أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يوم مات الدكتاتور... فؤاد عبد العزيز*

أرشيف

مات حافظ الأسد في مثل هذا اليوم قبل 19 عاما، ونشأت بعدها أجيال جديدة من السوريين لم تترب على بطشه ورعبه، وهؤلاء هم الذين حملوا لواء الثورة السورية على بشار الأسد، وأعطونا درسا بليغا، أننا لو كنا وآباؤنا نتحلى بنفس شجاعتهم، لما سمحنا لحافظ الأسد أو لغيره أن يحكمنا بالحديد والنار، ولما وصل الحال بنا وبهم إلى ما نحن عليه اليوم، من قتل وتدمير وتشريد وتهجير.

عندما مات حافظ الأسد، كنت على أبواب الثلاثين من عمري، أي أنني لم أعرف رئيسا لسوريا غيره.. تربيت منذ الصغر على شعارات البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية، وخرجت في مطلع الثمانينيات في المظاهرات التي تشتم أنور السادات وتصفه بالخائن، دون أن أعرف من هو ومن يكون… ثم رددت بحماسة الشعارات التي تشتم الإخوان المسلمين وتنعتهم بالعملاء للصهيونية والاستعمار... وعندما بدأت أكبر وأعي ما يدور حولي، أخذت أطرح الأسئلة دون خوف، فكان يتم إخراسي بقوة، ويتبعونها بصوت خافت: "هسسسس .. الحيطان إلها آذان"، فكرة أن للحيطان آذان، لم تكن نكتة سمجة يرددها السوريون من باب المبالغة، بل بالفعل كان الكثيرون يعتقدون بأن عناصر المخابرات، يقفون على جدران المنازل ويتنصتون على ما يقوله الناس داخل غرف نومهم، ويحاسبونهم عليه بالاختفاء لسنوات طويلة داخل السجون، وقد يفقدون حياتهم لأجل كلمة عابرة.

أما حافظ الأسد، فقد كان حريصا على أن يكون هناك في كل قرية وفي كل حي، سجين سياسي، لاتجرؤ الناس حتى على ذكر اسمه.. وعلى أهله أن يشتموه في العلن، وأن يبذلوا مجهودا مضاعفا في إظهار ولائهم للحزب والقائد، من أجل أن تستمر حياتهم في حدودها الدنيا، وحتى لا يتعرضوا للاضطهاد والحرمان من أبسط حقوقهم.

وعندما خرج قسم كبير من هؤلاء السياسيين من السجون بعد التسعينيات من القرن الماضي، فوجئ الكثير من السوريين، بأنهم أشخاص بسطاء وليسوا مجرمين، والمفارقة الأكبر أنهم لا يحملون أفكارا ثورية، وأن التهم التي سجنوا لأجلها سنوات طويلة، لا تستحق أن يراجعوا فيها مخفر شرطة.

هكذا بنى حافظ الأسد جمهورية الرعب السورية، ومارس مبدأ "فرق تسد"، بمنتهى الانتهازية واللصوصية والإجرام.. وعندما اقترب من نهاية حكمه، كان الشعب السوري في أغلبه قد تحول إلى خراف، تعرف مسلكها وحدود مرعاها، دونما حاجة إلى راع يقودها، وإنما يكفيها كلب ينبح عليها بين الفينة والأخرى، إذا ما "شردت".

وهكذا اعتقد حافظ الأسد بأنه هيأ الشعب السوري لابنه بشار، وفقا لقدراته وإمكاناته… فهو ليس مطلوبا منه الكثير من الإجرام والبطش، وإنما أن يكون فقط هذا الكلب، لكن بشرط أن يعرف متى ينبح، ومتى يفترس.. غير أن بشار الأسد، ضن على الشعب السوري بالعظام التي كانت تلقى إليه من هنا وهناك.. وتقريبا بعد العام 2007، بدأ يدرك بأن الأمور أخذت تنفلت من بين يديه، وأن هناك جيلا جديدا نهض، لم يكن قد تربى على رعب والده.. لذلك هو حاول جهده بعد هذا التاريخ أن يظهر الحزم والقوة.. لكن فاته أن من "لم يقطع رأس القط من أول ليلة"، سوف يفقد هيبته لا محالة، حتى لو فعلها في الأيام التالية..

هذه هي باختصار، قصة حافظ الأسد الذي تلهج ألسن السوريين اليوم في ذكرى موته، بالدعاء عليه بالعذاب الشديد، على ما اقترف بحق الشعب السوري وبحق البلد، على يديه ويد المجنون المسمى بشار الأسد.

 

*من كتاب "زمان الوصل"
(247)    هل أعجبتك المقالة (248)

مروان سليمان

2019-06-15

اظن انه يجب علينا ذكرى الماضي فقط لنتعلم منه مواجهة الحاضر وليس لنعيش الماضي !!! أليس كذلك دكتور فؤاد ؟؟؟من واجبنا كلنا ان نسعى لرد اراضينا السوريه من إسرائيل و إيران و تركيا و خاصة الاكراد المحتمون تحت ظل الأمريكان و بدعم السعوديه . و كذلك يحب علينا توعية شبابنا على المؤامرة الدوليه و الداخلية نظام و معارضة معا و كيف نستطيع رد اراضينا السوريه و حماية شعبنا السوري على ارضنا و خارجها .و لا نريد ذكى الحقير اللذي باع الجولان و إبنه اللذي حطم سوريا بكاملها و باعها و شرد أهلها..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي