أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

احذروا "زراع الحقد"‏... حسين الزعبي*

أرشيف

من الطبيعي أن يتعامل السوريون مع الشؤون السياسية التركية المحلية، وكأنها شأن سوري، لأسباب يعرفها الجميع ‏ليس أولها انغماس تركيا في الملف السوري سياسيا وعسكريا، وآخرها لا ينتهي عند وجود أكثر من ثلاثة ملايين سوري ‏في البلد الجار معظمهم من اللاجئين.‏


ومن الطبيعي أيضا أن يحدث "اختلاف" في وجهات النظر إزاء ما يجري فيها، بل لعل الاختلاف أمر صحي مطلوب قد ‏يغني التجربة السياسية التي لم تبدأ بشكل حقيقي، أو بشكل "جماهيري" إن جاز التعبير، أو جاز المزج بين ما هو سياسي ‏وبين ما هو ثوري، سوى بعد العام 2011، وهي تجربة، ورغم مرور ثمانية أعوام على بدئها مازالت في مرحلة ‏مخاض، ولا يبدو انها "ستلد" وعيا ناضجا في المدى المنظور، وربما تتحمل "النخب" التي يفترض أنها تقود الرأي العام ‏أو تؤثر في توجهاته المسؤولية عن حالة الاضطراب والاصطدام في تفسير الظواهر السياسية في دول الجوار عموما ‏وفي تركيا خصوصا، ولا يبدو أن "النخب" بأحسن حال من ساسة المعارضة، ناهيك عن النظام، فإن كان الساسة في ‏حالة استسلام وتسليم تام للدول التي "تدعمهم" أو تتبناهم أو يقيمون فيها، فالنخب هي الأخرى أيضا أسيرة ايديولوجيات ‏بالية، مسبقة الصنع، فإن وضع حاكم أو سياسي يحمل ميولا إسلامية، الشمس في يسارهم والقمر في يمينهم لما أعجب ‏أهل اليسار، والعكس أيضا صحيح، فاليساري ملعون مذموم مهما قدم وفعل، والحكم في كلا الحالتين على البنية الفكرية ‏وليس على الفعل والممارسة والمثنتج.‏


ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل تزداد بشاعة النخب، عندما لا تستطيع الخروج من عقدة "الأقلية" سواء أكانت دينية ‏أم اثنية، ليصبح منطلق الأحكام، التخندق الطائفي والقومي، بل تصل إلى درجة مقززة من القرف عندما تحاول هذه الفئة ‏أن تخفي مرضها بينما هو أوضح من العور، فأردوغان هو السلطان، والخليفة، حتى لو رافع راية المثلية الجنسية، وهو ‏الديكتاتور لو شهد العالم بنزاهة الانتخابات وغيرها من الممارسات الديمقراطية، وعلى الضفة الأخرى، هو الرجل الذي ‏لا يأتيه الباطل لا من فوقه ولا من تحته.. من دون النظر إليه كسياسي له ما له وعليه ما عليه..‏


إن كان بشار الاسد أجرم بحق سوريا، بحجرها وبشرها، وأسس لشرخ مجتمعي ريما يحتاج لعقود حتى تزال بعض ‏آثاره، فهؤلاء اكثر خطرا منه، روبما يصلح ان نطلق عليهم "زراع الحقد".. احذروهم..‏

*من كتاب "زمان الوصل"
(175)    هل أعجبتك المقالة (175)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي