أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"قتل معلن" فيلم لـ"واحة الراهب" يرصد زواج اللاجئات السوريات القاصرات

أنهت الكاتبة والمخرجة السورية "واحة الراهب" العمليات الفنية الأخيرة لفيلمها الجديد "قتل معلن" الذي يستنطق معاناة السوريات، وخاصة زواج القاصرات في ظل الحرب والنزوح والشتات، ويعكس ما آل إليه حال السوريين من تشرد وضياع وفقر في مخيمات اللجوء، بشكل كرّس اضطهاد المرأة والطفلة والإنسان السوري بشكل عام، وذلك من خلال قصة طفلة تعرضت للتهجير على غرار مئات الألوف من أطفال سوريا.

وتقول "الراهب" لـ"زمان الوصل" إن فكرة الفيلم جاءت بعد ورشة عمل أقامتها "منظمتا "مدني" و"سيرج" لمجموعة من العاملين المخرجين وكتاب السيناريو حول الفن وضرورة تضمينه لقضايا المرأة، مضيفة أن المنظمتين قدمتا بعدها دعماً مادياً لعدة أفلام تم اختيارها حول هذا الموضوع.

ولفتت محدثتنا إلى أنها كانت تود تقديم نص لفيلم طويل يطرح الكثير من قضايا المرأة، لكن مديرة المشروع من طرف "مدني" السيدة "ملاك سويد" نصحتها بتقديم فيلم قصير لعدم توفر التمويل الكافي لدعم فيلم طويل.


ويأتي فيلم "قتل معلن" للمخرجة "واحة الراهب" بعد فيلمها الطويل "هوى" عن رواية لـ"هيفاء بيطار"، الذي أنجزته قبل اغترابها عن سوريا، ومُنع من العرض وتمت إقالتها من مؤسسة السينما إثر ذلك، وهذا "جزء من انعكاس الحرب عليها وعلى كل فنان صاحب موقف مبدئي تجاه ما يحدث من إبادة وتدمير بحق شعبنا وبلدنا، وهو الثمن الذي ندفعه دون أي أسف أو ندم مقابل رأينا الحر وانعتاقنا من العبودية" كما تقول.

يروي فيلم "قتل معلن" عبر 15 دقيقة قصة طفلة سورية في الحادية عشرة من عمرها تقطن مع عائلتها في مخيم للاجئين السوريين في لبنان، وتستيقظ يوميًا على كوابيس تعكس حجم العنف المخزن في ذاكرتها، تضاف إليها المعاناة اليومية التي تتكبدها مع أسرتها، للعمل الشاق بأجور زهيدة، مع أب عاجز يتنقل على عكاز، والأم في شهرها الأخير من الحمل، مما يضطرهما أمام الحاجة لتأمين أجرة الخيمة التي يسكنون فيها، وتراكم الديون إلى تزويج طفلتهما لابن جارتهما الذي يكبرها بـ25 عاماً، بعدما أقنعتهم بافتقار سوريا للعرسان الشباب بسبب القتل والاعتقال والتهجير والحرب.

وأشارت محدثتنا إلى أن فيلمها هو بمثابة صرخة للتحذير من تفشي ظاهرة زواج القاصرات، المخالفة للدستور والقوانين السورية والإنسانية، وإلى الوضع المعيشي السيئ الذي يكابده السوريون في لجوئهم المذل للكرامة الإنسانية، والتشدق بمساعدات الأمم المتحدة التي يلمس المرء في المخيمات مدى زيفها، بينما يدعي العنصريون أن اللاجئين يهدرون أموال البلاد التي يقطنونها. واستُوحيت فكرة الفيلم -حسب قولها- من هذه المأساة اليومية متعددة الأوجه والنتائج الكارثية، للتعبير عن هاجسها القديم الذي لازمها دائماً وهو عكس مظلومية المرأة، لكونها الكائن الأكثر اضطهاداً وتعتيماً على اضطهادها من غيرها، ولكون قضيتها هي المحور والركيزة الأساسية لتحضر المجتمعات وتحررها وتطورها.
محدثتنا أشارت إلى أنها حاولت من خلال فيلمها أن تلخص الكثير من قضايا المرأة ولطالما كانت هذه القضية هاجسها منذ مشروع تخرجها في كلية الفنون الجميلة ثم بعدها في مشاريع دراستها الإخراج في فرنسا وإلى الآن، وكذلك طرح ما تتعرض له المرأة في طفولتها من انتهاكات، ليس آخرها زواج القاصرات.

وأبانت "الراهب" أن فيلمها بعد فراغها من السيناريو لأنه لا يعبر فقط عن المآسي والمظلومية التي تعيشها المرأة منذ طفولتها، عبر كل أشكال القمع والاضطهاد والعبودية والخوف الممارسة بحقها، بل يجسد تتويجاً لكل المآسي التي يتعرض لها الشعب السوري بجميع أبنائه وبناته، من قتل معلن على الملأ جهاراً، والعالم يغض الطرف ساكتاً على جريمة العصر والمقتلة الأكبر في العصر الحديث.

واستدركت أن اختيارها لمخيم اللجوء جزء أساسي من السيناريو ومن رغبتها في التعبير عن واقع أهلنا المؤلم القاسي وهو جزء من ربط تفشي قضية زواج القاصرات في هذه المرحلة بالذات بهذا الواقع المأساوي كنتيجة له يوضحها الفيلم، رغم تناقضه مع القوانين الإنسانية والمحلية التي تحدد الزواج بعمر 18 عاما.

ولاقت كاتبة ومخرجة "رؤى حالمة" صعوبات إنتاجية عدة في إنجاز الفيلم وعلى رأسها محدودية الميزانية لأن الفيلم –كما تقول- ينتمي لفئة أفلام حقوق الإنسان التي تمول من منظمات مجتمع مدني محدودة الإمكانيات، وتحظى بفرص ضئيلة في المشاركة بالمهرجانات الكبرى، بسبب ميزانيتها الضعيفة. مشيرة إلى أن بعض المبدعين السوريين مثل الفنان "مكسيم خليل" تبرع بأجره، أو المونتير مقابل مشاركته بالإنتاج، وعملت بدورها كممثلة ومخرجة وكاتبة ومنتجة منفذة من دون أجر أيضًا.

وعبّرت محدثتنا عن أملها بأن يساهم فيلمها الجديد في إيصال صوت السوريين إلى العالم، وأن يكون له دور فعال في دعم حملات التوعية لقضايا العنف ضد المرأة والحد من ظاهرة زواج القاصرات، وأن تتمكن من إيصال صوتنا والتعبير عن الإنسان السوري وقضيته، ولكن بكل حرية وبكل مصداقية وشفافية، وبشكل إبداعي لا يكتفي بنقل الوقائع بشكل توثيقي إخباري، بل يعيد صياغتها بشكل إبداعي جديد هو الأقرب إلى قلوب الناس والتواصل معهم والتعبير الراسخ بعمق عن قضاياهم وأحلامهم وهويتهم الحضارية.



فارس الرفاعي - زمان الوصل
(227)    هل أعجبتك المقالة (250)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي