اتهم مدير منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) "رائد الصالح" روسيا بأنها تستهدف عناصر المنظمة عسكرياً وإعلامياً، من أجل قتل الشهود المباشرين على جرائمها وقوات الأسد وإيران، ومن ثم التقليل من أهمية الدلائل التي تقدمها المنظمة الإنسانية حول تلك الجرائم.
وأضاف "الصالح" بأن منظمة الدفاع المدني السورية ستكون أول من يقدم الدلائل على ما ارتكبته كل من روسيا وإيران ومليشيات الأسد من جرائم ليرى ويسمع العالم على حد قوله.
وشرح مدير "الخوذ البيضاء" في حوار خاص لـ"زمان الوصل" ما حدث لعناصر الدفاع المدني بدرعا، موضحاً الآلية التي تم من خلالها انتقاء عناصر الدفاع المدني للخروج من سوريا.
وأشار "الصالح" إلى ودور الأمم المتحدة في دعم منظمة الخوذ البيضاء ، قائلاً بأنها غير فعالة.

إليكم نص الحوار الكامل:
*ما هي منظمة "الخوذ البيضاء" وماهي الآلية التي تعمل بها تلك المنظمة في المناطق التي تتعرض لقصف عنيف من قبل نظام الأسد وروسيا؟
ـ منظمة الخوذ البيضاء هي مبادرة مدنية نظمت أعمال البحث والإنقاذ التي كان المدنيون يقومون بها لسحب الجرحى والشهداء من تحت الأنقاض، وتطورت وتوسعت لتمثل أملا للمدنيين في الداخل السوري لحياة أفضل.
فيما يخص الشق الثاني من السؤال منظمة الخوذ البيضاء تعمل في كل الأماكن التي تستطيع الوصول إليها رغم الصعاب، ولذلك ودرءأً للمخاطر، نظمنا آليات الاستجابة والخدمات لتتناسب مع حاجات المجتمع السوري في السلم والحرب، على سبيل المثال: الدفاع المدني السوري يمتلك عدداً من المراكز بكوادر مدربة ومجهزة لاستجابة لحالات القصف بأنواعه، وتتوزع هذه المراكز بحيث تضمن وصول الفرق بأسرع وقت ممكن وأسلم طريق، كما ويعمل المتطوعون لدى المنظم بمبدأ حفظ الحياة كأولوية وذلك من شعار المنظمة المأخوذ من الآية الكريمة: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
*ماهي احتياجات منظمة الخوذ البيضاء وماهي الصعوبات التي تواجهكم ؟
ـ يأتي على رأس احتياجات المنظمة ضمان أمن وسلامة المتطوعين ومراكزهم، وحمايتهم لضمان تقديم خدمات أفضل للمجتمع، أما لوجستيا فالدفاع المدني السوري بحاجة دائمة لتطوير معداته، استبدال ما يفقده بسبب القصف والاستهداف المباشر، والوصول لمعدات متطورة محظورة من الاستيراد لاعتبارات دول الجوار.
أما بالنسبة للصعوبات، فكما ذكرت سابقاً، فالاستهداف المباشر والضربات المزدوجة هي أكبر عائق لدى المتطوعين، فهي تمثل أول ما يفكر فيه المتطوعون أثناء التوجه للاستجابة، بالإضافة لعجز المؤسسات الدولية عن حمايتنا وحماية المدنيين، أعتقد أن عملنا سيكون أسهل بألف مرة لو تم التعاون لضمان سلامة متطوعينا وسلامة المدنيين.
*ما هو دور الأمم المتحدة في دعم "الخوذ البيضاء" وما تعليقكم على تزويدها لنظام الأسد وروسيا بمراكز المستشفيات والدفاع المدني؟؟
ـ الأمم المتحدة غير فعالة، وكل ردات الفعل الصادرة عنها لم تحمنا، لذلك نعتقد أن هناك الكثير الذي يمكن القيام به من طرف الأمم المتحدة عند الحديث عن سوريا، ومع ذلك نعمل بشكل مستمر لإبقاء الأمم المتحدة على إطلاع علها تتمكن من تغيير الواقع الحالي.
أما بالنسبة لموضوع مشاركة مراكزنا والنقاط الطبية مع نظام الأسد وروسيا، فقد حذرنا سابقاً من مغبة وتبعات مشاركة هذه المعلومات بسبب تاريخ النظام السوري الأسود في استهداف المشافي الميدانية والنقاط الطبية وسيارات الإسعاف والمسعفين، ومع ذلك قدمت الأمم المتحدة تبريرات تبين لاحقا أنها غير كافية، ونشاهد اليوم بأم أعيننا الاستهداف الشبه يومية لهذه المراكز، وتبعات ذلك على حياة المدنيين وقدرتهم على الاستمرار بالمقاومة في سبيل الحياة.
*لماذا يعمل نظام الأسد وروسيا على التسويق بأنكم منظمة "إرهابية"، وما الخطر الذي تمثله منظمة مدنية إنسانية على دولة كبرى كروسيا؟
عندما يرتكب المجرم جريمته وبحضور الشهود ، سيكون الهدف التالي هم الشهود بكل تأكيد ، فالدفاع المدني السوري يؤدي دور المنقذ للضحايا والمستجيب الأول للفظائع التي ترتكبها قوات النظام والقوات الروسية، لذلك يتم استهدافنا بشتى الوسائل من خلال قصف مراكزنا وقتل متطوعينا، وأيضا عبر الخطاب الرسمي الروسي و وسائل الإعلام الروسية المضللة، التي تحاول التقليل من شأن الدلائل التي نقدمها على جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف الروسي بحق المدنيين السوريين ، وهذا ما يثير رعب روسيا والنظام ، لكن لا بد للحق أن يظهر وسنكون أول من يقدم الدلائل على ما ارتكبه هذا التحالف من جرائم ليرى ويسمع العالم.
*كم مركز دفاع مدني استهدفت روسيا ونظام الأسد، ولماذا هذا الاستهداف الممنهج وكم عدد ضحايا الدفاع المدني في سوريا؟
ـ يبلغ عدد شهداء الدفاع المدني السوري 269 حتى اللحظة، وتم استهداف مراكزنا أكثر من 380 مرة منذ التأسيس عام 2013 من قبل قوات الأسد وروسيا، رغم أن هذا الاستهداف يعد من جرائم الحرب، غير أنه يدل على إصرار التحالف الروسي مع النظام على استهداف العمال الإنسانيين والمسعفين، وذلك بهدف قتل روح البقاء لدى المدنيين، الذين يعتمدون علينا بشكل كبير للبقاء في مدنهم وقراهم، ونعتقد أننا نقدم خدمات تساهم بشكل كبير في استقرار المدنيين وحياتهم.
*ما هو مصير عناصر الدفاع المدني الذي اضطروا لـ"التسوية" مع النظام بعد أن انقطعت بهم السبل في درعا والقنيطرة وكم عددهم؟
ـ لا نعلم الكثير عن مصائر المتطوعين الذين اختاروا البقاء، فقد انقطع الاتصال بهم لظروف نعلمها جميعا، ونتمنى السلامة والأمان لهم و لعائلاتهم.
*على أي أساس تم انتقاء عدد من عناصر الدفاع للدخول إلى الأردن دون غيرهم في الفترة السابقة التي تبعت اجتياح محافظتي درعا والقنيطرة؟
ـ لم يكن هناك أسس سوى الاختيار الشخصي للمتطوعين، فمن أراد البقاء فقد بقي وعلى مسؤوليتهم الشخصية، أما الباقي فقد خرجوا بعد جهود كبيرة من الأمم المتحدة وبعض الدول الداعمة لعملنا لضمان أمن وسلامة المتطوعين، فكنا نعلم أن النظام السوري سيستهدفهم أولا، لذلك عملنا على تأمينهم وعوائلهم بكل ما أوتينا من قوة.
*الكثير من أهالي الجنوب اتهموا الدفاع المدني بالتقصير أثناء اجتياح محافظة درعا، فما السبب، وماذا فعلتم لتدارك هذا التقصير، إن صح ذلك، في الشمال السوري المحرر؟
ـ أستطيع أن أؤكد أننا عملنا كل ما بوسعنا لنكون مع أهلنا في درعا كما نفعل في كل مكان نستطيع الوصول إليه، قد يبدو للبعض أننا قصرنا، دون الأخذ بالاعتبار للمسائل اللوجستية التي تواجهنا بشكل يومي.

*ما هو دور "الخوذ البيضاء" في مناطق سيطرة المعارضة وتركيا لاسيما "غصن الزيتون" و"درع الفرات"؟
ـ لا نفرق بين المدن السورية، ونعمل في كل مكان بنفس السوية ونأمل دائما بتطوير وتحسين عملنا، لكن بالطبع طبيعة الخدمات التي نقدمها في المناطق الآمنة نسبيا تختلف عن تلك في المناطق الساخنة والتي تشهد عمليات عسكرية، هدفنا الرئيسي هو تسهيل حياة السوريين أينما كانوا، فعلى سبيل المثال "نقوم بحملات تنظيف للشوارع، نساهم بتقوية شبكات الكهرباء والماء في المناطق الآمنة، نعمل على فتح الطرق المغلقة، ونساعد في تقديم الخدمات الطبية الأولية للنساء والأطفال من خلال المراكز النسائية، بالإضافة للكثير من الخدمات الأخرى وذلك لأن هذه الأماكن تعتبر آمنة نوعاً ما.
*كيف ترى مصير عناصر الدفاع المدني إذا ما سيطرت روسيا والأسد على محافظة إدلب؟
ـ الإجابة صعبة على هذا السؤال ونأمل ألا نصل لهذا السيناريو، ولكن أعتقد أن السؤال يجب أن يكون حول مصير ثلاثة ملايين ونصف المليون من المدنيين السوريين المقيمين في المحافظة، فالمتطوعون هم مدنيون سوريون بالنهاية ولن يتخلوا عن أهاليهم حتى آخر رمق، وقد أثبتنا ذلك مراراً وتكراراً.
*ما هو مستوى التعاون بين منظمة الخوذ البيضاء والصليب الأحمر الدولي؟
ـ لا يوجد هناك حاليا أي تعاون بين المنظمتين، ومع ذلك نتطلع لبناء علاقة جيدة تخدم المدنيين، وأيضا ترفد كوادرنا بخبرات منظمة كبيرة كالصليب الأحمر الدولي.
حاوره: وليد السليمان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية