أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دفاعا عن الثورة وليس عن السلاح.. فؤاد عبد العزيز*

من مظاهرات إدلب - أرشيف

الحديث عن أن السلاح هو سبب فشل الثورة السورية، يجب أن يقابله اعتراف آخر، أنه لولا السلاح لما استمرت الثورة سوى بضعة أشهر، لأن النظام استطاع أن يحاصر جميع المناطق السورية، ويقطع أواصر المدن والقرى والبلدات، بما فيها خيام البدو، في الشهر السادس من العام 2011.

وأصبح قطع مسافة 5 كيلو مترات بين بلدة وأخرى، يستغرق أكثر من ساعة، يضطر المرء خلالها للوقوف على خمسة حواجز، ويتلقى من الإهانات ما لا يطيقه حجر، ومن أولاد من جيل أبنائه.. ولا فرق في ذلك بين مواطن عادي، أو مدير عام، فالكل كانوا أمام الحواجز، أذلاء.

وأذكر في بداية الثورة، أنني ذهبت إلى مدينة إنخل في ريف درعا الغربي، وكان النظام قد اقتحمها منذ عدة أيام، ونكل بأهلها وقتل من قتل منهم، دون أن يكون فيها قطعة سلاح واحدة.. والبلدة لمن لا يعرفها، لا يتجاوز عدد سكانها عشرين ألف نسمة، وقد اضطرت للوقوف على أكثر من 8 حواجز داخل الشارع الرئيسي في المدينة فقط، هذا ناهيك عن باقي الحواجز في الشوارع الأخرى.

أما إذا انتقلنا إلى المشهد الآخر من عنف النظام المفرط، والذي أجبر الناس على حمل السلاح رغما عنهم، فشاهده، مظاهر الدمار العنيف، والقتل العشوائي، برصاص يستخدم عادة لاستهداف الطائرات.. وتقريبا، بعد مرور شهرين على انطلاق الثورة في العام 2011، كانت كل قرية من قرى حوران قد استقبلت على الأقل خمسة شهداء من شبابها، بالإضافة إلى مدينة درعا، التي سقط فيها لوحدها أكثر من 300 شهيد في تلك الفترة … أما المعتقلون، فحدث ولا حرج، كانت عشرات باصات الأمن تدخل على القرى والأحياء، فارغة، وتخرج ممتلئة بالشباب والنساء والكهول، الذين أخذ النظام يفاوض عليهم الأهالي، مقابل عدم الخروج في المظاهرات والمطالبة بإسقاط النظام، وكانوا يخرجون من المعتقلات بعد عدة أشهر، وآثار التعذيب تملأ ظهورهم ووجوههم.. كل ذلك جعلنا عاجزين، عن ثني الناس عن حمل السلاح، حيث كنا مجموعة من المتعلمين، نطوف على المسلحين، ونحاول إقناعهم بالتخلي عنه .. لأننا كنا نعلم أن النظام بالغ في عنفه من أجل إجبار الناس على حمل السلاح، والقول للرأي العام العالمي إنه يواجه متمردين .. لكن هيهات أن تجد من كان يصغي إليك في تلك الفترة .. فالدماء كانت تسيل غزيرة وحارة في كل مكان، وبالإضافة لذلك، عمد النظام إلى اتباع استراتيجية، حرق بيوت الأهالي، في المناطق التي كان يقتحمها بحجة التفتيش عن السلاح،ما أثار حنق الناس أكثر ، وأجبرهم بالفعل على حمل السلاح.

وفي قريتي التي أنتمي إليها في ريف درعا الشرقي، ويبلغ عدد سكانها نحو 15 ألف نسمة، أحرق النظام في مطلع العام 2012، أكثر من 700 بيت من أصل نحو 1500 في القرية، وأصبح أغلبها غير صالح للسكن.

أرجو أن لا يفهم من كلامي، أنني مؤيد لحمل السلاح، فأنا فعلا، لا قولا، كنت ضد حمله، مع أني على قناعة تامة، وهذا الكلام قلته للفرنسيين، أن هذا النظام لن يرحل إلا بالقوة، شأنه شأن كل الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، لكن السلاح المتواجد بين يدي الجيش الحر، لن يكون قادرا على إسقاطه.. وهو ما جرى بالضبط، إذ إن الدول التي تدخلت في الأزمة السورية، عملت على إدامة الصراع بين النظام والمعارضة أطول فترة ممكنة، حيث إن أحدهما لا يستطيع أن يهزم الآخر .. هذه الصورة كانت بادية للعيان، منذ نهاية العام 2012، إلا أن قلة من كان يستطيع أن يدقق فيها ويراها جيدا، أو أن إغراء السلاح والمعارك والدعم، وأخبار البطولات، دفع الجميع لأن يعمي بصره عن هذه الحقيقة.

خلاصة القول، هناك اليوم من يحمّل السلاح سبب كل مصائب الثورة السورية، وهو برأيي تفسير مستعجل وفيه الكثير من الارتجال والتعمية والتعميم .. السلاح بحسب ظني، أن الناس استخدمته، ليس لأنها كانت متيقنة أنها ستسقط النظام به، وإنما كانت تسعى لإطالة أمد الثورة أكبر فترة ممكنة، سعيا وراء تدخل دولي حقيقي، يوقف إجرام النظام بحق شعبه.. إلا أن ما حدث، أن الناس تورطت بحمل السلاح، ثم انتقل المشهد إلى صورة أخرى، مع ظهور الإسلاميين على الساحة، الذين تسلموا دفة المعركة والقيادة بعد منتصف العام 2012 ـ وهؤلاء بدأوا معركة مختلفة عن المعركة التي فتحها الشعب السوري مع نظامه، لذلك يمكن القول إن الثورة السورية دفعت ثمنا غاليا، ليس لحملها السلاح، وإنما لحمل غيرها عنها هذا السلاح...

*من كتاب "زمان الوصل"
(220)    هل أعجبتك المقالة (225)

أبو حمزة

2019-08-26

يا اخي النظام من قبل الثورة و في الحقيقة من اليوم الأول لاستلام الطائفة الحكم تدرك دورها بالبقاء سوريا رهينة التخلف. و عندما قامت الثورة اوكل لهذا النظام تدمير سوريا و لذلك استوحش النظام دون خوف من عقاب لانه يعلم من اوكل له هذا الدور و مدى قوته.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي