حتى يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، كان أعضاء وفد هيئة المفاوضات في المعارضة السورية، لازالوا موجودين في المملكة العربية السعودية، لكنهم بعد ذلك التاريخ ركبوا الطائرات إلى وجهة لم يتم الإعلان عنها.
البعض قال إن كل منهم رجع إلى بيته، لكن بعد تفقد بيوت بعضهم، تبين أنهم لم يعودوا إليها، وإنما انطلقوا إلى وجهة أخرى لا أحد يعرفها، إما فيينا أو جنيف وهناك من قال إنهم في برلين…فأين هم، وماذا يفعلون؟
في الاجتماع الدوري الأخير لهيئة المفاوضات، الذي انطلق الأسبوع قبل الماضي في السعودية، رشحت معلومات، أن المملكة والدول الكبرى تضغط على الهيئة للتفاوض مع النظام داخل الأراضي السورية، ويدعم هذا الخيار وبقوة، منصة موسكو التي يمثلها قدري جميل، بينما تشير التسريبات إلى أن الهيئة بدأت تقتنع بالأمر وتعد العدة لتشكيل وفد مفاوضات كي يدخل إلى دمشق ويتحاور مع النظام. تسريبات أخرى تقول، بأن المملكة وحلفاؤها من الدول الكبرى بحثوا مع بعض أعضاء هيئة المفاوضات، إمكانية تشكيل مقاومة سورية لمحاربة الوجود الإيراني على الأراضي السورية، تدعمها بالمال والسلاح كل من السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية.. وطلبوا من أعضاء هيئة التفاوض بحث هذا الخيار ودعمه في الائتلاف الوطني المعارض، والتشاور مع القيادات العسكرية من المنشقين، الذين يمكن أن يقودوا مثل هذه المقاومة.
مصادر أخرى، قالت بأن أعضاء هيئة المفاوضات، انطلقوا من الرياض إلى فيينا، لعقد مباحثات سرية وغير معلنة، مع الروس والنظام، بمشاركة الإيرانيين، لبحث قضايا الدستور الجديد وإمكانية مساهمة المعارضة في تشكيل حكومة جديدة من النظام والمعارضة بكافة تشكيلاتها.. إلا أن مصادر قريبة من هيئة المفاوضات أشارت إلى أن ما يجري بحثه في فيينا هو عملية الانتقال السياسي في سوريا، لافتين إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة القادمة، هناك تطورات جديدة، سوف تكون مفاجئة، على صعيد الحدث السوري، بينما لم تكشف هذه المصادر عن ماهية هذه التطورات، لكنها أكدت بأن هناك تحولات كبيرة وخطيرة.
ومهما يكن من شأن التوقعات حول ما يجري بحثه في الخفاء، إلا أن الشيء المؤكد، ومن خلال متابعة حركة النظام الداخلية، يبدو أن هناك اقتناعا كاملا لدى النظام وروسيا، بضرورة إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، بكافة تسمياتها وانتماءاتها الجغرافية.
ويقول مراقبون، إن الملف السوري بات يحظى على المستوى الأمريكي باهتمام أكبر من السابق، بعد أن تم تسليمه لمستشار الأمن القومي جون بولتون، وذلك في إطار المساعي الأمريكية للضغط على إيران من أجل إعادتها لطاولة المفاوضات لبحث ملفها النووي من جديد، كما ويشيرون بنفس الوقت، إلى أن الاجتماع الأمني المصغر الذي سيعقد في إسرائيل غدا، بمشاركة روسيا وأمريكا، سوف يكون حاسما، لناحية بحث مستقبل سوريا، وفيما إذا كان الأسد، سوف يبقى جزءا من هذا المستقبل، أم سيتم التضحية به.
أغلب الظن، بأن هذا الصيف سوف يحمل الكثير من نقاط الحسم فيما يتعلق بالملف السوري، مع اختلاف الأولويات بالنسبة لكل طرف من الأطراف المتدخلة بالأزمة السورية.. أما فيما يخص أعضاء هيئة المفاوضات الضائعين منذ نحو أسبوع في عواصم العالم، ولا أحد يعرف مكانهم، فهذا ليس دائما دليل شؤم.. لا ندري، فقد يكون غيابهم أحسن من حضورهم.. أو كلاهما سيان.
البحث عن أعضاء هيئة التفاوض بعد أن خرجوا من السعودية*

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية