم الحساب»

ماذا تعرف إسرائيل عن قدرات المقاومة في لبنان؟

مقاومون يرتدون زي جنود إسرائيليين في الجنوب (أرشيف ـــ أ ف ب)مقاومون يرتدون زي جنود إسرائيليين في الجنوب (أرشيف ـــ أ ف ب)


بعد فترة انقطاع طويلة عن كشف تقديرات إسرائيل لحجم قوة حزب الله العسكرية وتكتيكاته القتالية، يبدو أن في تل أبيب من اختار موعد الذكرى السنوية الثالثة لعدوان تموز عام 2006.

ليبعث برسائل من خلال مقالات صحفية خاصة.
نشرت «معاريف» أمس مقالاً لكبير كتّابها بن كسبيت، يمكن وصفه بأنه «عرض عضلات استخباري» لم يسبق أن كتب مثله منذ مدة، وليس معلوماً إذا كان الأمر يتصل بالحرب الأمنية السرية القائمة دون هوادة بين إسرائيل وحزب الله.


على أن الجانب الجديد في ما ورد في هذا التقرير، الذي كتبه صحافي مخضرم معروف بصلاته القوية بالمؤسستين العسكرية والأمنية، وسبق له أن نشر تقديرات لهاتين المؤسستين، هو الإشارة إلى تفاصيل تتعلق بالخطط والجهوزية العسكرية التي تفترض إسرائيل أن الحزب أعدها ويعمل على استكمالها بعد عدوان تموز، إضافةً إلى تقديم مراجعة سياسية ـــــ أمنية تهدف إلى الحديث عن نتائج إيجابية لإسرائيل جرّاء هذه الحرب.


في ما يأتي مقتطفات طويلة من نص أطول تحت عنوان «أجل انتصرنا» حتى نتحقّق مما كان لدينا قبل ثلاث سنوات يجب علينا العودة إلى الوراء تسع سنوات. في عام 2000 خرج الجيش الإسرائيلي من لبنان. والأصح فرّ من هناك. الأزهار أُلقيت على ايهود باراك.

 الفلسطينيون حذّروا من أنه إن استطاع بضعة مئات من مقاتلي حزب الله هزم الجيش الإسرائيلي الكبير ودفعه إلى التقهقر نحو الخط الدولي فإنهم سيضطرون إلى التصرف مثلهم. (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن نصر الله ألقى خطاب «خيوط العنكبوت» الشهير.

 إسرائيل أهينت. نصر الله حلّق إلى عنان السماء. الأسد قدّم الاحترام إليه، والإيرانيون رفعوه عالياً والجماهير في العواصم العربية أقسمت باسمه. حزب الله تحوّل إلى القوة الصاعدة المركزية في العالم العربي. الانسحاب الفزِع من لبنان جرّ الفلسطينيين أيضاً إلى انتفاضتهم الخاصة والأشدّ صعوبةً وعنفاً من سابقتها. أنهار الدماء أغرقت المقاهي والباصات في إسرائيل. حزب الله عمّق تغلغله في المناطق من غزة عبر جنين ونابلس. حماس ازدادت قوةً وتحولت إلى قوة مركزية في المجتمع الفلسطيني.

 إيران تموّل وصدّام (هل تذكرونه) يعطي الهبات لعائلات الانتحاريين، وسوريا ترقص فوق الدماء.
الخطوة الأكثر دراماتيكية بدأت في الثاني عشر من تموز 2006.

حزب الله تغلغل في إسرائيل وهاجم دورية إسرائيلية فقتل جنوداً واختطف جثتين من خلال إطلاق نار مكثّف على امتداد كل الجبهة على القواعد وعلى التجمعات السكانية هناك. التخطيط للعملية استغرق عاماً. بعد ذلك بأقل من شهر أدرك نصر الله أنه قد أخطأ، ولكن ذلك لم يمنعه من اعتبار الحرب «انتصاراً إلهياً». أغلبية الجمهور في إسرائيل وقسم كبير من وسائل الإعلام اقتنعا بأننا قد خسرنا.

 الجيش الإسرائيلي ضُبط صدئاً وغير جاهز ونشاطاته على الأرض (باستثناء سلاح الجو) كانت محرجة ومربكة. أُلّفت لجنة فينوغراد. الجنرال اودي ادم والعميد غال هيرش ورئيس هيئة الأركان دان حالوتس ووزير الدفاع عامير بيرتس انصرفوا إلى بيوتهم. أما أولمرت، فقد احتاج إلى فترة أطول منهم إلا أنه انصرف هو الآخر.

ما الذي تمخّضت عنه هذه الحرب؟

هي جلبت الهدوء وانتصاراً استراتيجياً مثيراً. نصر الله لم يخرج من مخبئه بعد. حزب الله خسر مئات القتلى وفقد جزءاً من قواعده التحتية، وانصرف عن كل مواقعه على الجدار وتوقّف عن التحرك بصورة علنية في جنوب لبنان. الجيش اللبناني نشر قواته على الحدود. 12 ألف جندي من قوات الطوارىء الدولية الذين يعدّهم الشيعة صليبيّين جدداً يجولون في جنوب لبنان بلا عوائق.

 والأمر الأهم: خلال هذه السنوات الثلاث لم تُطلق أية رصاصة على التجمعات السكانية في الجليل. لم نشهد ثلاث سنوات هادئة كهذه في الشمال منذ عام 1968. وضعنا اليوم أفضل بما لا يقاس بوضعنا عشية الحرب. هذه حقيقة راسخة. رغم أن القرار 1701 أبعد من أن يكون مثالياً، ورغم أن حزب الله زاد من قوته واستخلص العبر، ورغم أن التهديد قائم وقد يشتعل في أية لحظة.
في حرب لبنان الثانية خطط الجيش لتوجيه ضربة قوية خلال 4 إلى 6 أيام ومن ثم التوقف. حقيقة أننا واصلنا الحرب جرّتنا إلى لجان التحقيق والشعور الكئيب والاعتقاد بأننا قد هُزمنا. الآن تخيّلوا لو أننا كنا قد أوقفنا الحرب بعد أربعة أيام. ضرب الصواريخ في الليلة الأولى وضرب الضاحية الجنوبية في آخر الأسبوع وهذا كل شيء. أجل، إنها لمتعة كبيرة.

ربما كان عامير بيرتس سيبقى وزيراً للدفاع حتى الآن، ودان حالوتس رئيساً للأركان. من الناحية الأخرى لم نكن لنعرف إلى أيّ مدى قد تعفّن الجيش الإسرائيلي ولم يكن حزب الله ليدفع إلى الوراء. إن الأمور تقاس فقط على مسافة من الزمن. الآن لم يكن من الممكن أن نراها سابقاً. وأيضاً:

أجل، لقد انتصرنا

كل هذا لا يهدّئ العميد عماد فارس قائد الفرقة الـ91، فرقة الجليل. فارس كان أقل اهتماماً بالحرب السابقة قياساً إلى الحرب التالية. بالنسبة إليه ليقم أحد آخر غيره بشرب النصف المليء من الكأس. هو يبحث عن النصف الفارغ تحديداً. حزب الله جاهز قبالته بصورة أخرى. الوضع أكثر ملاءمة الآن ولكنه ما زال خطيراً. فارس يقول من يُرِدْ أن يطمئن ويهدأ يمكنه أن يجد أسباباً ممتازة لذلك. ولكن من المحظور علينا أن نهدأ أو نستكين. لأن حزب الله قد استخلص العبر.

 يبني قوته ويتدرب ويطوّر قدراته ويعدّ نفسه ليوم الحساب. قدراته الاستخبارية على الأرض مثيرة للإعجاب. أتباعه لا يجولون مع وجوه ملطّخة بالسواد وسلاح مشهور، إلا أنهم موجودون في كل مكان. لديه اليوم ثمانية آلاف مقاتل مدرّب، وهذا أكثر بكثير مما كان لديه في عام 2006. بعض «المحميات الطبيعية» (مواقع أرضية محصنة أقامها حزب الله في المناطق البرية) تُركت ولكن التنظيم دخل مرة أخرى إلى القرى وأقام هناك مواقع محصّنة. في كل موقع حوالى 15 مقاتلاً مدرّباً. هذه وحدة دفاعية مستقلة تماماً مع قائد وهيكلية واستخبارات وراجمات وسلاح هندسة ومضادات للطائرات وكمائن وخطط لنشر قوات خاصة في حالة حدوث تصعيد.
بإمكان الموقع أن يكون موزّعاً في القرية، وأن يتضمّن شبكة أرضية، أو جمع قرية مع «محمية طبيعية» خارجية. حجم الموقع هو نتيجة لأهمية المنظومة الدفاعية الشاملة في نظر حزب الله. كل مجموعة مواقع متجاورة تمثّل قطاعاً. هي توفر الحماية لبعضها بعضاً وتجري اتصالات في ما بينها. في آخر المطاف لدى حزب الله بضع وحدات جنوبي الليطاني. في كل قطاع عدة مواقع مستقلة. هذه هي المنظومة الدفاعية القائمة قبالتنا. افتراض حزب الله هو أن الجيش الإسرائيلي سينفذ في الحرب القادمة مناورة برية واسعة مع عدة فرق. هدف حزب الله هو أن لا تؤثر هذه المناورة في قدرته على قصف العمق الإسرائيلي بصورة مكثفة وأكثر مما نجح في القيام به قبل ثلاث سنوات.

قدراته الميدانية تحسنت كثيراً وهو يبني لنفسه قدرات إطلاق لألف صاروخ في اليوم على إسرائيل طوال 60 يوماً متواصلة. هو سائر على هذا الطريق. بكلمات أخرى بدلاً من أن نختطف أربعة آلاف صاروخ خلال 33 يوماً (حرب لبنان الثانية) سنختطف 60 ألف صاروخ خلال شهرين.

 أغلبية هذه الصواريخ ستغطي مراكز البلاد بما فيها تل أبيب. وهذا سيحوّل إسرائيل إلى جهنّم الحمراء. الأمر يتعلق بصواريخ أكثر ثقلاً وأكثر دقة وموزعة فوق «الخط الأحمر» في منطقة بيروت والبقاع وذات أثر أقل نسبياً.

سيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي جداً اكتشاف مواقعها ومنع إطلاقها. في خال حصول مواجهات عسكرية مباشرة يجري استدعاء وحدات انتحارية من البقع المختلفة تكون مهمتها التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ عمليات عسكرية وربما أيضاً عمليات انتحارية ضد قوات الجيش الإسرائيلي.
من هنا يقول فارس إن من الواجب أن نفكر في طريقة أخرى، وإن الإنجاز المطلوب للحرب القادمة إن حدثت لن يكون إيقاف إطلاق الصواريخ بل القيام بمناورة برية واسعة في موازاة إطلاق نار كثيفة وإلحاق ضربة جسيمة بالبنى التحتية التابعة لحزب الله ومقاتليه وقدراته ووجوده. من سيحاول اصطياد الكاتيوشا سيفشل.

الأخبار
(109)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي