استمعت بالأمس لمنجّم يعتمر قبعة رجل دين، لا سني ولا شيعي، يؤكد بأنه بدءا من تاريخ السادس من الشهر الحالي سوف تستفيق المنطقة على حدث جلل، وهو ضرب أمريكا لكبرى المفاعلات النووية الإيرانية، ثم ستشتعل الحرب، التي لن تبقي ولن تذر، وسوف تسيل دماء كثيرة، وخصوصا بين أبناء الشعب السوري.
كما، وتوقع هذا المنجم أن يتم اغتيال "قائد الوطن" في هذه الحرب، وحدد تاريخا لذلك بين 6 و19 حزيران الحالي.
أما على مستوى الواقع، فإن الأمور لا يبدو أنها تسير في هذا الاتجاه، فآخر أخبار التصعيد الأمريكي الإيراني، تقول بأن كلا الطرفين، يحذر أحدهما، المواجهة العسكرية مع الآخر.. بيد أن أمريكا تدرك بأن خنق القط الإيراني سوف يحوله إلى نمر شرس، وبنفس الوقت تعي إيران بأنه إذا ما انفلت الحمار الأمريكي على أراضيها، فإنه سوف يجعلها خرابا فوق رؤوس ملاليلها.
لكن دعونا نتوقف عند سيناريو التخلص من بشار الأسد، والذي ليس بالضرورة أن يكون بالاغتيال، وإنما بالتوافق بين الدول الكبرى والإقليمية، وخصوصا بعد أن ثبت أنه هو عقدة المنشار التي تحول دون حل الأزمة السورية.
مؤخرا انطلقت شائعات تقول، بأن روسيا تنظر بإمعان إلى سهيل الحسن المدعو "النمر"، على أنه يمكن أن يكون بديلا معقولا لبشار الأسد، سيما وأنه تتوافر فيه كل مواصفات "الكراكوز"، التي تجعله من السهولة أن يصبح خاتما في الإصبع الروسي، وحتى أن يكون مقبولا بين أطياف واسعة من الشعب السوري، وبالذات الطائفة العلوية.
هذه الشائعة بدأ بالترويج لها كل من حزب الله وإيران، عبر "صبيهم"، الصحفي خضر عواركة، الذي يلقى آذانا صاغية من قبل جمهور واسع من المؤيدين، ويتابعه أبناء الطائفة العلوية باهتمام بالغ، كونه يتقن العزف بمهارة على الوتر الطائفي، وهو الذي زف إليهم مؤخرا، خبرا يقول بأن إيران لن تسعى لتشييعهم، وإنما تريد حمايتهم ومعتقداتهم فقط، وذلك في أعقاب التذمر الشعبي في المنطقة الساحلية، من محاولات إيران لإرسال ملالي إلى أبناء الطائفة العلوية بهدف هدايتهم وتشييعهم.
بكل تأكيد، لا يمكن لعاقل أن يأخذ كلام "عواركة" على محمل الجد، وإنما يمكن الاستناد إليه، كمؤشر على أن هناك صراعا حقيقيا بين إيران وروسيا في سوريا، بدأت تتضح ملامحه أكثر مع زيادة الضغوط الأمريكية على إيران لتنفيذ طلباتها فيما يتعلق بالانسحاب من سوريا، وتفكيك منظومة حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن. بينما، وكما يبدو، فإن روسيا تميل إلى الكفة الغربية، مع أنها تحاول أن تظهر على أنها على الحياد.
وأغلب الظن أن إيران ومعها حزب الله، يريدان إثارة الشعب السوري، وأبناء الطائفة العلوية على وجه التحديد، ضد روسيا، بأنهم يريدون تولية هذا "الكراكوز" المسمى النمر، رئيسا على سوريا والتخلص من بشار الأسد.. وهو أمر لا أحد يتجاهل بأنه أصبح له وقائع كثيرة على الأرض، ولكن سهيل الحسن لن يكون هو البديل، وإنما شخص آخر يلقى قبولا من الجميع.
باختصار، الأزمة السورية بمفهومها العسكري، شارفت على الانتهاء، وفي أعقاب كل حرب، لا بد أن يجلس المنتصرون لكي يتقاسموا الغنائم، ويعيدون رسم خطوط النفوذ من جديد، كل حسب مجهوده ودوره.
ولأن إيران سوف تخرج من المولد بلا حمص، وهو أكثر ما يرضي روسيا، فإن الإيرانيين سوف يفعلون أي شيء من أجل قلب الطاولة التي سوف يجلس عليها هؤلاء المنتصرون، والتي على ما يبدو، تقرر أن تكون في إسرائيل.
لهذا، من غير المستبعد، أن تعمد إيران، إلى التخلص من بشار الأسد في الفترة القادمة، لأنه أكثر من سيخلط الأوراق، ومن جهة ثانية سوف يسمح لها هذا الأمر بأن تسرح وتمرح على الأرض السورية كيفما تشاء، مستفيدة من قوتها الموجودة على الأرض، وحلفائها الكثر المتواجدين في أجهزة المخابرات والجيش، لأن إيران باختصار، مثل "الجرذ " لا يمكن أن يعيش ويسمن ويكبر .. إلا في المجارير .. !
إنها تعيش على انقسامات الشعوب والصراعات فيما بينها، في كل الدول التي تغلغلت فيها .. وأكثر ما يضيرها، هو عودة الهدوء والاستقرار والانسجام بين شعوب هذه الدول.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية