أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

700 ألف مسكن فارغ في سورية الاستثمار في العقارات.. مؤجل حتى إشعار آخر!!

سببت توقعات بعض خبراء سوق العقارت والتي بلغت حسب رؤيتهم حوالي 50 %  سببت استهجاناً ورفضاً كبيراً لدى الكثير من التجار وبعض الخبراء الذين من الممكن أن تتضرر أعمالهم، وذلك بسبب عدم تطابق تلك النسبة مع الأسعار الحقيقية الموجودة في السوق، سواء بالنسبة لمواد البناء أو حتى الأراضي التي تبنى عليها العقارات.
لذلك، ولمعرفة العوامل التي تحدّد أسعار العقارات في السوق، قمنا بتحليل شامل ومدروس للاطلاع على تلك العوامل التي تتحكم بشكل مباشر وغير مباشر بأسعار العقارات والحلول المقترحة للسيطرة على مشاكل العقارات في سورية.
شادي كشيك (محكم أول في مجال العقارات)، قسم العقارات إلى قسمين أرض وبناء، فالعقار الأرض بالمفهوم التجاري يحدّد سعره الوضع التنظيمي للأرض وموضوع العرض والطلب، أما البناء كعقار يتبع لسعر التكلفة فيحدّد سعر البناء بناء على تكلفته وسعر أرضه والعرض والطلب، إضافة إلى موقع البناء.

العوامل المحددة لسعر العقار
بالنسبة لانخفاض أسعار العقارات الذي تنبأ به بعض الخبراء، أوضح المهندس شادي عدم صحة حصول الانخفاض بتلك النسبة المخيفة؛ وذلك لأن نسبة الهبوط والتي توقعها معظم الخبراء 50 % يجب أن تحدّد بناء على دراسات وحسابات من الواقع.
فسعر الأرض حسبما أكد شادي يعتبر من العوامل الأولى في تحديد سعر البناء وهو يحدّد عن طريق موقعها التنظيمي في الموقع العام، حيث تختلف الأسعار من أرض إلى أخرى بنسبة طفيفة ومن المعروف أن سعر الأرض لم يهبط إلى النصف أي لم تصل نسبة الهبوط إلى %50، مع العلم أن سعر الأرض يشكّل جزءاً من تحديد سعر العقار الذي تتراوح نسبته بين 40 % حتى 50 % فإذا هبط سعر العقار إلى النصف، فهو هبط إلى الربع (25 %) وفي الواقع هو لم يهبط إلى النصف بل هبط بنسبة بسيطة فقط.  في ما يتعلق بأسعار مواد البناء كعامل ثانٍ في تحديد سعر العقارات تحدث المحكم الأول بشكل تفصيلي بخصوص هذه المسألة «كما هو معروف بالنسبة للجميع أن أسعار مواد البناء انخفضت لكن في الحقيقة ووفق تحليلات لمواد البناء، فإننا نرى العكس تماماً. ففي البداية، إن أسعار الحديد بالتحليل الاقتصادي والتحليل الزمني، لم تهبط لأنه وخلال فترة من الفترات مقدارها أربعة أو خمسة أشهر ارتفع سعر الحديد حتى وصل 65 ألف ليرة سورية للطن الواحد وخلال تلك الفترة لم يرتفع سعر البناء، بل بقي كما هو، وعندما أصبح سعره يتراوح بين 30 و 20 ألف ليرة سورية للطن الواحد فهو لم يهبط، بل عاد إلى سعره الطبيعي، ولم ينخفض إطلاقاً.
وأضاف كشيك: في ما يتعلق بأسعار الإسمنت، فمنذ عام 2007 حتى الآن، فهو آخذ في الارتفاع، سواء كان في السوق السوداء أم لدى مؤسسات الدولة، وفي السابق عندما كان يباع في مؤسسات الدولة كان سعره في حدود 3200 ليرة سورية للطن الواحد ثم ارتفع حتى وصل إلى 6200 ليرة سورية، ثم عاد وارتفع بحدود 500 ليرة سورية واليوم فإن سعر الطن الواحد من الإسمنت 6800 ليرة سورية في المؤسسة، وهذا إن دلّ على شيء، إنما يدلّ على أن هبوط سعر الإسمنت كان فقط 300 ليرة سورية وسبب هذا الهبوط يعود إلى الأزمة المالية العالمية وعدم الإقبال على التعمير بسبب التخوّف من هذه الأزمة ولا يشكّل هذا الهبوط الضئيل إلا نسبة بسيطة من سعر تكلفة المتر، الأمر نفسه ينطبق على أسعار الرمل والبحص؛ ففي السابق خلال العامين الماضيين كان سعر المتر 350 ليرة سورية ثم ارتفع إلى 700 ليرة سورية، ثم هبط إلى 600 ليرة سورية بسبب الأزمة الاقتصادية وهو أيضاً يعد هبوطاً ضئيلاً لا يشكل سوى جزء بسيط من سعر التكلفة.
ومن المعروف أن أجرة العامل للمتر المكعب قبل سنتين بحدود 100 إلى 700 ليرة سورية، وفي هذه الفترة حتى الآن أصبحت أجرة العامل للمتر المكعب بحدود 1200 إلى 1500 ليرة سورية، فأين الهبوط الذي تكلّم عنه بعض الخبراء. هذه التحليلات الاقتصادية للأسعار، توضح كما ذكر شادي أن نسبة الهبوط هي 5 % من السعر ولا تشكل هبوطاً ملحوظاً في أسعار العقارات، فيما عارض بعض الخبراء الاقتصاديين القول بأن ارتفاع الأجور لليد العاملة كان متزامناً مع ارتفاع أجور العمالة في كل المهن والحرف.

العرض والطلب
Image يتبع أيضاً موضوع أسعار العقارات مسألة العرض والطلب وحاجة التاجر إلى البيع وحاجة التاجر والمواطن إلى الشراء ومن هنا نقول، إن الأزمة العالمية التي اجتاحت العالم أثّرت على هذا الموضوع «العرض والطلب» بشكل سلبي، فتخوّف المشتري وحاجة البائع إلى البيع سبّب خللاً في معادلة تحديد السعر، حيث قلّ الطلب وازداد العرض، ما أدى إلى حدوث الجمود في البيع والشراء والتأثير السلبي على الأسعار، ونوّه شادي أنه على الرغم من هذه الحالة لم تهبط أسعار العقارات بنسبة %50 فالبائع المضطر إلى البيع بسبب الإفلاس لا يحدّد السعر في سوق البناء، لأنه من الممكن أن يبيع بخسارة أكثر من 50 % لكي يعدّل إفلاسه وهو لا يعتبر ميزاناً في تحديد سعر البناء في السوق.
هذا الكلام يشمل المخططات التنظيمية الحديثة الموجودة على أطراف المدينة. أما في الداخل، فالأمر مختلف؛ فسعر المنزل أو العقار يتبع للمنطقة والموقع الذي يشغله العقار ويتبع لحاجة المواطن للسكن ولا يمكن أن يتحدّد بسعر مضبوط.  

جمعيات سكنية
 والتوجه الآخر، كما نوّه الأشرف «أنه لا شك في أن الجمعيات التعاونية السكنية، حققت مكاسب كبيرة للمواطنين في سورية، وأمّنت لهم سكناً بشروط جيدة وبأسعار مناسبة، لكن حالياً نجد أن أوضاع الجمعيات تغيّرت، فهناك تقريباً حوالي 90% منهم توجّه بهدف الاستثمار وليس بهدف تأمين السكن، فالشخص مثلاً يقوم بشراء أكثر من منزل الأول للسكن والآخر يقوم باستثماره وتأجيره لتحسين دخله الشهري، وبما أن مشكلة السكن تعتبر بمثابة الحلم لدى كل مواطن لذلك لجأ الكثيرون منهم إلى الجمعيات لتأمين سكن احتياطي لهم.

طابع احتكاري للعقارات
هناك إحصائية كما نوّه الأشرف تقول «إن عدد المساكن الفارغة في سورية يتجاوز 700 ألف مسكن، فإذا اعتبرنا أن كل مسكن يضم عائلة من خمسة أشخاص، فهناك حوالي 3 ملايين ونصف نسمة يسكنون في تلك المنازل»، وربما يعود سبب ذلك حسبما ذكر الغنيمي إلى الطابع الاحتكاري الذي يمنع من أن تكون حركة البيع والشراء طبيعية، فهناك فائض كبير من البيوت الفارغة وخاصة في الضواحي، حيث لم يطرح معظم تجار البناء كميات من المنازل للبيع ولكي يعود العقار في سورية إلى ما كان عليه في عام 2003 يجب أن تهبط أسعار العقارات بنسبة 75 % وهذه النسبة مستبعدة». مضيفاً إلى أنه مازال حتى الآن في ضمير أغلب الشعب السوري أن العقار هو المكان والملجأ الآمن للاستثمار كما أفاد الغنيمي «فالعقار في منطقة أبو رمانة والذي كان سعره 100 ألف ليرة سورية أصبح الآن سعره يعادل 60 مليون ليرة سورية، وفي كفرسوسة كان سعر المتر في 2003 حوالي 40 ألف ليرة سورية لكن الآن ارتفع سعر المتر إلى 170 ألف و 180 ألف ليرة سورية أي أن الارتفاع بلغ نسبة 450 %  فالعقار أثبت موجودية في سوق الاستثمار».  

الحل المقترح
يبدأ الحل الأساسي للسيطرة على مشاكل العقارات في سورية كما نوّه الأشرف من تفعيل دور التخطيط الإقليمي وملكية الأراضي التي من الواجب حصر ملكيتها واستخدامها في جهة معينة واحدة، وربما هذا الشيء لا يكفي، لذلك أضاف كشيك أنه لابد من أن تعمل الحكومة السورية على منح وتسهيل الحصول على القروض للاستثمار العقاري، إلى جانب فرض الرقابة المشددة على أسعار مواد البناء وذلك كله من أجل التحرر من جمود سوق العقارات.

غياب التخطيط الإقليمي
Image وعلى الرغم من طرح الأشرف لحل التخطيط الإقليمي، إلا أن الأسباب الأساسية لحصول أزمة السكن تلك حتى الآن تعود كما أوضح الأشرف إلى «عدم وجود تخطيط إقليمي شامل وفعّال، فنحن منذ عشر سنوات نتحدث بهذا الخصوص لكن نتيجة التنازع على سلطة التخطيط الإقليمي والتي كانت في البداية بين وزارة الإسكان وهيئة تخطيط الدولة وبعد ذلك أصبحت بين وزارة الإسكان ووزارة الإدارة المحلية وهيئة تخطيط الدولة، بالتالي بالرغم من أنه انعقد مؤتمر للتخطيط الإقليمي، بالرغم من ذلك كله، هناك جمود وعدم إقرار الجهة التابعة للتخطيط الإقليمي، وهذا التأخير يسهم في خلق مشاكل على كافة الأصعدة التنموية وبالأخص موضوع السكن، ومن المعروف أن التخطيط الإقليمي بدأ وانتهت الدراسة لبعض المناطق  لكنها ظلت حبيسة الأدراج لعدم وجود تشريع يعتمدها وملزمة لجميع الجهات».

العقارات ليست خدمية
إن موضوع العقارات كما أشار الدكتور المهندس نبيل الأشرف رئيس فرع نقابة المهندسين في دمشق «لم يأخذ دوره بشكل فعال مثل باقي الدول الأخرى، فسوق العقارات تحوّل من حالة احتياج وتأمين تلبية احتياجات المواطن للسكن إلى موضوع استثماري، حيث يعتبر بمثابة الوضع الآمن المشجع للاستثمار فيه، فعندما تغير قانون الإيجار وأصبح العامل المشجع الأول في الاستثمارات وخاصة نتيجة ظروف المنطقة وتحديداً لدى قدوم الإخوة العراقيين إلى سورية، ما أثر على موضوع العقارات بشكل كبير، سواء من ناحية قيمة العقارات وأيضا من ناحية الإيجارات الشهرية للعقارات التي أصبحت خيالية، لكن مباشرة عندما تراجعت هذه الأزمة ترافق ذلك مع تراجع أسعار العقارات وبالإيجارات الشهرية».
حيث حصلت في سورية أول طفرة عقارية كانت، كما أكد نادر الغنيمي الخبير الاقتصادي في الثمانينات وترافقت مع تدهور الليرة السورية، حيث ضعفت القوة الشرائية لليرة السورية، ومنذ عام 2003 إلى الآن تحسّنت الليرة السورية مقابل الدولار، وكانت بداية الطفرة العقارية الجديدة مع مجيء الإخوة العراقيين وبعضهم في حوزته أموال أصبحوا يزاحمون المواطن السوري في شراء البيوت فارتفعت أسعار العقارات، خاصة في أماكن توضّع العراقيين».
من جهته أوضح كشيك أنه «قلّ عدد المستثمرين في سوق العقارات وأوقفت أعمال بعضهم بسبب الأزمة الاقتصادية وقلة الطلب وقلة السيولة المادية، حيث تأثرت العقارات على جميع مستوياتها «الأرض والبناء»، بالإضافة إلى الخوف لدى البائع والشاري والمستثمر، ولم تفتح مشاريع تجارية أو استثمارية جديدة خوفاً من المستقبل المجهول والغامض مما أدى إلى جمود السوق، ومن جانب آخر نلاحظ حجم التضخم المادي في البنوك نتيجة ادّخار المواطنين والتجار والمستثمرين أموالهم، حيث يبلغ حجم الأموال المجمّدة في البنوك السورية حوالي 180 مليار ليرة سورية».   

ماريشا زهر - بلدنا
(94)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي