أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عندما يغرّد "نصر الحريري"... عبد الرزاق دياب*

لا أحد يثق بمؤسسات المعارضة حتى أولئك الذين لا خيار لهم سواها، وحتى بعض من يعملون في دهاليزها يهمسون -ومنهم من يصرخ- أن الأمر أبعد من فساد مالي ينخرمفاصل هذه الجهات، وأنهم ليسوا رهينة من يدفع بل باتوا رهينة من يلوح بالدفع أكثر.

جديد هذا الموّال السوري هو تغريدة "نصر الحريري" رئيس هيئة التفاوض عن رغبة هيئته بالتعاقد مع سوريين مختصين بمجموعة من الوظائف منها الاقتصاد والسياسة والإعلام، وهذا ما أعاد فتح ملفات الفساد والتخوين والعمالة كما قال البعض، وأضعف الإيمان هو عدم الثقة بهذه المؤسسة التي لم تعد تمثل أحداً حتى نفسها.

في حوارات السوريين حول تغريدة الحريري رأى البعض أن الأمر ليس من أصول العمل المؤسساتي: (هل تعتقد أن العمل المؤسساتي يسمح لرئيس هيئة التفاوض أن ينشر على صفحته الشخصية على التويتر إعلانا عن طلب اختصاصات كهذه؟ هل هذا هو العمل المؤسساتي برأيك)..الحكاية كما يراها صاحب هذا الرأي : (إنها من باب ذر الرماد في العيون يقوم بها الحريري حتى يغطي على الفساد والأموال التي صرفت ونهبت وسرقت باسم التدريب والتمكين وغيره).

وذهب البعض إلى أن هذا الإعلان لا يختلف كثيراً في طريقته عن طريقة طلب الوظائف لدى النظام فالنتيجة أن المطلوبين من ذوي الاختصاصات هم معروفون لدى الهيئة وجرى تعينهم بالفعل أو على الأقل أن قائمة الأسماء جاهزة.

وبعيداً عن الشأن المالي يرى الكثير من السوريين المعارضين أن الهيئة ورئيسها باتوا في حكم النسيان، وحتى في ملمات السوريين وأحزانهم لا أحد يتذكر هؤلاء وائتلاف المعارضة الذي انبثقوا منه، وهم أثبتوا ذلك بغيابهم فهل زار أحد من هؤلاء مخيماً للنازحين أو اللاجئين الذين تنتهك حياتهم وحقوقهم كل يوم.

والأمر الأهم بالنسبة لهؤلاء هو إعادة تدوير نفس الوجوه التي أثبت واقع الأمر فشلها الذريع في إدارة القضية السورية في الداخل، حيث الصراع مع النظام والقوى الأخرى المتصارعة، وفي الخارج حيث اللعبة الدولية والإقليمية تتقاذف أوجاع السوريين وفق أجندات المتصارعين لا وفق مصالح الوطن وأبنائه.

الحكومة المؤقتة التي يشكلها الائتلاف لم تكن سوى واجهة أخرى للفساد والميوعة السياسية، وملفات فسادها ما زالت مفتوحة دون أن تجد من يحاسبها على التفريط بأموال السوريين وإنفاقها على الموالين والمؤسسات الفاشلة.

وفي الداخل الذي تسيطر عليه هذه المؤسسات لم تستطع النجاح في إدارة ملف واحد حيث تنتشر اللصوصية وجرائم القتل والمخدرات، إضافة إلى الوضع الأمني والعسكري السيء.

بالعودة إلى هيئة التفاوض فشخص رئيسها لم يعد يعني غالبية السوريين، وقد تم طرده في كثير من المناسبات التي يجتمعون لأجلها، وبات السوريون على قناعة نهائية أن أقدارهم باتت بايدي سواهم بعد أن سلّم النظام والمعارضة رقابهم إلى الخارج حيث هو من يحكم فيها.

*من كتاب "زمان الوصل"
(227)    هل أعجبتك المقالة (182)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي