من جديد تعمل دراما النظام على قلب الحقيقة الفجة، وتحويلها إلى مادة للنفاق والعهر، ودعماً للاستبداد والكذب لصالح الآلة القاتلة التي تتسع اليوم دائرة ذبحها للسوريين، ومطاردة الحالمين بوطن ليس فيه طيف واحد يحكم ويستبد.
آلة القتل تدعم رؤيتها لما جرى ويجري في سوريا عبر منظومة اقتصادية وثقافية وفكرية، ومن نفس طينة التوحش، وهذا ما فعله رأس المال الوسخ الذي يملكه (سامر الفوز) صاحب قناة (لنا)، ومعه ثلة من الفنيين والكتاب (ديانا جبور) المديرة السابقة لتلفزيون النظام، وبعض الكتبة الصغار (معن سقباني)، ومخرج مسلسل (كونتاك) حسام الرنتيسي، وطاقم من الممثلين الملوثين بنفس المال القذر (أمل عرفة، محمد حداقي، شادي الصفدي،حسام تحسين بيك، حسين عباس، الفاضلة غادة بشور، جمال العلي..).
هذه القائمة التي يجب أن لا ينساها أي سوري تصلح ذات يوم للحساب وللتاريخ، ولكي تدخل منهاج تعليم أطفال سوريا في أن من كانوا يحسبون على الفن والثقافة زوّرا الحقائق من أجل حفنة مال قذر.
في حلقة الأمس من هذا العمل القذر صورت (أمل عرفة) دور الأم التي تتلقى المال كي تمثل دور الضحية التي تدّعي إصابتها بالأسلحة الكيماوية لتتهم جيش بلادها الأمين بأنه يقتل الأبرياء بالتعاون مع الخوذ البيضاء...هكذا تقول حكاية الدور القذر.
بقية الفريق لم يبخل بأدوار الرجس، بل أجادوا في تمثيل أدوار الضحايا المفترضين، ومارسوا موهبتهم في تقليد الموت الشنيع، وكأنهم في أعماقهم يحدقون في صاحب المال: هل أجدنا التمثيل..هل هذا ما تريده يا سيد التوحش؟!
أنا.. وأعتقد أن كثيراً من السوريين لم يأملوا من (أمل) ورفاقها أن يكونوا على قدر ما يحصل في الوطن، وأنهم ومعهم قائمة أخرى أكبر اقفلوا أفواههم العفنة عن قول الحقيقة، بعض الحقيقة، وأننا في سكوننا وهدوء روحنا منحنا بعضهم رخصة الصمت على الأقل، وقلنا أن لهم ظروفهم التي تمنعهم من أن يكونوا إلى جانب هذا الدم السوري الذي يسفك، ولكننا لم نعتقد أن كم القذارة قد يذهب إلى تمثيل موتنا على أنه مادة للهو، ومشروع نفاق للتوحش والعار.
هناك من اصطف مقتنعاً عن عقيدة وهوى مع القتل، ورأى في بقية الشعب مجموعات خارجة عن القانون، ومتآمرة، وإرهابية، وخائنة، وهؤلاء هم بوق القاتل، ولسانه، ووجهه، وآخرون لاذوا بالصمت والمواربة، والرمادية، والوسطية، وهؤلاء اليوم يذهبون إلى ما اصطف معه أصحاب الهوى القاتل.
بعضنا اليوم يرى في موتنا مادة سخية للكتابة والآه الساذجة التي ربما تتحول بعد انتهاء المجزرة حقاً يرفعه في وجهنا على أنه موقف كبير، وبعضنا تمضي حياته رتيبة خارج السياق..وعندما يهمس سيقول لك: لقد تعبنا من هذه المشاهد، ويلوي عنقه إلى البعيد.
هنا في هذه البقعة الغاشمة من الأرض..سوريون يتحملون عنا وزر الموت، وآخرون يرون فيه منفعة ومالا، وآخرون يرمون الجثث المهمشة ويغمزون منها هي ربما تمثل أو تستحق.
*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية