أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السويداء.. ثورة كرامة... مزن مرشد*

الكاتبة: ظن النظام نفسه منتصراً بالتخلص من الشيخ البلعوس وعاد لمحاولته لجر الجبل للانخراط بالحرب وإشعال الفتنة

لم تنخرط محافظة السويداء بشكل مباشر بالثورة السورية، كغيرها من المحافظات، لكنها سريعاً اتخذت موقفاً محايداً يحقن دم أبنائها ويحرم عليهم دم إخوتهم السوريين.
 
ومع ذلك شهدت المحافظة عدداً من التظاهرات السلمية المنددة بالقتل الممنهج للنظام، والمطالبة بالحرية.

وبالرغم من موقفها الذي حاولت أن تنأى فيه بنفسها عن الدمار، إلا أن النظام ظل يحاول مراراً وتكراراً لجر المنطقة إلى حربه على شعبه، من خلال أعوانه فيها.

فاستخدم البعد الطائفي عازفاً على وتر حماية الأقليات، وحاول جر المحافظة إلى مواجهة مباشرة مع جارتها التاريخية درعا مهد الثورة، إلا أن العقلاء من الجانبين وحسن الجوار بين المحافظتين عبر التاريخ، منع مواجهة دامية تمناها النظام كثيراً.

أخذت السويداء حصتها من الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد، وشهدت الكثير من محاولات التشييع تارة والتصفيات الجسدية تارةً أخرى، لكنها لم تتراجع عن تمسكها بعدم انخراط شبابها في الحرب، الأمر الذي لم يرق للنظام، فعمد إلى أساليب أخرى في محاولة لإرجاع المحافظة إلى حضن الوطن.

بينما كانت دمشق والتي لا تبعد أكثر من 90 كلم عن محافظة السويداء تنعم بمقومات الحياة الطبيعية نوعاً ما، كانت السويداء تعاني حصاراً خانقاً وصل إلى حدود المجاعة في ظل تحكم التجار المقربين للسلطة بكل مقومات الحياة داخل المدينة.

تعود الحكاية إلى بداية الحرب السورية بسبب رفض أبناء السويداء الغرق في الدم ورفضهم الانخراط في جيش الأسد، بعد أن ظهرت حركة الكرامة التي تبنت الدفاع عن السويداء ومنع سوق شبابها عنوة للحرب، عبر التصريح الشهير لقائد الحركة الشهيد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس (نحن لسنا في حرب السنة والشيعة.. ممنوع منعا باتاً ينساق اي شب من داخل حدود الجبل الى الخدمة الالزامية ... خدمة الزامية بطلنا ... أما يلي بدو يروح من حالو.. الله ييسرلو).

تتالت الأحداث وأصبح عدد المتخلفين عند الخدمة في السويداء أكثر من 40 ألفا من شبابها، ما جعل النظام عازماً على إنهاء الحركة، ظناً منه أن بنهايتها تعود الأمور لما كانت عليه ويعود الجبل لحكم الطاعة.

وعليه نفذ النظام تفجيرات 4 أيلول ـ سبتمبر/2015 فاستشهد مؤسس الحركة والعديد من رفاقه، وراح ضحية الانفجار عدد كبير من الأبرياء بينهم نساء وأطفال وشيوخ.

ظن النظام نفسه منتصراً بالتخلص من الشيخ البلعوس وعاد لمحاولته لجر الجبل للانخراط بالحرب وإشعال الفتنة بينها وبين درعا، لكن الأهالي تصدوا للمؤامرة وتابع الشيخ أبو رأفت يوسف البلعوس طريق الكرامة وقاد الحركة إلى شاطئ الأمان فانضوى آلاف الشباب تحت عباءة الحركة.

بعد دخول جيش النظام إلى درعا نهاية 2017، حاول بعض الضباط جعل السويداء سوقاً لبيع المواد المعفشة والمسروقة من درعا ما يسمى بـ"سوق السنّة"، وفي خطوة تعتبر الأولى من نوعها في سوريا طوال سنوات الحرب، رفض أهالي السويداء هذا السوق وتمت مقاطعته بيعاً و شراءً، وصدر قرار من مشايخ عقل الطائفة الدرزية يحرم التعامل بالمواد المسروقة من درعا. 

خطوة أثارت حفيظة النظام وأعوانه الذين سارعوا باتجاه حركة رجال الكرامة لاحتوائها تحت فصيل مسلح خاص يحارب مع جيشه ولكن بإشراف روسي، لكن الخطة لم تنجح، وفشلت جميع محاولات الحوار والوساطات لتقبل الحركة بهذه الخطة، ورفض الشيخ أبو حسن يحيى الحجار قائد حركة رجال الكرامة أي مشروع مساومة على سلاح السويداء أو إقحامها في الحرب السورية.

هذا الرد جاء كصفعة على وجه النظام وأعوانه من الروس والإيرانيين على حد سواء خاصة بعد رفض أبناء الطائفة من التشييع بعد محاولات حثيثة من قبل الإيرانيين لنشر المذهب الشيعي في المحافظة.

وهنا صدر البيان الأسوأ من قبل النظام يتهم فيه رجال الكرامة بالإرهاب ووجوب نزع سلاحها، كخطوة جديدة لعزل السويداء، وإضعافها وإثارة الفتنة داخلها وبين أهلها.

لم يجدِ البيان بشيء واستمرت الحركة بما بدأت وحررت العديد من المعتقلين المعتقلين على خلفية تخلفهم عن الخدمة الإلزامية، وظلت الحركة ملتزمة بثوابتها بمنع التعدي على الغير ومنع التعدي على أهالي السويداء.

كل هذه الأحداث جعلت من النظام وأصدقائه يفكرون في طريقة جديدة لإرضاخ السويداء وتأديبها بهدف الحصول على خدمات 50 ألف شاب متخلف عن الخدمة في حربه على السوريين و تخريب المدينة.

يتبع...

*من كتاب "زمان الوصل"
(243)    هل أعجبتك المقالة (233)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي