لأنه طبيب مخلص جدا ً لقسم أبقراط ولأن الأخلاق عنده تتقدم على كل شيء وهي المعيار والمقياس لعمل الإنسان ولأنه ناجح جدا ً في تخصصه لدرجة أنه كسب ثقة الناس وبالتالي فهو يقدم كل ما عنده في العيادة المجانية داخل المشفى الحكومي وكأنه يعاينهم ويعالجهم في عيادته الخاصة وبنفس المستوى ..ولأنه لا يرغم مرضى العيادة المجانية على زيارته في عيادته الخاصة كما يفعل الكثير غيره من الأطباء الذين حولوا الطب إلى تجارة بشعة ..وتكمن بشاعتها هنا لأنها تمس أرواح الناس وحياتهم عدا أساليب الابتزاز الإحتيالية التي يمارسها البعض في عياداتهم الخاصة .
لكل هذه الأسباب أصبح عدوا ً للكثير زملائه في الطب يتوجب محاربته وإحباطه ومحاصرته وتيئيسه فتحول العمل في المشفى الضخم إلى مجرد روتين يتجلى في التوقيع على سجل الدوام وإذا ما شوهد خارج العيادة المجانية لسبب من الأسباب تنذره الإدارة مع أن السبب في تواجده خارج غرفة المعاينة هو عدم التسبب بالإحراج لزملائه لأن المرضى يطالبون به شخصيا ً بعد أن علموا ممن عالجهم عن مقدرته وتقدمه على زملائه في الخبرة ورفضه الإيعاز للمرضى الفقراء بمراجعته في عيادته الخاصة ولا يزودهم ببطاقات تحمل عناوين العيادات كما يفعل البعض .
لكم أن تتصوروا مدى الإسفاف الذي يمارسه بعض الأطباء التجار فقد نصحوه بالاستقالة من المشفى لأنه تسبب بالإضرار بأرباحهم وتعهدوا له بأن يجمعوا له شهريا ً المبلغ الذي يريده وهو يعادل أضعاف الراتب الحكومي الذي يحصل عليه من المشفى .. هذا حدث بالفعل فالمهم لديهم هو أن يرغموه على ترك العمل في المشفى الحكومي طالما أنه لا يسلك سلوكهم المشين بحق المهنة .؟!!
هل علمتم الآن لماذا يتخلف المشفى ويهمل ويفتقر إلى النظافة وكافة مقومات المشفى .. هذا التساؤل يتوجب أن يوجه إلى إدارة المشفى . . ذلك أن الأطباء التجار وأصحاب المشافي الخاصة وسماسرتهم لهم اليد الطولى في تخريب المشفى .. نعم تخريب المشفى .
هذا المشفى الذي ما يزال يعتبر جديدا ً ومؤهلا ً لتقديم خدماته لأوسع الشرائح الإجتماعية وأكبرها على الإطلاق سوف يتحول قريبا ً إلى مجرد ركام بسبب الإهمال والفوضى وغياب الضمير وانعدام الرقابة والمحاسبة وتدني المستوى الأخلاقي .
بقي أن تعلموا أن هذا المشفى هو مشفى الباسل في طرطوس .. الذي لم يبق فيه من الشكل النظامي سوى مطاردة الأطباء على الدوام وبالدقائق والثواني بقصد التستر على أمور كثيرة معروفة وثابته .. وإلا ما معنى تعطل الأجهزة بين الفينة والأخرى ..؟ سيقولون أنه بسبب الضغط .. هذا عذر أقبح من ذنب .. إذا ً ما معنى الضغط الشديد على عيادات التصوير الشعاعي الخاصة ولماذا لا تتعطل الأجهزة هناك .؟. أين الأدوية في صيدلية المشفى وهناك سوابق عن التلاعب بالأدوية والمعدات والأدوات الطبية وجرت تحقيقات بشأنها فأدين من أدين ولكن ( طول عمرك يازبيبة ..؟؟) . لم يعد هذا فساد فقط إنه فوق الفساد ..قمة الوقاحة أن يضطهد الشرفاء ويتم الضغط على أحاسيسهم وأعصابهم ومحاصرتهم .
بعض الأطباء زودوا عياداتهم بالإيكو ومقياس كمبيوتري للضغط .. بمعنى ( كلا ..كلا ) فصارت كل مراجعة من قبل المريض تكلف ألف وخمسماية ليرة .. ومن لايجد يختلق أسبابا ً أخرى للإبتزاز مستغلا ً أمل المريض بالشفاء وطلبه التخلص من ألم المرض .. دون مراعاة الحالة المادية لبعض المرضى .. أحدهم قال معلقا ً ( أي شو عليه اللي مامعو يروح يموت أحسن) ؟ ترى من يسيطر على نقابة الأطباء ومديرية الصحة .. ؟.. ترى ماذا فعلت اللجنة التي قامت بتفقد المشفى ..؟!! هل اكتفت بالبحث في كيفية مراقبة الدوام ولكن المشفى وجد لمعالجة المرضى فهل نبهت اللجنة إلى هذه الناحية عل تفقدت غرف المشفى وتجهيزاتها المتهالكة والمتداعية والعاطلة عن العمل .. هل تفقدت الصيدلية والأجهزة .. اعتقد أنهم جعلوها جاهزة ريثما تغادر .. التفتيش يجب أن يتم فجائيا ً أيها السادة ودون أن يبلغ أحدا ً عن موعد التفتيش سراً أو علنا ً .
لاننكر أن المجتمع يتحمل جزءا ً لابأس به من المسؤولية بسبب عدم تعاونه مع المسؤولين ووضعهم في الصورة وعدم رفع الصوت بوجه المنحرفين كائنا ً من كانوا وخاصة من يشيعون عن أنفسهم بأنهم مدعومين لأن الشرفاء لا يحتاجون إلى الدعم ويخجلون من إعلان ذلك أو إشاعته بين الأوساط المختلفة .
هذا المشفى ليس لهؤلاء ..وعلى المواطن أن يعي أنه شريك في بنائه وتكاليفه ونفقاته لأنه يدفع ذلك من جيبه الخاص على شكل ضرائب ورسوم مختلفة لذا فهو مسؤول وشريك بالمسؤولية عما يصيبه .. المواطن شريك لأنه لا يلتزم بالنظام ولأنه يسكت عن الانحراف بنفس نسبة تراخي وإهمال المسؤولين . المشفى لنا وليس للمتاجرين بصحة وآلام الناس .
ما هكذا تترجم توجيهات السيد الرئيس .. التوجيهات لاتترجم بكتب وتعاميم ولكنها تترجم بشكل عملي ..ميداني .. وكل من يتهرب أو يخالف أو ينحرف هو بالمعنى الصحيح يتقصد تفشيل هذه التوجيهات وكأني بهم يقولون نحن الأقوى .. فهل هم الأقوى حقا ً ..؟ !! هذا ما نريد أن نعرفه وعليهم أن يتحملوا نتائج جشعهم وغياب ضمائرهم ونفاقهم وخداعهم . . ومن يرفع منهم الشعارات يجب أن يعاقب لأنه يرفعها ليمارس تحتها كل الموبقات وتخريب الوطن ..نعم تخريب الوطن .. هذه هي الحقيقة ومن لا يعجبه الأمر عليه أن يصمت ولايزاود علينا أمام الواقع الذي يدينهم ويدين كل من لا يعالج وبقسوة .. هي مرحلة التدني البشع عندما يتحول الطبيب إلى تاجر يضع أرواح الناس بميزان الربح والربح فقط ولو بأية وسيلة مخالفة لأبسط قواعد القوانين ومباديء الأخلاق . . ولسنا على استعداد لدفع ضرائب يسرقها ويهدرها الفساد .. المواطنون شركاء ويملك كل واحد منهم حصة سهمية في كل مشروع ومنشأة ومؤسسة ومصنع في هذا البلد وعليه وعلى أبنائه يقع عبء الدفاع عن الوطن أما الفاسدين ففي لحظات الخطر يختبئون كالفئران .
بقي على السيد محافظ طرطوس أن يهتم بالأمر ويدقق في واقع الحال ويقوم بزيارات مفاجئة على المشافي الحكومية خاصة وأنه في الأصل طبيب .. وبعدها سيكون لكل حادث حديث لأن الواقع معيب في مقاييس القرن الحادي والعشرين .
دولة طرطوس المستقلة ( الصحة والطب ) .
خليل صارم
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية