(ما في داعي)..إجابة ترددت كثيراً منذ سنوات على مسامعي من أصدقاء ومعارف عند سؤالهم عن وضعهم القانوني في تركيا، ولماذا إلى الآن لم يستخرج إقامة أو بطاقة لجوء تحميه من الترحيل أو المطاردة في بلد يتكاثر فيه السوري كما لو أنه في بيته.
حالة الاطمئنان التي وصلت إلى اللامبالاة في تعاطي الكثير من السوريين في تركيا مع أعمالهم وحياتهم أوصلتهم اليوم -في ظل التشديد الجديد للداخلية التركية على أوراقهم- إلى الفوضى والحيرة لإيجاد مخرج لما هم فيه من تهديد قد يصل إلى الترحيل.
تتفاعل المشكلة في اسطنبول حالياً، ومن المرجح أن تنتقل قريباً إلى باقي المدن التركية، خاصة وأن المعارضة تسعى جاهدة لاستغلال وضع السوريين كورقة في صراعها مع حزب التنمية والعدالة، وفي اسطنبول اليوم ينصح العمال السوريون بعضهم بالبقاء في بيوتهم على أمل أن تمر (الغيمة) السوداء راجين أن لا تأخذ وقتاً طويلاً، وهذا ما نصح به أحد المحامين العاملين في المدينة بالشأن السوري.
النصيحة الأخرى التي أسداها المحامي هي أن أمام السوريين المخالفين في اسطنبول خياران هما العودة إلى أماكنهم الأولى في المدن التي استخرجوا منها بطاقات الحماية، أو الابتعاد عن أماكن تواجد الشرطة ريثما تمر العاصفة، فيما الأمر الواقع هو أن السوري يعيش على عمله الذي اضطر من اجله للحياة في اسطنبول وبالتالي لا حياة بدون عمل.
وخلال الأيام الماضية تحولت مواقع التواصل إلى آلة لبث الذعر والخوف بين اللاجئين من الآتي، وتفسيرات متعددة لتصريحات المسؤولين الأتراك وما رشح عن اجتماع وزير الداخلية مع بعض الإعلاميين المقيمين في اسطنبول، وخرج حينها البعض ليساهم في إشعال نار الخوف فيما بعض العقلاء قاموا بدورهم في إيصال رسالة الحكومة التركية عن رغبتها في قوننة وجود الأجانب عموماً بما فيهم السوريين.
آخرون اتهموا الأتراك بأنهم وراء المشكلة الحالية نتيجة تعاطيهم بمبدأ الباب المفتوح مع السوريين، وشعاراتهم الأخوية عن "المهاجرين والأنصار" التي ساهمت في إيصالهم إلى المأزق الحالي.
مشادات عبرت عن عمق المشكلة بين السوريين أنفسهم فالبعض رأى أن تجاوزات غير مسؤولة هي من ساهمت في إثارة حقد الأتراك من سلوكيات لا تتوافق مع منطق التركي في حياته ونزهاته وحياته الاجتماعية، وإحساس الكثيرين أنهم في بلدهم فتصرفوا وفق الفوضى التي عاشوا فيها في أوطانهم، وكذلك المشاجرات التي افتعلت في أماكن محددة مع الأتراك وسواهم.
أيضاً هناك أصوات تتحدث عن ظلم كبير حاق بهم، وأن المسؤولين الأتراك يبالغون بما قدموه للسوريين من معونات، وأن الأرقام التي يتحدثون عنها هي من جعلت التركي يرى في السوري شريكاً في لقمة عيشه، وهذه ليست حقيقة كاملة دون نكران ما تم تقديمه بالتأكيد.
بالنتيجة ومهما كانت الأسباب التي أوصلت السوريين في تركيا وبعض الدول إلى ما هم عليه من خوف وحيرة يتوافق الجميع على أن تأمين خيار العودة والانتقال السياسي العادل ومحاكمة المجرمين، وتوافق على دستور يحقق العدل بين السوريين هو الحل.
سوريو تركيا وسواها.. خوف وحيرة الأيام القادمة*

*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية