أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"دورة الربح السريع" في الملف السوري.. حسين الزعبي*

الكاتب: الدول ليست جمعيات خيرية ‏ولا تسعى لأكثر من مصالح - أرشيف

تتعمد موسكو بين حين وآخر التأكيد، وعلى لسان كبار مسؤوليها، أن الهجمات العسكرية ‏لقوات النظام ضد المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في حماة وإدلب بغطاء ‏جوي روسي، إنما هي تطبيق للتفاهمات التركية الروسية، وهذا ما أعلنه صراحة بالأمس ‏وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال: "هجمات النظام على إدلب لا تخالف ‏الاتفاقات مع تركيا".‏

رغم التصريحات المتكررة من الجانب الروسي لم يصدر عن المسؤولين الأتراك أي نفي ‏أو رد، علما أن المسؤولين في أنقرة اعتادوا الرد على تصريحات المسؤولين من كافة ‏الدول في القضايا التي تتعلق بتركيا، إلا أنهم في هذا الملف يكتفون بالإشارة إلى الجوانب ‏الإنسانية وفي أقصاها التحذيرات من أن الهجوم على إدلب قد يشكل تهديدا للأمن القومي ‏التركي، وهذا ما قاله مؤخرا الرئيس رجب طيب أردوغان، وربما كان يشير في ذلك إلى ‏خشية تركيا، التي تستضيف أكثر من 3 ملايين سوري، من موجة لجوء جديدة هي في ‏غنى عنها.‏

ما قاله لافروف وغيره بشأن الاتفاقات مع أنقرة قد يكون صحيحا بالنظر إلى السياسة ‏التركية في الملف السوري وهي سياسة "دورة الربح السريع" إن جاز لنا التعبير، وربما ‏في هذا السياق جاء التخلي عن حلب، التي كانت جزءا من تسوية الخلافات الروسية ‏التركية التي تفاقمت على خلفية إسقاط الطائرة الروسية، ومن ثم جاءت وربما في السياق ‏نفسه مباركة مخرجات مؤتمر سوتشي والدخول في معمعة اللجنة الدستورية دون أن ‏ننسى الاجتماعات المتتالية في أستانا و"ضامنيها"، وربما من نتائجها "قوننة" التهجير إلى ‏الشمال.‏

التفاهم الأولي الذي توصلت إليه تركيا مع الولايات المتحدة بشأن المنطقة "الآمنة" في ‏مناطق شرقي الفرات في سوريا لن ترضى عنه روسيا وستسعى لأن يكون له مقابل في ‏مناطق غرب الفرات التي باتت منطقة نفوذ روسي قد لا تكون مناطق الشمال "المحرر" ‏في حماة وإدلب بعيدة عنها، وهي مناطق بات النظام يقضمها بإشراف روسي، وشهدنا ‏ذلك في خان شيخون وغيرها من المناطق المجاورة.‏

وقد لا ترى تركيا وفق سياسة "دورة الربح السريع" ضيرا في ذلك مقابل تشكيل المنطقة ‏الآمنة شرقي الفرات، لكن السؤال ماذا لو أحكم النظام سيطرته على إدلب وتوافقت القوى ‏‏"الكردية" مع النظام، وهذا غير مستبعد، بل هذا ما دعت إليه قوات سوريا الديمقراطية ‏علنا، عندها، كيف لتركيا أن تبقى في تلك المنطقة؟ بل ما الذي سيمنع النظام نفسه من ‏إيجاد "حكما ذاتيا كرديا"، مقابل خطوة أخرى باتجاه إعادة تدويره.. وبالتالي خسارة كبرى ‏جديدة للأتراك في الملف السوري، وهم الذين حازوا في فترة من فترات الثورة السورية ‏على ولاء الملايين من السوريين من منطلق "دعم انقرة للثورة".‏

بالمحصلة، لابد من التأكيد على البدهية السياسية، وهي أن الدول ليست جمعيات خيرية ‏ولا تسعى لأكثر من مصالح قد تلتقي مع رغبتنا وقد تتعارض، أما ما بات بدهيا أيضا هو ‏أننا كسوريين بكل تصنيفاتنا فشلنا فشلا ذريعا في المحافظة على سوريا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(187)    هل أعجبتك المقالة (177)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي