الحريري يعمل "بهدوء" وسليمان الحكم الحقيقي في مجلس الوزراء

يعمل الرئيس المكلف بتأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري على ملف التشكيلة الحكومية الجديدة بـهدوء بعيدا عن الأضواء، ولا يرشح عن الرئيس المكلف الكثير من المعلومات حولها.

وتبدو الصيغة المرجحة حتى الساعة وفقا لما تداولته وسائل الإعلام هي تشكيلة حكومية من 30 وزيرا تملك منها الأكثرية 15 وزيرا والمعارضة 10 ورئيس الجمهورية 5 ما يجعله الحكم الحقيقي في مجلس الوزراء، إذ لا تملك " 14 آذار " بموجب هذه الصيغة الأكثرية داخل الحكومة ولا تحظى المعارضة بالثلث زائدا واحدا الذي يخولها تعطيل القرارات الأساسية.

وأوضحت جهات سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة ان الاتصالات بين المعنيين تواصلت في الساعات الاخيرة من اجل تذليل العقبات والتوافق على حكومة تحظى بقبول فريقي الاكثرية والمعارضة.

إلى ذلك أفادت مصادر فرنسية رسمية أن الرئيس السوري بشار الأسد تحدث بـ"إيجابية" عن الرئيس اللبناني ميشال سليمان وعن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري خلال لقائه مع المبعوثين الرئاسيين الفرنسيين أمين عام الإليزيه كلود غيان ومستشار ساركوزي الديبلوماسي جان دافيد ليفيت اللذين التقياه في دمشق يوم الثلاثاء الماضي.

وقالت هذه المصادر إن الرئيس السوري "تقبل بإيجابية" النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات النيابية اللبنانية وإن سورية "تلتزم موقفا بنّاء" في لبنان كما أنها تبدي الكثير من الإيجابية في ما خص المسائل الثنائية والمواضيع الإقليمية.

وجاءت زيارة المبعوثين الرئاسيين إلى دمشق قبل عشرة أيام من الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية إلى العاصمة السورية والتي ستسبقها زيارة إلى بيروت.

ونفى المصدر الفرنسي وجود أي إصرار سوري على تضمين الثلث المعطل أي حكومة لبنانية. وقال إن الرئيس الأسد حريص على تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية، وان الوفد الفرنسي شرح له موقف فرنسا بأن الثلث المعطل كان صيغة مقبولة في زمن مضى ولم يعد مناسبا الإصرار عليه في الحكومة المقبلة.

ونقل مراسل "النهار" في باريس سمير تويني عن مصادر ديبلوماسية فرنسية، غداة هذه الزيارة، ان "التوقيت كان مناسباً للعودة الى دمشق، اذ ان باريس احتاطت للمعركة الانتخابية اللبنانية بالتعبير عن الكثير من الثقة بإدارة العملية الانتخابية واعربنا عن حيادنا التام حيال المشاركين فيها ونتائجها اياً تكن". وقالت ان "اهتمامنا كان منصباً على معركة انتخابية مثالية وجاءت كذلك عكس ما يحصل في العديد من الدول المجاورة". وابرزت الدور الذي اضطلعت به المؤسسات اللبنانية "بطريقة لا عيب فيها، ثم جرى انتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري وطلب الرئيس سليمان من سعد الحريري تأليف الحكومة".

أما جريد "السفير" المقربة من فريق 8 آذار قالت نقلا عن مصادر رسمية سورية إن دمشق تتطلع الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان، تكون "قادرة على التصرف من دون معوقات"، مشيرة الى أن هذا ما تفهمه من الموقف السعودي ايضا، وهو "أيضا ما يبدو عليه موقف المرشح لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة"، في إشارة إلى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.

كما شددت المصادر على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وهو ما يتفق عليه الجانبان في دمشق والرياض ايضا، مؤكدة ان سوريا "ترغب في عدم وجود توترات داخلية لبنانية"، لافتة الانتباه الى أنه منذ اتفاق الدوحة العام الماضي، "وسوريا تسير في نهج داعم للبنان، ولكن من دون تدخلات في المعادلات اللبنانية الداخلية كما كان واضحا في محطات مختلفة، وهي لن تتدخل في جزئيات الشان اللبناني وهذا القرار متخذ منذ وقت طويل ولا رجعة عنه".

أبدى السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري تفاؤله بالمرحلة المقبلة في لبنان، وأكد في حديث لموقع "ناو ليبانون" أن "لبنان مقبل على مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار الذي يحرص عليه جميع الافرقاء، لاسيما بعد الانتخابات النيابية التي حصلت مؤخرا"، موضحًا أن "هناك مؤشرات محلية واقليمية مطمئنة غير أن هذا لا ينفي ضرورة اتفاق اللبنانيين والتفاهم في ما بينهم حول الاستحقاقات الراهنة".

وأبدى السفير السعودي تفاؤله في نجاح الحريري بتشكيل الحكومة، قائلا إنه "حتى ولو اعترضته بعض العقبات، لكن هذا الأمر سيتم في نهاية المطاف، والمهم ان تلتقي نوايا الجميع على مصلحة لبنان والعمل من اجله".

وشدد عسيري على ان أي طرف لا يمكنه أن يكفل وحده الاستقرار في لبنان، وقال ان الأمن في لبنان "خط أحمر"، وأكد "دعم وتأييد بلاده للرئاسة اللبنانية الاولى"، مشيرًا إلى أن "تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية أمر طبيعي وضروري ونحن حريصون على موقع الرئيس ميشال سليمان ودوره، فرئيس الجمهورية هو حامي الدستور والضامن لتطبيقه، ولذا يجب دعمه وتعزيز دوره لما في ذلك من مصلحة وطنية". ورأى أن" أي تقارب سعودي مع الاخوة في سوريا من شأنه ان ينعكس ايجابا على الوضع في لبنان، وهناك حرص على تعزيز أمن واستقرار هذا البلد وهذا ما يتم العمل عليه".

في هذا الوقت، رأى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، ان امتلاك "حزب الله" للسلاح "يشكل تهديدًا للبنان والمنطقة"، لكـنه اعترف في المـــقابل بأن "حزب الله" يمتلك شعبية في لبنان وهو ممثل في البرلمان.

ووصف فيلتمان في مقابلة مع صحيفة "القبس" الكويتية اعادة السفير الاميركي الى دمشق بأنها "خطوة مهمة برغم الخلافات العميقة مع دمشق بسبب التعريف المختلف لدى السوريين بشأن "حزب الله"، وقد اوضح الرئيس باراك اوباما بجلاء اننا نرغب في العـمل مع سوريا، فلديــــنا مصالح مشتركة والتعاون مباشرة مع ســـوريا ولكنـــنا نود ايضاً استخدام الدبلوماسية لمحاولة حل الخلافات.

داخليا، قال رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون، إثر الاجتماع الاسبوعي للتكتل، انه ضاع قليلا ولم يعد يعرف من يشكل الحكومة بسبب زحمة السفراء والموفدين، إذ ان اميركا وفرنسا والسعودية وسوريا تتدخل، ولا نعرف اين اصبح مركز الثقل في موضوع تأليف الحكومة.

واعتبر عون ان رئيس الجمهورية له دور محدد في الدستور، وضمانته تكون بممارسة صلاحياته الدستورية، وخارج اطار الدستور هو لا يعطي ضمانة لأحد ولا لموضوع محدد، وعندما يقع خلاف بالرأي بيننا وبينه، فلا تعود هذه ضمانة، وسيعود الى رأيه. أنا اضمن ناخبييّ وانا مسؤول تجاههم ولا احد غيري.

في مجال آخر، اعلنت قيادة الجيش امس توقيف جميع المشاركين في اعمال الشغب واطلاق النار التي حصلت في منطقة عائشة بكار الاحد الماضي وقد بلغ عددهم 21 شخصاً، وبوشر التحقيق معهم. وكانت قوى 14 آذار دعت امس السلطات المسؤولة الى "قطع دابر الفتنة باتخاذ قرار حاسم يقضي بجعل بيروت مدينة آمنة منزوعة السلاح"، مؤيدة تحرك نواب بيروت الاخير في هذا الصدد.

وأبدى بري استعداده الكامل "للسير في تحقيقات شفافة" في هذه الاحداث، مشددا على ضرورة ان "تصل الى نهايتها وهذا ما قلته لقائد الجيش العماد جان قهوجي". وقال: "انا لا اقبل ان تذهب دماء الشهيدة المظلومة زينة الميري هدراً واعتبرها مثل ابنتي".