لم يبق شيء في سوريا المحكومة بقبضة الأسد ومليشياته إلا وقد انهار، تحت ضربات الحرب على "المؤامرة الكونية"، ولعل من أبرز علامات هذا الانهيار ما لحق بالقطاع الزراعي، الذي كان درة التاج في الاقتصاد السوري.
فبعد القمح الذي باتت سوريا مستوردة له بعد أن كانت تصدره وتخزنه لسنوات، والقطن الذي لم يعد له ذكر كذهب أبيض، جاء دور ثالث المحاصيل الزراعية التي كانت طوال عقود في صدارة الإنتاج، وصرف على تنميتها ما لايقدر من عرق الفلاحين وأموالهم، ونعني به الشوندر السكري، حيث تحول إلى علف للحيوانات.
ووفقا لتقرير نشرته "روسيا اليوم" فقد دخل محصول الشوند السكري العناية المشددة منذ نحو 4 سنوات، ولم يغادرها حتى الآن، وانهار إنتاجه من نحو 1.7 مليون طن عام 2011، إلى ما يعادل 17 ألف طن هذا العام (أي تراجع 100 ضعف).
وكان محصول الشوندر يؤمن نحو 20 بالمئة من حاجة سوريا للسكر الأبيض، وأنفقت في سبيل الحفاظ عليه أموال طائلة، حتى غدا المحصول الثالث في قائمة المحاصيل الاستراتيجية بعد القمح والقطن.
ولكن الشوندر اليوم تحول إلى علف للحيوانات، بعدما تقلصت مساحات زراعته، وإنتاجيته، وتوقفت المعامل التي كانت تحوله إلى سكر، وهو ما أقرت به وزارة الصناعة التابعة للنظام وأعلنت عنه بكل برود، حين قالت: "بهدف تجنيب الأخوة الفلاحين الأضرار والخسائر، ودعما لمربي الثروة الحيوانية ولعدم الجدوى الاقتصادية من عملية التصنيع لانخفاض الكميات... تم البدء باستلام محصول الشوندر السكري .. وتم فرمها وتسليمها مجانا للجمعيات الفلاحية".
وسبق لوزارة الزراعة أن بررت تقصيرها في دعم زراعة الشوندر معيدة تراجعه إلى إحجام الفلاح عن زراعة محصول "لا يحقق له ريعية اقتصادية مقبولة"،
بينما علق أحد مزارعي الشوندر في ريف حماة مؤكدا أن أهم الأسباب التي دفعت الفلاحين إلى الإقلاع عن زراعة الشوندر يعود إلى التسعيرة المجحفة للشوندر، والتي تقل عن تكلفة إنتاجه، إذ يحدد سعر الطن بـ 25 ألف ليرة، بينما تكلفته قد تصل إلى 30 ألفا، يضاف إلى ذلك قلة اليد العاملة، وعدم وصول المياه إلى بعض المناطق بسبب خراب الأقنية.
وقال مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين قضماني إن معامل السكر بدأت تخرج من الاستثمار مع بدايات الأزمة، ولم يبق سوى معمل سكر تل سلحب في منطقة الغاب في حماة، والخطة التي توضع للمحافظة بحدود 6400 هكتار، لا ينفذ منها سوى 352 هكتارا"، منوها بأن الكميات المنتجة لا يمكن أن تشغّل المعمل الذي تصل طاقته اليومية إلى نحو 4 آلاف طن، بينما الإنتاج كله لا يتجاوز 17 ألفا (لم تتجاوز 6 آلاف طن العام الماضي).
مدير هيئة تطوير الغاب "أوفى وسوف" أشار إلى أن 70 بالمئة من الأراضي التي كان تزرع بالشوندر خرجت من الاستثمار لأسباب أمنية، مثل مناطق: كفرنبودة، كرناز، قلعة المضيق" يضاف إلى ذلك أن دورة الشوندر كبيرة وتكاليفه عالية.
ويعود "قضماني" ليعلق على خيار نظامه بتحويل الشوندر إلى علف: "خيار وقف الزراعة ليس سهلاً لكن ما العمل؟ "مو حرام نفرمه ونبيعه علف؟".
وحول الإجحاف في سعر الشوندر، ودوره في إحجام الفلاحين عن زراعته، يرد قضماني: حتى لو تم رفع سعر الطن، أين سيزرع الفلاحون؟ معظم مناطق زراعته في الريف الشمالي متوترة، وفي كل محافظة حماة مع الغاب هناك 352 هكتارا تمكن زراعتها حاليا، وهي مساحات لا تنتج ما يمكن أن يجعل المعامل تعمل، والحل يكمن في التريث بزراعة الشوندر، واستبداله بزراعة القمح مثلا.
النظام يوجه ضربة قاضية لثالث محاصيل سوريا.. قدمه علفا للحيوانات
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية