توصّل المجلس العسكري الانتقالي الذي يمسك بزمام السلطة منذ إطاحة نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير في 11 نيسان/ أبريل 2019، وقوى إعلان الحرية والتغيير، التي تمثل المعارضة الشعبية المنظمة الرئيسة في البلاد، في 5 تموز/ يوليو 2019، إلى اتفاق سياسي لقيادة المرحلة الانتقالية.
وقد شمل هذا الاتفاق، الذي توسطت إثيوبيا في الوصول إليه، تشكيل مجلس سيادي مكون من 11 عضواً، منهم 5 من العسكريين و5 من المدنيين، وعضو واحد يتم التوافق عليه، على أن يرأس المجلس في الواحد والعشرين شهرًا الأولى أحد العسكريين، ثم تؤول الرئاسة إلى شخصية مدنية في الثمانية عشر شهرًا المتبقية.
كما تضمن الاتفاق تشكيل قوى "إعلان الحرية والتغيير" لمجلس وزراء، مع تأجيل تشكيل البرلمان الانتقالي، وتكوين لجنة تحقيق وطنية بشأن أحداث العنف التي وقعت خلال الفترة الماضية.
وأوضحت ورقة "تقدير موقف" صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الاتفاق يعكس موازين القوى التي ظلت، رغم إعادة الاعتبار لقوى الإعلان في تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2019، تميل إلى مصلحة المجلس العسكري بحكم سيطرته على الدولة وأجهزتها، واختيار قوى إعلان الحرية والتغيير تجنب التصعيد الذي يمكن أن يدخل البلاد في حالة العنف والفوضى.
وأضافت "يمكن القول إن هناك مخاوف مشروعة عديدة تتعلق بقدرة الاتفاق، الذي ظهرت في الآونة الأخيرة خلافات حول صياغته، على نقل السودان نحو الديمقراطية، ودفع المجلس العسكري إلى التخلي نهائيًّا عن طموحاته في السلطة. لكنّ الشعب السوداني أثبت على نحو قاطع أنه مصمم على بلوغ أهدافه في الحرية والتنمية، وأنه قادر على التحرك في كل الظروف للوصول إليها". واعتبرت أن تحقيق أهداف الثورة سوف يعتمد أكثر خلال المرحلة المقبلة على تحويل الطاقة الشبابية الكبيرة، التي أظهرتها الثورة، إلى طاقة منظمة ذات برامج واضحة للانتقال الديمقراطي، تدفع نحو تحقيق شعارات الثورة في بناء دولة مدنية ديمقراطية قوية.
وجاء الاتفاق بعد نحو شهر من عملية فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، في 3 حزيران/ يونيو 2019، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 من المتظاهرين وجرح أكثر من 500 آخرين.
وردت "قوى إعلان الحرية والتغيير" على فض الاعتصام بتظاهرات كبرى يوم 30 حزيران/ يونيو 2019، شملت عددا من مدن السودان الكبرى، وحققت نجاحا كبيرا.
ودفعت هذه التظاهرات إلى عقد اجتماع سري ضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والسعودية والإمارات، مع ممثلين للمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، مهّد الطريق للاتفاق الذي جرى الإعلان عنه بإشراف مندوب الاتحاد الأفريقي والحكومة الإثيوبية في 5 تموز/ يوليو 2019.
"تقدير الموقف" اعتبرت أن هناك شعورا بالتوجس تجاه نيات المجلس العسكري يظل قائمًا، عازية ذلك إلى أن الاتفاق يضع سلطة القرار في يد المجلس العسكري، على الأقل، في الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية.
يضاف إلى ذلك أن الاتفاق لا يحمل أي إشاراتٍ إلى أن إدارة الموارد، وسلطة اتخاذ القرار، والسيطرة على جهاز الأمن والمخابرات، سوف تكون في يد المدنيين.
ومن المخاوف، حسب الورقة، أن بقاء جهاز أمن البشير بتركيبته وتصوراته التي تحكَّم بها في مفاصل الدولة 30 عامًا يمثل خطرًا آخر عليه، هذا فضلًا عن الأزمة الاقتصادية الضاغطة وإفلاس الخزينة العامة والديون الكبيرة المترتبة على الدولة، واستمرار تصنيف السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب.
ويثار سؤال كبير حول محاسبة المسؤولين عن القتل الذي حصل بحق المعتصمين، في ضوء تضمين الاتفاق فتح تحقيق في المسؤولية عن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية