شهدت ولادة أول فيلم غنائي سوري، صداماً بين شركة الإنتاج من جهة والفنان أيمن رضا، والفنان باسل خياط من جهة أخرى؛ حيث تبادلت الجبهتان الاتهامات؛ فبينما وجَّه الفنانان (رضا، وخياط) للمنتج المنفِّذ رياض محفوظ اتهاماً مفاده تهميش الممثل السوري على «أفيش» الفيلم، والتعامل معه بأسلوب غير لائق؛ نفى (محفوظ) ذلك، مدلِّلاً على قوله، بأنَّ الشركة المنتجة عدَّلت الأفيش قبل افتتاح الفيلم في سورية... بلدنا» تسلَّلت إلى أحداث قصة الصدام، من خلال الاطِّلاع على آراء أصحاب العلاقة..
بدايةً، أردنا التعرُّف إلى أسباب المشكلة، وهي وفق ما رواه المنتج المنفِّذ رياض محفوظ: بدأت خلال عرض الفيلم في بيروت، عندما سأل أيمن رضا الذي حضر افتتاح الفيلم- في حين لم يحضر باسل خياط حفل الافتتاح- عن سبب عدم ذكر اسمه واسم باسل خياط في «أفيش» الفيلم.
وأضاف محفوظ: «أخبرتُ أيمن رضا أننا في سورية سنحضِّر «أفيش» خاصاً نذكر فيه اسمي أيمن رضا وباسل خياط، وبذلك ستُحلُّ المسألة.. وبالفعل، التزمتُ بوعدي، وطبعت «أفيشات» خاصة للفيلم في سورية.. وعلى الرغم من ذلك، اتَّصل بي باسل خياط ونعتني بألفاظ نابية وقاطع الافتتاح مع أيمن رضا». رياض محفوظ، نفى أن يكون لشركة الإنتاج أيُّ مسؤولية عن طباعة «أفيش» الفيلم في بيروت، مبيِّناً أنَّ شركات التوزيع هي التي تطبعه، مؤكِّداً أنه أوفى بوعده خلال افتتاح الفيلم في سورية.. حيث قال: «نحن غير مسيطرين على «الأفيش»، ومع ذلك التزمتُ بوعدي في سورية». وكون الشركة المنتجة التزمت بوعدها- حسب ما قال محفوظ- وهو ما وافق عليه مخرج الفيلم، حاتم علي، الذي بيَّن أنه خلال الحملة الإعلانية للفيلم كان موجوداً خارج سورية، لكنه يعتقد أنَّ الصدام بدأ خلال عرض الفيلم في بيروت؛ حيث تمَّ التركيز على الممثلين اللبنانيين على اعتبار أنَّ الفيلم يعرض في السوق اللبنانية.. وتابع قائلا: «لكن الشركة المنتجة وعدت بتجاوز هذه المسألة، وبالفعل تمَّت إضافة اسمي أيمن رضا وباسل خياط إلى «أفيش» الفيلم، عندما تمَّ عرض الفيلم في سورية».
لكن إضافة الأسماء إلى «أفيش» الفيلم أمر غير كافٍ لإغراء أيمن رضا وباسل خياط في الصفح عن الشركة المنتجة التي- وفقاً لهما- همَّشتهما في بيروت وفي سورية.. وعن بداية الصدام في بيروت قال أيمن رضا: «بدأت المشكلة عندما دُعينا إلى بيروت لحضور افتتاح الفيلم في إحدى صالات المنتج نادر أتاسي، وخلال الافتتاح لم نلقَ بصفتنا نجوماً سوريين الاهتمامَ الكافي، بل كانت الأضواء مسلَّطة على الفنانين اللبنانيين، وقلة الاهتمام هذه لها علاقة بالمنتج، وعندما اعترضنا على ذلك وعدنا نادر أتاسي بأننا سنُعَوَّض خلال افتتاح الفيلم في سورية، حيث قال لي المنتج، إنَّ الأفيش» ليس مهماً، والمهم هو ما يظهر في الفيلم».
وأضاف رضا: «هذا جواب ليس منطقياً، لذلك اتَّفقت أنا وباسل خياط على مقاطعة الافتتاح في سورية.
النجمان رضا وخياط، قاطعا افتتاح الفيلم في سورية، رغبةً منهما- وفقاً لباسل خياط- في إيصال رسالة إلى الشركة المنتجة، مفادها اعتراضه على الحملة الإعلانية، وعلى دعوته بأسلوب غير لائق لحضور الحفل... أما الفنان أيمن رضا، فبيَّن أنَّ عدم حضور الافتتاح كان: «لأنَّ المرء لا يلدغ من جحره مرتين، فالناس سيتجمَّعون حول ميريام فارس، لذلك احترمنا أنفسنا منذ البداية، ولم نذهب». المنتج المنفِّذ رياض محفوظ، أكَّد أنَّ عدم حضورهما الافتتاح لم ينقص من أهمية الفيلم، إنما أنقص من أهميتهما.. حيث قال: «حضور باسل خياط وأيمن رضا الافتتاح سيزيد من نجوميتهما.. وحضورهما لن يسوِّق للفيلم، لأنَّ الفيلم مباع وناجح».... وأضاف محفوظ: «النجم الأمريكي يسافر إلى المريخ ليحضر افتتاح فيلمه، وأيمن رضا وباسل خياط لايحضرن افتتاح فيلمهما في دمشق!»..
إضافة إلى لمساته الإخراجية البارعة، كان للمخرج حاتم علي حضور آخر في الفيلم؛ حيث إنَّ رضا وخياط عوَّلا كثيراً في مشاركتهما في الفيلم على كون مخرج «سيلينا» هو الفنان حاتم علي وليس مخرجاً آخر.. فبينما اعتمد أيمن رضا على مسألة احترام حاتم علي الممثلين؛ حيث قال: «بالفعل، كان محترماً جداً مع الممثلين خلال التصوير».. وجد خياط أنَّ العمل مع حاتم علي بحدِّ ذاته مشروع، وأنَّ حاتم علي لاعلاقة له بموضوع الحملة التسويقية للفيلم.
حماسة رضا وخياط لم تلقَ نفس الصدى عند الشركة المنتجة.. هذا ما وجده المخرج حاتم علي: «أنا أتفهَّم موقف أيمن رضا وباسل خياط، وعلى الرغم من أنَّ مشاركتهما في الفيلم كانت بسيطة، إلا أنها نابعة من رغبتهما في الإسهام في حلم السينما السورية، وكان من المفروض أن تقابل حماستهما أيضاً بنفس الطريقة». ظهورهما في الفيلم كان بسيطاً.. هذا ما اتَّكأ عليه المنتج المنفِّذ رياض محفوظ للتملُّص من مسؤولية عدم وضع اسم أيمن رضا وباسل خياط على الفيلم: «باسل خياط اعترف خلال عدة لقاءات له في أكثر من وسيلة إعلامية، بأنه ضيف شرف في الفيلم، فكيف يطلب ضيف الشرف أن يوضع اسمه على الأفيش؟!».. وأضاف محفوظ: «نحن لم نقصد الإساءة إلى أحد؛ بالعكس، تعاملنا مع الجميع برقيٍّ واحترام خلال التصوير».وردَّاً على ذلك، قال باسل خياط: «كوني ضيف شرف، لا يعني أن لا يوضع اسمي على الأفيش.. هذا الكلام رجعي وسخيف، إذا كنت ضيفاً لا أعتقد أنَّ عاداتنا تدعونا إلى التعامل مع الضيف بهذه الطريقة.. ما حصل ليس مهيناً في حقي فقط، بل في حق كل الممثلين السوريين».
ونفى خياط ما سماه محفوظ احترام الشركة المنتجة الفنانين، حيث قال خياط: «لم يتم تقدير أو احترام الممثلين السوريين، وتناست جهة الإنتاج أنهم نجوم؛ لديهم جمهور واسع على امتداد الوطن العربي.. من المخجل ألا يقدِّر فيلم سوري كـ»سيلينا» الممثلَ السوري.. ومن المعيب على شركة الإنتاج أن تقول إنها لا تستطيع وضع كل الأسماء على الأفيش».. ا يوجد أي أفيش سينمائي في العالم يذكر أسماء ضيوف الشرف.. هذا ما أكَّده المنتج المنفذ، مبيِّناً الآلية التي رُتِّبت الأسماء على أساسها في الفيلم: «رُتِّبت الأسماء وفقاً لأهميتها في الفيلم.. كان بإمكاني الاكتفاء بذكر اسم دريد لحام وميريام فارس فقط، كما يحقُّ لي إضافة اسم جورج خباز إلى الأفيش، على اعتبار أنَّ هؤلاء هم أبطال الفيلم، لكن، لا يحقُّ لي تجاوز أسماء الأبطال لذكر اسم ممثل كان له دور ثانوي... لم تُذكر في بيروت أسماء الممثلين السوريين، لأنهم ليسوا معروفين كثيراً في لبنان، لكن الأفيش التزم بذكر أسماء الأبطال فقط؛ دريد لحام، جورج خباز، و ميريام فارس..
رياض محفوظ اختصر المسألة بوضع اللوم على النجم السوري: «المشكلة أنَّ أغلب فنانينا الشباب نجوم، وأنهم مندفعون بعض الشيء؛ ما يجعلهم لا يفصلون بين ما لَهم وما عليهم».
وكحلٍّ للغبن الذي وجد باسل خياط أنَّ الفنان السوري يتعرَّض له، قال: «أعتقد أنَّه بات على الممثل السوري تحديد شروط تحفظ حقه قبل بداية العمل، مع العلم أنني لا أحبُّ التعامل بهذه الطريقة، إلا أنها على ما يبدو أفضل وسيلة لضمان حقوقنا»..
الوقوف أمام كاميرا حاتم علي هو أحد أهداف انضمام أيمن رضا وباسل خياط إلى أسرة «سيلينا»، هذا إضافة إلى هدف آخر اتَّفق عليه الجميع، حتى المخرج والمنتج، وهو صناعة فيلم سوري.. المنتج نادر أتاسي وجد في «سيلينا» حلماً يريد تحقيقه ليكون خاتمة أعماله الفنية، وباسل خياط أكَّد أنَّ «سيلينا»: «تجربة سينمائية تعيد إلى السينما التجارية السورية رونقاً كان موجوداً في الثمانينات، وتبعث روح التقليد السينمائي».. وأضاف أيمن رضا إلى هدف تحقيق حلم صناعة سينما سورية، وصناعة فيلم سينمائي سوري مهما كان شكله، هدفاً آخر، وهو فرصة التمثيل والغناء معاً.
المخرج حاتم علي، بيَّن أنَّ الفيلم يسعى من خلال نوعيته الغنائية الراقصة، للوصول إلى جمهور عريض من المشاهدين، مشيراً إلى: «إننا بحاجة إلى هذه النوعية من الأفلام، حتى نصنع أفلاماً راقية ومتنوعة، تجمع بين الجودة الفنية والربحية».. وانطلاقاً من هذه الأهداف الطيبة، قدَّم الممثلان (أيمن رضا وباسل خياط) تنازلات، تكلَّم عنها خياط: «على اعتبار أنَّ الفيلم سوري الإنتاج والإخراج والكادر، تمَّ التعامل معه بنوايا إيجابية؛ فلم يتعاطَ الممثلون مع الفيلم على أساس الربح المادي، إنما قدَّمنا عدة تنازلات مادية كدعم للفيلم».. أما أيمن رضا، فقد أشار إلى تنازلات من نوع آخر؛ حيث بيَّن: «قصة الفيلم لا تستهويني أبداً، لأنَّ قصص الرحابنة باتت قديمة وغير متناسبة مع العصر، فالصراع بين الخير والشر بات من الكلاسيكيات القديمة.. أعمالي دائماً تحكي عن الحاضر والمستقبل، والماضي لا يعنيني.. «سيلينا» فيلم يذكِّرنا بتجارب الدراما السورية في طور التجربة، لكنني مع كلِّ ذلك، وافقت على المشاركة، لأنَّ الفيلم سوري».
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية