أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السويداء.. ثورة كرامة (2)... غزوة داعش*

فشل النظام في استجرار الجبل لصفه رغم الهجوم الدموي - نشطاء

بعد أن رفضت حركة رجال الكرامة تسليم سلاحها والانضمام لفصيل مسلح تابع لجيش الأسد وبقيادة روسية، بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة ممنهجة لتخوين السويداء واتهام رجال الكرامة بالإرهاب والمطالبة بنزع سلاح المحافظة ولو بالقوة.

رفضت جميع الفصائل تسليم سلاحها، عدا ما يسمى بـ (كتائب البعث) وبعض ميليشيا (الدفاع الوطني).

صبيحة الثالث والعشرين من تموز 2018، أي قبل هجوم داعش بيومين فقط، أعلن النظام سحب كامل قواته من نقاط التماس على الحدود الشرقية للسويداء، مبرراً ذلك أن البادية أصبحت آمنة تماماً بعد أن تم تطهيرها من التنظيم المتطرف – التنظيم الذي أتى به النظام من دمشق وضواحيها إلى البادية ضمن الصفقة الشهيرة، والتي كانت عرابتها إحدى مذيعات التلفزيون السوري- المذيعة ذاتها وتزامناً مع الصفقة، وجهت تهديداً صريحاً للسويداء حين صرحت بأن على السويداء أن تشارك في الحرب إلى جانب النظام وإلا سوف تكون المدينة هدفاً لداعش، وهذا ما حصل.

جُعلت المنطقة الشرقية مكشوفةً، ومنزوعة السلاح، إلا من بعض الأسلحة الفردية الخفيفة التي بقيت بيد أصحابها من الأهالي الذين رفضوا تسليم سلاحهم، ما جعل الأجواء مهيئة للسقوط السريع في يد التنظيم.

فجر الأربعاء الخامس والعشرون من تموز 2018، شن تنظيم الدولة هجوماً مفاجئاً ومباغتاً على ثماني قرى على الحدود الشرقية للسويداء بينها قرية "الشبكي"، إضافة لقريتي "السويمرة" و"المتوني" في الريف الشمالي للمحافظة.

في ذلك الفجر قُطع التيار الكهربائي عن كامل القرى الشرقية للمحافظة، بمعرفة مؤسسة الكهرباء وموافقتها بحسب أهالي المنطقة، وقُطعت خطوط الهاتف الأرضية، وتوقفت الاتصالات الخلوية، في وقت موحد، ما جعل الشكوك تحوم حول تورط النظام بتسيهل الغزوة الداعشية على الدروز.

وبحسب اعترافات أ. ش أحد الشبيحة (الواصلين) في المحافظة -والذي وقع بيد الأهالي لاحقاً - أكد بأن الطريق بيع لداعش من قبل الأمن العسكري لاجتيازه دون أي اعتراض للوصول سريعاً إلى القرى المقصودة وبكل سهولة.

دخلت داعش إلى بيوت القرى الأقرب لحدود البادية، قاتلين كل من فيها، متمركزين بها، ومتخذين منها مواقع للدفاع، وهو ما صعب المهمة على أبناء الجبل.

في ذات الوقت هزت تفجيرات عنيفة قلب السويداء بهدف إلهاء السكان وعزل المدينة عن القرى المحتلة، ومع ذلك هبّ كل من علم بالهجوم لنجدة القرى الشمالية فلم تستطع داعش البقاء في قريتي "المتوني" و"السويمرة" أكثر من ثلاث ساعات، خرجت منها ولكن بعد أن قتلت عدداً كبيراً من المدنيين العزل وهم نيام، بينما استمرت المعركة في القرى الشرقية حتى مساء اليوم نفسه، بسبب قطع جميع وسائل الاتصال معها، والوقت الذي استغرق وصول خبر الهجوم عليها، ووصول الفازعين إليها.

وصلت الفزعات من مختلف قرى الجبل وكذلك من جبل الشيخ ومدن ريف دمشق ذات الأغلبية الدرزية كجرمانا وصحنايا.

انتهت الغزوة، وقتل أكثر من ١٢٠ داعشيا وتم تحرير القرى بشكل كامل في مفاجأة أرعبت داعش وأرعبت من أرسلهم.

تناقلت وسائل الإعلام خبر تحرير القرى مشيدةً بالقدرة الخارقة للسويداء في كسر أكبر تنظيم إرهابي خلال ساعات وبأسلحة خفيفة، إذ كانت المرة الأولى خلال سنوات الحرب التي يتم فيها توثيق قتلى داعش بالهوية والصور.

لكن فرحة النصر لم تكمل حيث تبين بعد انتهاء المعركة، أن التنظيم اختطف الرهائن من القرى التي غزاها فجراً قبل بدء المعركة، وتم تهريبهم من البادية مع بعض عناصر داعش في سيارات عسكرية تابعة لجيش الأسد، كي يستمر – بحجتهم - الضغط على السويداء في تسليم سلاحها والتحاقها بالحرب في صف النظام لقتل السوريين.

حاول النظام من خلال قضية المخطوفين إعادة صورته المكسورة، لا سيما أن دعمه لداعش في دخول السويداء بات واضحاً وضوح الشمس لمؤيديه قبل معارضيه، لكن لعبته لم تنطلِ على أحد، فتمسك أهالي السويداء بحركة رجال الكرامة أكثر، وتمسكوا بسلاحهم أكثر.

فشل النظام في استجرار الجبل لصفه رغم الهجوم الدموي صبيحة الأربعاء الأسود، فأسدل الستار على قضية المخطوفين بعودتهم - بعد أن قُتل منهم نساءٌ وأطفال- بشكل يزيد من إثارة الشكوك حوله، عبر سيناريو تحرير هزيل لم يقنع أحدا، ففي رواية النظام أن المخطوفين حرروا من حمص، بينما أكد ناشطون وبعض من أهالي الدير أنهم كانوا في دير الزور، فكيف وصلوا إلى هناك قاطعين كامل البلاد؟

بعد انتهاء القضية لم يخجل رأس النظام من اتهام السويداء وكل من دافع عن الجبل وشارك في هزيمة داعش بالخيانة، في تصريح له قال فيه إن كل من تخاذل عن الالتحاق بالجيش السوري هو خائن ويتحمل مسؤولية ما حدث في 25 تموز، رغم أن جيشه "المغوار" لم يدخل إلى السويداء إلا بعد 48 ساعة من نهاية المعركة.

انتهت أحداث الخامس والعشرين من تموز وما ترتب عليها، وفشل مخرج المسرحية بإقحام السويداء في الحرب، ليبدأ النظام بلعبة جديدة اسمها العفو وهدفه من ذلك واحد وهو ذات الهدف دائماً "جر شباب السويداء إلى الحرب". يتبع...

*مزن مرشد - من "كتاب زمان الوصل"
(334)    هل أعجبتك المقالة (441)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي