أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شبكات التجسّس تعيد الحرارة إلى العلاقات اللبنانيّة ــ السوريّة

قليلة هي الملفات الأمنية التي لا تستدعي تنسيقاً بين الأجهزة الأمنية اللبنانية ونظيرتها السورية، بدءاً من القضايا الجنائية العادية وضبط الحدود، وصولاً إلى الملفات الإرهابية ومكافحة التجسس الإسرائيلي. لكنّ التنسيق بين الطرفين كان قد هبط إلى أدنى مستوياته بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، رغم الحفاظ على الحد الأدنى منه في الملفات الحساسة التي تعمل عليها مديرية استخبارات الجيش اللبناني.
وبعد اتفاق الدوحة، أنشئت قناة دائمة للتواصل بين الاستخبارات اللبنانية والسورية، أثمرت تبادلاً لمعلومات تهمّ الطرفين، بينها مكافحة المجموعات الأصولية الناشطة على طرفي الحدود، وخاصة المجموعات المكوّنة من بقايا تنظيم «فتح الإسلام».
وبعدما أنجزت مديرية استخبارات الجيش تحقيقاتها مع المتهمين بالتجسس لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، الشقيقين علي ويوسف الجراح (تشرين الأول 2008)، تبيّن لها أن جزءاً رئيسياً من العمل الذي أنجزاه لحساب الإسرائيليين كان داخل الأراضي السورية.

 وبناءً على ذلك، أعدّت مديرية استخبارات الجيش ملفاً تضمن ما ورد في إفادات الموقوفين عن المهمات التي نفذّاها في سوريا، وسلّمته إلى المعنيين في دمشق.
أما ما بين فرع المعلومات والاستخبارات السورية، فكان قطيعة خلال السنوات الأربع الماضية، هي انعكاس للعلاقة المتوترة بين الأكثرية الحاكمة في لبنان والنظام السوري.

وأسهم في هذه القطيعة إسهاماً كبيراً الاتهامات التي وجهتها قيادة الفرع والتيار السياسي الراعي له للاستخبارات السورية بالضلوع في جرائم إرهابية في لبنان، وبالوقوف خلف تنظيم «فتح الإسلام».
ولم تبدل كثيراً في باطن هذه العلاقة وظاهرها زيارةُ وزير الداخلية اللبناني زياد بارود إلى دمشق، التي رافقه فيها المديران العامان للأمن العام وفيق جزيني والأمن الداخلي أشرف ريفي، علماً بأن الأخير كان قد حصل على غطاء النائب سعد الحريري لانتقاله إلى الشام.

 لكنّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي خطت خطوة إلى الأمام خلال الشهرين الماضيين. فبعد توقيف فرع المعلومات للعميد المتقاعد أديب العلم بشبهة التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، بيّنت التحقيقات معه أنه نفّذ برامج استخبارية إسرائيلية داخل الأراضي السورية.

 إضافة إلى ذلك، كان العلم قد أنشأ عنواناً بريدياً لشركة وهمية ووضع إعلاناً في صحف سورية من أجل استقدام طلبات توظيف فيها. وقد تلقّى العلم عشرات الطلبات من مواطنين سوريين، وأرسلها مباشرة إلى الإسرائيليين الذين استثمروها، بحسب التقديرات الأمنية، لتحديد أشخاص للتجنيد داخل الأراضي السورية.
من ناحية أخرى، يشير مسؤولون أمنيون إلى أن التقنيات التي استخدمها فرع المعلومات لملاحقة شبكات التجسس بيّنت وجود أرقام هاتفية يستخدمها عملاء لإسرائيل داخل الأراضي السورية.

ويؤكد المسؤولون ذاتهم أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أعدّت ملفاً مفصّلاً ضمّنته المعلومات المذكورة، وسلّمته إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بهدف نقله بالوسيلة التي يراها مناسبة إلى السلطات السورية، علماً بأن سليمان كان قد أوعز إلى الأجهزة اللبنانية بضرورة التنسيق مع الأجهزة السورية في الملفات التي تمس أمن البلدين.


وأشار المسؤولون أنفسهم إلى أن الملف شديد الحساسية في بعض أبوابه، وهو بحاجة إلى متابعة دقيقة داخل سوريا.
وفيما أكّدت أوساط القصر الجمهوري، قبل أيام، أن سليمان بعث بالملف المذكور إلى الاستخبارات السورية، نقل مسؤولون أمنيون لبنانيون كلاماً متناقضاً عن دمشق بشأن هذا الأمر.

 فبعد يومين على تسلّم رئيس الجمهورية للملف المذكور، يقول مسؤول رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إن قيادة المديرية تلقّت ما يشبه رسالة الشكر من المعنيين في سوريا.

 لكنّ مسؤولين لبنانيين، بعد مضي أكثر من أسبوعين على تسلّم رئيس الجمهورية للملف من الأمن الداخلي، نقلوا عن نظرائهم السوريين كلاماً يعبر عن امتعاضهم لعدم حصولهم على أي معلومات تخصّ الأمن السوري وردت في إفادات الموقوفين لدى فرع المعلومات. ولم يتسنّ الحصول على تأكيد لأي رواية من مسؤولين سوريين.


تجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية زياد بارود بدا شبه غائب عما يجري في هذا الإطار، إذ إنه أكّد أن التنسيق محصور في الجيش اللبناني، وأن فرع المعلومات يزوّد الجيش بمضمون التحقيقات التي ينبغي نقلها إلى سوريا. لكنّ معنيين بالملف أكدوا أن الجيش لم يتسلّم أي معلومات من الأمن الداخلي بهدف إرسالها إلى سوريا.

توقيف مشتبه فيه جديد بالتعامل

وفي سياق متصل، أوقفت مديرية استخبارات الجيش، أمس، المواطن ع. م. (مواليد عام 1954) في بلدة عين قانا الجنوبية، للاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية.

 وذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن أحد الموقوفين الذين يخضعون للتحقيق لدى مديرية الاستخبارات ذكر في إفادته أن علي م. يعمل معه ضمن خلية واحدة لحساب الاستخبارات الإسرائيلية.
وظهر أمس، دهمت دورية من فرع استخبارات الجنوب الموقوف المذكور، واقتادته للتحقيق معه، فاعترف مباشرة بأن الإسرائيليين جنّدوه عام 1992 للعمل معهم عندما كان موجوداً في العاصمة الإثيوبية. وأرشد الموقوف المحققين إلى مكان قريب من منزله كان قد خبّأ فيه قبل حوالى أسبوعين جهازاًَ إلكترونياً كان يستخدمه للتواصل مع مشغّليه الإسرائيليين.

 وحتى مساء أمس، كان الموقوف يصرّ على أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تكلّفه سوى بمهمات استعلامية عن المقاومة ومواقعها وأفرادها.

الأخبار
(97)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي