من الطبيعي أن يتعامل السوريون مع الشؤون السياسية التركية المحلية، وكأنها شأن سوري، لأسباب يعرفها الجميع ليس أولها انغماس تركيا في الملف السوري سياسيا وعسكريا، وآخرها لا ينتهي عند وجود أكثر من ثلاثة ملايين سوري في البلد الجار معظمهم من اللاجئين.
ومن الطبيعي أيضا أن يحدث "اختلاف" في وجهات النظر إزاء ما يجري فيها، بل لعل الاختلاف أمر صحي مطلوب قد يغني التجربة السياسية التي لم تبدأ بشكل حقيقي، أو بشكل "جماهيري" إن جاز التعبير، أو جاز المزج بين ما هو سياسي وبين ما هو ثوري، سوى بعد العام 2011، وهي تجربة، ورغم مرور ثمانية أعوام على بدئها مازالت في مرحلة مخاض، ولا يبدو انها "ستلد" وعيا ناضجا في المدى المنظور، وربما تتحمل "النخب" التي يفترض أنها تقود الرأي العام أو تؤثر في توجهاته المسؤولية عن حالة الاضطراب والاصطدام في تفسير الظواهر السياسية في دول الجوار عموما وفي تركيا خصوصا، ولا يبدو أن "النخب" بأحسن حال من ساسة المعارضة، ناهيك عن النظام، فإن كان الساسة في حالة استسلام وتسليم تام للدول التي "تدعمهم" أو تتبناهم أو يقيمون فيها، فالنخب هي الأخرى أيضا أسيرة ايديولوجيات بالية، مسبقة الصنع، فإن وضع حاكم أو سياسي يحمل ميولا إسلامية، الشمس في يسارهم والقمر في يمينهم لما أعجب أهل اليسار، والعكس أيضا صحيح، فاليساري ملعون مذموم مهما قدم وفعل، والحكم في كلا الحالتين على البنية الفكرية وليس على الفعل والممارسة والمثنتج.
ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل تزداد بشاعة النخب، عندما لا تستطيع الخروج من عقدة "الأقلية" سواء أكانت دينية أم اثنية، ليصبح منطلق الأحكام، التخندق الطائفي والقومي، بل تصل إلى درجة مقززة من القرف عندما تحاول هذه الفئة أن تخفي مرضها بينما هو أوضح من العور، فأردوغان هو السلطان، والخليفة، حتى لو رافع راية المثلية الجنسية، وهو الديكتاتور لو شهد العالم بنزاهة الانتخابات وغيرها من الممارسات الديمقراطية، وعلى الضفة الأخرى، هو الرجل الذي لا يأتيه الباطل لا من فوقه ولا من تحته.. من دون النظر إليه كسياسي له ما له وعليه ما عليه..
إن كان بشار الاسد أجرم بحق سوريا، بحجرها وبشرها، وأسس لشرخ مجتمعي ريما يحتاج لعقود حتى تزال بعض آثاره، فهؤلاء اكثر خطرا منه، روبما يصلح ان نطلق عليهم "زراع الحقد".. احذروهم..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية