أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل من رجل يقول لهم... اخرجوا؟*

خان شيخون - جيتي

لم تتوقف المعارك في ريف إدلب بالرغم من التعويل على ما تسرب من تفاهمات أستانة من جهة، أو من الزيارة التي قام بها الرئيس التركي لموسكو في كونها قد توقف الهجوم الكبير على المدنيين والمنشآت الصحية والمدنية، وهذا ما استدعى أن يطلب ناشطون علانية من المشاركين بأستانا مصارحة الناس في أن يخرجوا من بيوتهم هاربين أو يبقوا على اعتبارهم (جماعة أستانا) جزءا من الصفقة الأخيرة.

وبعد سقوط خان شيخون وريف حماة الشمالي تحديداً علت أصوات المطالبين بضرورة مصارحة الناس بحقيقة ما يجري على الأرض، وهل في الأمر اتفاق واضح على تسليم هذه المناطق للنظام، وأن رائحة ما حصل في حلب تفوح بقوة الآن في تكرار مريب وبشع لسيناريو التسليم المكشوف بالرغم من كل محاولات التغطية عليه بالتصريحات والصمود الأسطوري وسواه مما يسبق السقوط المدويّ.

اليوم يطال الهجوم معرة النعمان وريفها، وباتت الأصوات واضحة في ضرورة قول الحقيقة من أطراف بعينها سواء الضامن التركي الذي بدأت تنفضّ من حوله مسلمات الولاء والظن الحسن، وقادة الفصائل وسياسيو المعارضة الذين صمتوا فجأة وكأنهم يمثلون شارعاً آخر، أو يقطنون في عالم آخر بعيد عما أُوكلوا به- ربما يجمع الكثيرون على أنهم لا يمثلون أحداً- ولم تحركهم مشاهد الموت اليومي التي تفطر القلوب، وقوافل الهاربين، والموتى الذين يودّعون بعضهم في أبشع ماساة بشرية تحصل أمام صمت حقير محلي وعربي ودولي.

بالأمس كتب صحفي صديق: (لو تركيا تخبر سكان معرة النعمان بضرورة المغادرة مش افضل) في صرخة واضحة لا تحمل أي تأويل على الأدوار الملتبسة لكل الأطراف، وعلى ضرورة أن تكون الكلمة الفصل لإنقاذ أرواح البشر التي ربما تكابر على يأسها.

ناشط آخر طالب الأطراف السورية المشاركة في أستانا، ومن بين أصابعها يخرج هذا الدم البريء بعد أن وقعت على اتفاق قيل منه ما تم التوافق عليه، وأخفيت حقيقته: (من كل (...) أستانة وقادة الفصائل الخونة ما في واحد عنده ذرة ضمير يطلع يقول للناس عن الطرقات والمناطق اللي اتفقوا على تسليمها للنظام والروس).

ربما ينتظر هؤلاء الأوامر الأخيرة التي تسمح لهم بقول الحقيقة المتأخرة لأن الإجماع بات واضحاً شعبياً، ومن أغلب النخبة المعارضة المخلصة في أن من وقعوا في أستانا، ومن يفاوضون هم شركاء في القتل، وشركاء في خيانة أحلام السوريين البسيطة.

وأما من يقفون بصمتهم مع ما يحصل من عرب وبقايا أصدقاء الشعب السوري، ودعاة الحرية في العالم فهم أيضاً شركاء في القتل لأنهم يرون في موت السوري وتهجيره مصلحة مع طرف دون آخر، وبعض العربان الأشقاء يدفعون بالمهجّرين السوريين إلى داخل الحدود أو يقضون مضاجعهم بقرارات عنصرية وهمجية في كون السوري بات يقاسمهم الهواء والطعام وعليه أن يعود أدراجه إلى وطن تحكمه فيه إما المقصلة أو الرصاصة.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(184)    هل أعجبتك المقالة (194)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي