لغط واستنكار ودعوات للقصاص وصدمة.. هي جملة المشاعر والتحليلات والأخبار التي حفلت بها مواقع وصفحات معارضة بعد الكشف عن اسم ورتبة الطيار الذي أسقطت طائرته بالأمس في ريف إدلب أثناء تنفيذه غارات على البلدات والقرى في تلك المنطقة.
السبب الرئيس في هذه الضجة الكبيرة هو الانتماء المناطقي والمذهبي للطيار حيث ينتمي المقدم ( محمد أحمد سليمان) إلى مدينة دير الزور وبالتحديد - وفق المعلومات التي تم نشرها- هو من أبناء منطقة البصيرة، وهذا عكس ما كان يسود في السابق أن أغلب طياري النظام هم من مدن الساحل السوري حيث خزان النظام الموالي وأدواته التي تؤمن برؤيته في الإبادة والتهجير.
وهذا ما أثار أسئلة وردوداً حول ما يعنيه هذا الانتماء من حيث أهميته للثورة السورية في كونها ثورة جامعة وليست ثورة قامت على فئة دون أخرى، وأن الانتماء الأبدي فيها لقيم الحرية التي يحملها كل السوريين الذي قالوا لا لنظام أراد حكمهم بالنار.
ماذا يعني أن يتم محاكمة انتماء السوريين لثورتهم أو وطنيتهم على أسس مناطقية وطائفية، وأن يتم التخوين في الوقت نفسه بناء على تلك الأسس؟؟.. وعندها يمكن أن نرسم حدوده بوصفنا لسنا سوريين خالصي الولاء الوطني بل سنكون عندها حماصنة وحلبيون وشوام وديريون وأدالبة ودرعاويون..إلخ من تلك التسميات البغيضة التي تقسم ولا توحد عدا عن اختراقات الطوائف والقوميات وسواها.
إذا كانت المسألة هكذا فيمكننا أن نعيد جملة اسئلة تم طرحها سابقاً، وتنكأ في جسد الثورة ومنتميها من العموم والنخب...أليس من يحكمون ويقتلون في بعض مناطق المعارضة هم من أبناء طائفة معينة تمارس البغي على أبناء الطائفة بعينها.
أليس أغلبية من ينتمون لهيئة تحرير الشام هم من أبناء طائفة معينة ومنطقة معينة وهم سوريون يشعر أغلب سكان المناطق التي يسيطرون عليها بالكراهية تجاهم ويرونهم عبئاً عليهم وعلى ثورتهم.
أليسوا هم من داسوا علم الثورة الأخضر بأحذيتهم، ومنعوا رفعه في أماكن سيطرتهم وزجوا بالسجون الذي ينادون تحت رايته، ويرون فيهم خونة وعلمانيين خارج الملّة والوطنية.
أليس أول من حمل راية سوداء باسم الجهاديين نصرة ودواعش هم سوريون تلقوا اموالاً من جهات خارجية قسّمت المنتمين للثورة على مبدأ أن تكون معنا أو تموت مع الأسد.
وأيضاً هناك من يردد سؤالاً فاضحاً عن منتمي الفيلق الخامس الذي أسسته روسيا وانتماءاتهم المختلفة، وبعضهم ممن وقع اتفاقيات المصالحة، وعادوا جنوداً يقاتلون مع النظام وتحت رايته من كانوا رفاق ثورة قبل سنوات ليست بعيدة.
وابعد من ذلك أليس أولياء السلطان ومشايخه الذي يعتلون منابر المساجد في دمشق وسواها من مناطق ثار أبناؤها على النظام، وكلهم يرون في الثورة كفراً وفي إيران ممانعة وسنداً.
اما أولئك المنقسمون اليوم في جسد الثورة بين موالٍ لدولة وأخرى، وحليف وآخر أليسوا من أبناء الثورة وأكثر مناطقها تدميراً، ويختلفون اليوم كما اختلفوا في الأمس على انتمائهم الصغير لمال الممول وإرادته.
من يستهجن اليوم انتماء الطيار القاتل عليه أن يعرف جيداً أن المجرم لا دين له ولا هوية ولا وطن سوى انتماء القتل فقط.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية