شهدت مدينة جبلة على الساحل السوري جريمة مروعة راح ضحيتها أنثى في أواسط العشرينات من عمرها، حيث عثر على جثتها في قلب المدينة وقد اعترتها علامات التعفن والانتفاخ نظرا لمضي نحو يومين على مقتلها، ما حمل أكثر من علامة استفهام حول غياب أجهزة الشرطة والأمن، وغياب أي بلاغ مفترض من ذوي المقتولة باختفائها.
أول التفاصيل المثيرة في الحادثة، جاءت عبر ظرف اكتشافها، إذ إن الذي اكتشف جثة الأنثى لم تكن أجهزة الأمن ولا غيرها من سلطات النظام، بل كان المكتشف والمبلغ عن الجريمة ولدان!.. ولدان ساقتهما خطاهما صدفة لمكان الجريمة بعد أن دخلا "المول" بهدف اللعب فيه.
التفصيل الآخر الذي لايقل إثارة هو مكان العثور على الجثة، حيث وجدت ملقاة في أحد طوابق "مول جبلة" الذي يتوسط المدينة ويقوم في منطقة لاتهدأ حركتها نهارا ولا ليلا، فهو يجاور القلعة (المدرج الأثري) ولا يبعد إلا قليلا عن مبنى مجلس المدينة والمربع الأمني ومخفر الشرطة!
ومع كلمة "مول" قد يتبادر للذهن أن المكان الذي وجدت فيه جثة الضحية إنما هو سوق تجاري نابض بالحياة، في حين أنه ليس سوى هيكل فارغ تحول إلى "خرابة" تثير الرعب في نفوس من يمرون قربها ليلا، حيث عمد نظام الأسد قبل سنوات إلى هدم مجموعة من المحلات في المنطقة وقطع رزق أصحابها، بحجة تحسين وتجميل المدينة وإقامة "مول" كبير يعكس تطورها ويخدم أهلها، لكن الذي حدث أن مشروع "المول" جمد سنوات بعد بنائه ما حوله إلى هيكل بشع وخرب، تماما كما حال "مجمع يلبغا" وسط دمشق.
وقد أدت عرقلة إكمال المول من قبل النظام نفسه، إلى ترسيخ الأقاويل التي انتشرت حينها من أن نظام الأسد لم يقم بهدم المحلات وادعاء تشييد "مول جبلة" إلا من أجل أن يغطي على عملية حفر واسعة وسطو كبيرة استهدفت اللقى الأثرية النادرة في المنطقة، وهي لقى تعود إلى أحقاب متعددة ومغرقة في القدم، أي إن مشروع "المول" في النهاية لم يكن سوى غطاء مشبوه لأعمال إجرامية أكبر طالت تاريخ سوريا، لتضاف إلى جريمة هدم محلات الناس والتضييق عليها في لقمة عيشها.
وبالعودة إلى المعطيات المتوفرة عن الجريمة، فقد تداولت بعض الشبكات الموالية أنباء مفادها أن الضحية تدعى "ن.ع.خ" من مواليد معرة النعمان بريف إدلب، عام 1996، وأن نتائج الطب الشرعي أكدت حمل الضحية في شهرها الخامس.
وزادت تلك الشبكات بأن أشارت إلى شبهة جريمة اغتصاب، حين قالت إن الضحية وجدت منزوعة اللباس عن نصفها السفلي.
ولم يصدر عن سلطات النظام في اللاذقية أو جبلة أي تصريح يشير إلى اكتشاف المجرم حتى اللحظة، رغم فداحة الجريمة وأجواء الرعب التي نشرتها بين سكان المدينة الساحلية، لاسيما من النساء.
ورأى سكان في مدينة "جبلة" أن جريمة المول تكشف إلى أي مدى انهارت مقومات الأمان حتى في مراكز المدن التي يفترض أن تكون تحت المراقبة التامة من قبل أجهزة النظام، كما إن الحادثة تدل على توسع نطاق الجريمة في سوريا، مع انتشار السلاح (نشره عبر النظام وأعوانه) ليكون في يد كل من هب و دب، وانتقال الإجرام إلى مستويات وحشية، مرتبطة بمفرزات بالغة السوء مثل تفشي المخدرات والتعود –أو التورط- في مشاهد الدماء من تعذيب وقتل، ما جعل أحاسيس هؤلاء المتورطين متبلدة لأبعد حد.
بقي أن نعرف أن "مول جبلة" الذي ما يزال النظام عاكفا على إكسائه، هو مبنى ضخم يضم في طابقه الأرضي فقط أكثر من 110 محلات، ونصف هذا العدد في الطابق الأول، فضلا عن عدة مطاعم، وفندق مؤلف من عشرات الغرف يعلوه "مطعم بانورامي" مساحته تناهز 600 متر مربع.
لم يكشفها الأمن وكشفها طفلان.. جثة امرأة عشرينية في وسط جبلة تفتح العيون على قضية "المول المشبوه"

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية