أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دم النخيل.. وذكريات خليف في سهرة العسكر...عبدالرزاق دياب*

غلاف الفيلم

أثار العرض النخبوي لفيلم نجدت أنزور الأخير(دم النخيل) عاصفة من الغضب داخل وخارج سوريا، وتحديداً بين النخب (الدرزية) حول مشهد العسكري الجبان الذي يرتجف من الخوف، ولهجته من مدينة السويداء، وما بين مدافع عن نجدت في أن ما حصل ليس مقصوداً بل عفوياً، وأن الخوف سمة إنسانية، وبين من يرى في هذا المشهد إساءة مقصودة لأهل مدينة السويداء.

الفيلم من وجهة نظر صناعه يصور المعارك التي دارت بين جيش النظام وحلفائه وتنظيم داعش في مدينة تدمر، والمشهد هو لإعدام مجموعة من العساكر على مسرح المدينة التاريخي، وهنا كانت المشكلة في لهجة الجندي الباكي التي أدت لإيفاف عرضه الجماهيري بعد سيل الاتهامات للمخرج ومنتجي الفيلم بالطائفية وتشويه صورة اهل السويداء.

يرى بعض الفنانين الموالين أن المشكلة تافهة وهذه وجهة نظر المخرج جود سعيد في تعليق له على منشور لأحد الصحفيين حول ما حدث: (المشكلة اتفه من التفاهة ولكن اصبحنا في زمن الطوائف تملك حق الڤيتو)، وذهب البعض إلى أن من أراد لهذا المشهد أن يأخذ هكذا أبعاد هم من النخبة المدعوة لحضور عرض غير جماهيري يقتصر فقط على النقاد وصناع السينما والصحفيين والمهتمين وطبعاً في المقدمة (السيد الرئيس) وعقيلته الذي تم الاحتفال بميلاده قبل العرض.

فيما فنانون وصحفيون وسياسيون من مدينة السويداء ذهبوا إلى أن هذه الصورة ليست عفوية فقد اعتاد إعلام النظام وفنانونوه على العبث بالنسيج السوري طائفياً ومناطقياً، وتقسيم السوريين بين أغبياء وأذكياء، وخونة وأوفياء.

البعض تجاوز مسألة الإهانة ليس في كونها أمراً عادياً بل لأنها ليست جديدة في الرؤية التي يتبناها البعث منذ عقود، ولكن الجريمة الكبرى في إهانة رجل تقوم عليه الفكرة هو (خالد الأسعد) الذي حمى آثار تدمر ومتحفها بدمه، وأن توكل مهمة إخراج فيلم عن (خالد الأسعد) لمخرج فانتازيا كنجدة أنزور هو إمعان في الإهانة، وأنه كان يحتاج إلى فيلم يليق به لا أن تسجل من خلاله المواقف السياسية والطائفية.

طوال عقود كان برنامج (سهرة العسكر) الذي تبثه إذاعة دمشق هو صوت الجيش الذي يجب ان يسمعه الشعب، وفيه تطرح قضية اساسية حول الجاهزية والسياسة والعدو الصهيوني ونظريات حزب البعث عن الوطن والقومية، وكان القروي (خليف) هو الذي يسأل بغباء بينما يجيبه البعثي بلهجته الساحلية ويصحح له المفاهيم والأفكار، ومن ثم تنتهي السهرة بالغناء حيث يصدح (ابراهيم صقر) بصوته السواحلي، ويردد خلفه العسكر، وهكذا صار (ابراهيم صقر) وفق وجهة نظر إحدى صفحات التواصل: (إذا كان هناك نزار قباني في الشعر الغزلي الحديث ففي العتابا هناك ابراهيم صقر).

هذه هي القصة ببساطة سوريون أغبياء ومساكين، وهناك فقط نظام وأتباعه هم من يرون الحقيقة ويعرفونها، وهذه الحقيقة هي التي يجب أن تسود.

*من كتاب زمان الوصل
(226)    هل أعجبتك المقالة (224)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي