جميع الوزارات التي تشكلت في عهد القائد الخالد حافظ الأسد ، كانت تستقيل عقب أي انتخابات تشريعية أو استفتاء رئاسي ... وهذا السلوك الوزاري أصبح بمثابة عرف دستوري يجب على جميع الحكومات اللاحقة الالتزام به .... وإلا عرضت نفسها لوصمة مخالفة الدستور باعتبار أن السوابق لها قوة إلزامية لا تقل عن القوة الإلزامية لأي نص دستوري .
وحتى نص الدستور يوجب على حكومة العطري تقديم استقالتها فوراً بعد انتخابات مجلس الشعب . وهذا الحكم وإن لم يرد صراحة في أي نص دستوري إلا أنه يمكن استخلاصه بسهولة من مجموعة الأحكام الواردة في الدستور بخصوص السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية .
فالمادة 118 من الدستور تنص على أن :
" تتقدم الوزارة عند تشكيلها ببيان عن سياستها العامة وبرامج عملها إلى مجلس الشعب" .
فالدستور يفرض على الحكومة تقديم بيانها الوزاري إلى مجلس الشعب للحصول على ثقته .. وبالتالي فإن إجراء انتخابات تشريعية يفرض على الحكومة تقديم استقالتها لأن الثقة التي حصلت عليها ليس صادرة عن المجلس الجديد وإنما عن المجلس القديم الذي انتهت ولايته .. ولا يجوز أن تستمر أي حكومة بالعمل في ظل مجلس تشريعي لم يمنحها ثقته وفق الإجراءات الدستورية .... ويقتصر عمل الحكومة في هذه الحالة على تصريف الأعمال فقط .
والمادة 122 من الدستور التي تنص على :
" عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن القيام بمهامه لأي سبب كان يستمر مجلس الوزراء بتسيير أعمال الحكومة ريثما يسمي رئيس الجمهورية الجديد الوزارة الجديدة " .
وهذا النص يفرض على الحكومة تقديم استقالتها عقب إجراء الاستفتاء الرئاسي ... لأن مضمون النص يقضي بأنه في حال انتهاء ولاية رئيس الجمهورية فإن مجلس الوزراء يستمر بتسيير أعمال الحكومة فقط إلى أن ينتخب رئيس جديد ويقوم بتشكيل حكومة جديدة .
وبالتالي فإن حكومة العطري تجاهلت الدستور ثلاث مرات : الأولى عندما استمرت بعملها بعد انتخابات مجلس الشعب . والثانية عندما لم تستقل بعد الاستفتاء الرئاسي . والثالثة عندما لم تلتزم بتسيير الأعمال فقط وأعطت لنفسها الحق في اتخاذ قرارات مصيرية .
عن النزاهة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية