أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أرذل الأمم..‏ حسين الزعبي*

من ريف إدلب - جيتي

من أبجديات السياسة أن تستثمر الدول كل ما لديها من "أوراق" لإنجاز أهدافها المرحلية أو البعيدة، وكذلك في سبيل ‏تعزيز ما تعتبره الدول "خطوطا حمراء" أو "مسائل أمن قومي" وهي مسائل عادة غير قابلة للتنازل أو المساومة وقد ‏تخوض الدول حربا أو حروبا في سبيل عدم المساس بها، وهذا يبدو جليا في السياسات التي تنتهجها الدول الكبرى ‏عسكريا واقتصاديا. ‏

وللدول الإقليمية أيضا خطوطها الحمر، وقضاياها التي لا تقبل المساس بها، بل يمكن أن يصبح التنازل عنها بمثابة بوابة ‏للخروج من تصنيف الدول الإقليمية الفاعلة إلى الدول الأقل من ذلك وربما الوصول إلى مرحلة الدولة الوظيفية التي ‏تؤدي مهاما للدول الفاعلة مقابل بقائها على الخريطة، والعكس قد يكون صحيحا فالدول الإقليمية تزداد رسوخا وتأثيرا ‏بقدر كسبها المزيد من الأوراق التي من شأنها أن تؤثر في موازين القوة لصالحها في لحظات الصراع سواء أكان هذا ‏الصراع سياسيا أم اقتصاديا.‏

من الدول التي يمكن تصنيفها "قوى إقليمية" في المنطقة، إيران وتركيا لما تملكانه من نقاط قوة داخل الحدود وخارجها، ‏إلا أن المقارنة يبدو أنها لصالح إيران وذلك لحضورها الواضح في ملفات الإقليم بشكل أكثر فعالية وتأثير من الوجود ‏التركي الذي أتيحت له فرصة وربما أكثر لتثبيت أقدامه في المنطقة لكنه لم يستثمرها كما يجب، أو هكذا يبدو.‏

للرئيس التركي السابق "عبد الله غول" مقولة مذ كان وزيرا للخارجية، مفادها أنه لا يمكن لتركيا أن تعود دولة فاعلة في ‏المنطقة من دون البوابة السورية، وهذه حقيقة جغرافية لا تتغير وتاريخية تؤكدها تجربة الدولة العثمانية التي تحولت إلى ‏إمبراطورية من البوابة السورية، وعندما انكفأت كانت الأرض السورية هي آخر الأبواب التي أغلقت خلف الوجود ‏العثماني في المنطقة العربية.‏

أما إيران، فالعراق بوابتها الجغرافية، وحقائق التاريخ شاهدة منذ العهود الكسروية مرورا إلى الدولة الصفوية ووصولا ‏إلى حلم آيات قم بضفاف المتوسط، وفي الوقت الذي تمكنت فيه إيران من افتراس العراق وإعادته إلى ما قبل التاريخ، ‏وهذا بدون شك يخدم مشروعها الإمبراطوري، فعراق قوي يعني وبشكل آلي إيران ضعيفة. ‏

إيران في العراق نافست الولايات المتحدة على النفوذ وانتصرت عليها وبات العراق ساسة وميليشيات واقتصاد يدار من ‏قم، بينما لم تتمكن تركيا من تأمين الشريط الحدودي مع سوريا رغم الفرص الكثيرة التي توفرت لها، بل على العكس ‏خسرت في الساحل السوري، خسرت تركمان سوريا بريف اللاذقية وهم الحلفاء التاريخيين للاتراك، وباتوا من ساكني ‏الخيام على طرفي الحدود بعد أن كانوا رأس حربة في الضغط على النظام في أهم معاقله.‏

وجد سوريون كثر، أعدادهم تتجاوز المليونين، في تركيا ملاذا يحمي ظهرهم، معيشيا، في الحد الأدنى، بعضهم أصبح ‏كامل الولاء لتركيا انطلاقا من القهر في الداخل السوري والإذلال العربي، لكن تأبى أحابيل السياسة التركية سواء أكان ‏ذلك نتيجة السطوة الجديدة للمعارضة أم جراء حسابات خاطئة لحكام أنقرة قد يكون من ضمنها إضافة ملف اللاجئين إلى ‏صفقة "إس 400" كما يشاع، تأبى إلا أن تراكم الأخطاء في الملف السوري، وهذه المرة عبر الحملات التي تستهدف ‏الوجود السوري في تركيا، وهو ليس عالة على الاقتصادي التركي باعتراف ساسة أتراك، بينما تستضيف ايران أكثر ‏من مليون أفغاني جعلت منهم جيشا تقاتل به في الساحات العربية.‏

لا اشير هنا، ولا أدعو الى أن يكون السوري أو العراقي اداة لصالح أي مشروع خارجي مهما كان هذا المشروع، لكنها ‏حالة توصيف أكثر منها حالة تقييم، في سياق زمني أوصلنا فيه ثلة من الحكام إلى أرذل الأمم حتى في أحلامها. ‏

*من كتاب "زمان الوصل"
(205)    هل أعجبتك المقالة (225)

2019-07-23

ايران في العراق نافست الولايات المتحدة على النفوذ وانتصرت عليها وبات العراق ساسة وميليشيات واقتصاد يدار من ‏قم. عذراً سيد حسين الزعبي ايران لم تنافس أمريكا في العراق بل أمريكا قدمت العراق مكافأةً لايران من يجهل وقائع السياسة وحقائق التاريخ ليس بكاتب.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي