أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دعا إلى الإسلام البروتستاني... عميل عتيق لنظام الأسد يخترق أبرز القوائم الفرنسية في الانتخابات الأوروبية

اعتبر فرنسا "الأم الحنون" وطالبها بحماية مسيحيي سوريا - طحان - زمان الوصل

فيما تشارف أكبر انتخابات عابرة للحدود حول العالم (الانتخابات الأوربية) على إسدال ستارتها الأحد، وفيما ينشغل ملايين الناس بالمشاركة فيها وأضعافهم بمتابعتها، تنتشر بين الناخبين الفرنسيين قائمة صادرة عن ما يسمى "اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين" المعروف اختصارا بـ"UDMF"، ويروج بعض مسلمي فرنسا لها بوصفها ستنقل صوتهم إلى الفضاء الأوروبي، بعد أن توحد "مرشحوهم" في قائمة واحدة تضم 79 اسما.

وقد كان لهذه القائمة أن تبقى شأنا فرنسيا داخليا، أو حتى أوروبيا، لو لم تتضمن فضيحة من العيار الثقيل، بطلها شبيح عتيق جدا من شبيحة نظام الأسد، لم يتمترس فقط خلف "أكاديميته" لتلميع النظام وتشريعه، بل إنه كان وما زال يدلس ويكذب بشان هويته الدينية مدعيا أن داعية "الإسلام البروتستاني" فيما هو من دين آخر تماما، كما ستكشف "زمان الوصل" من خلال هذا التقرير.

*منذ 1974
الشبيح المقصود بكلامنا، هو "بسام الطحان" الذي وُضع اسمه ثالثا في القائمة، بوصفه "وجيها" معروفا، وأكاديميا فرنسيا من أصول سورية، مارس ومازال التدريس في عدة مدارس وجامعات ومعاهد فرنسية، وتخصص في "الجيوبولتيك" وغدا ضيفا مفضلا لعدد من الفضائيات والمواقع (سنتحدث عنها لاحقا).

ورغم شهرة "طحان"، فإن فئة عريضة من الفرنسيين لا يعرفون متى ولد طحان وأحيانا يخلطون في معرفة دينه، فالرجل موصوف في أوساط المثقفين بأنه "مفكر إسلامي"، بل إنه يصف نفسه بأنه داعية "الإسلام البروتستاني" مدعيا حرصه على "إصلاح الإسلام"، بينما هو في الحقيقة يتحدر من عائلة مسيحية من حلب، وقد ولد حسب معلوماتنا الأكيدة عام 1949، لأب يدعى عارف كان مقربا جدا من "الديغوليين" (أتباع وأنصار الرئيس الفرنسي شارل ديغول)، وأم تدعى ماري.

هذه التناقضات في سيرة الرجل ليست سوى مختصر بسيط يحتاج إلى تفاصيل، تتبعتها "زمان الوصل" بدقة وحرص بالغين، حيث تبين لها أن "طحان" ليس سوى عميل لمخابرات النظام، بدأت عمالته وما زالت مستمرة منذ أن سلمه حافظ الأسد عام 1974 رئاسة فرع اتحاد الطلبة في فرنسا.. ومعروف لجميع من احتك بالاتحاد وبفروعه في الخارج ماذا يعني أن تكون مسؤولا في هذه المنظمة، وما هي حقيقة مهماتك.. فكيف إن كان هذا الفرع موجودا في أهم الدول بالنسبة لنظام الأسد.

وإذا كان "نشاط" طحان قد تم في سبعينات القرن الماضي وما تلاها تحت ستار من التكتم، بسبب طبيعة مهمته وافتقار العالم لوسائل التواصل السريعة، فإن السنوات الأخيرة وما حملته من تطورات، فرضت على "طحان" أن يجاهر بكل أفكاره ونشاطاته وأن ينشرها على الملأ، لاسيما أن مهمته الراهنة تتعلق بسقوط أو بقاء نظام، دافع عنه بشراسة متناهية، وقال ذات مرة إنه نظام لم ولن يسقط!

نشاط "طحان" في التشبيح للنظام، لم يقتصر على دوره في الظهور في كل محفل جماهيري (ندوة، ملتقى، مقابلة مسموعة أو مرئية أو مكتوبة...)، بل تعداه إلى فعاليات فاقعة للغاية، منها مبادرته وعدد من الشبيحة عام 2014 لتحدي قرار السلطات الفرنسية القاضي عدم السماح لتنظيم أي مشاركة بـ"انتخابات الأسد" حينها، ومع ذلك فقد نظم "طحان" وقتها ما سماها "انتخابات رمزية" رفعت فيها صور بشار، وتم الحديث خلالها عن "حق السوريين في انتخاب بشار" بديمقراطية، استنادا إلى ديمقراطية فرنسا نفسها، بل إن "طحان" صرح يومها وبالفم الملآن: "الحكومة الفرنسية خسرت على أرضها معركتها ضد سوريا، وخسرت معركة الديمقراطية التي ربحتها سوريا بالسوريين المتمسكين بحقهم الدستوري".

*من يحميه ويسوق له؟
وبنفس الروح التي كان يقود بها نشاطه المخابراتي القديم عبر "اتحاد الطلبة"، نجح "طحان" بمشاركة مجموعة من شبيحة السفارة وموفدي النظام الأمنيين من رجال ونساء (منهم: عمران الخطيب، مريم كاسوحة وعلي إسماعيل).. نجحوا في اختطاف وتعليب نشاط السوريين المقيمين واللاجئين في فرنسا، مشكلين وبأوامر أسدية صرفة ما يعرف باسم "تجمع المغتربين من أجل سوريا"، الذي كوفئ "طحان" بتنصيبه ناطقا رسميا باسمه.

ولم تكن هذه المكافأة الوحيدة لرجل يبذل كل وقته وجهده لأجل تقديم الأسد بصفة الزعيم الشرعي والمحارب الأول للإرهاب، فقد تزامنت معها مكافآت أخرى، من أوضحها حجز آلاف الدقائق له على وسائل إعلام روسية (روسيا اليوم، سبوتنيك) وإيرانية (راديو طهران) وتابعة للنظام، من أجل أن يقبض ثمن تشبيحه ظهورا وتلميعا وشيكات "بدل أتعاب" تضاف إلى رصيده المالي.

وإذا كان المقيمون السوريون في فرنسا عموما، وباريس خصوصا يعرفون جزءا من سيرة "طحان"، فإن المخابرات الفرنسية تعرف بلا شك معظم سيرة الرجل، لاسيما أن كثيرا من مواقفه موثقة بالصوت والصورة، ومع ذلك فإن "طحان" كان وما زال ضيفا مزمنا على "فرانس 24" العربية منذ إنشائها، حتى ليخيل لبعض من يتابع القناة أنه أحد أركانها الذين يستحيل الاستغناء عنهم.

قد يبدو هذا غريبا ومثيرا للأسئلة حول علاقات الرجل بأكثر من جهاز مخابراتي، ولكن اللافت أكثر أن الاستعانة بـ"طحان" في الملف السوري، وصلت إلى حد تنصيبه ناطقا باسم "المسيحيين في سوريا"، حيث دعي من بين جميع الفرنسيين ذوي الأصول السورية (من المسيحيين طبعا) ليدلي بشهادته في جلسة استماع خاصة بعنوان "مسيحيو المشرق في خطر"، نظمها البرلمان الفرنسي في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2013.

في هذه الجلسة انتصب "طحان" موجها رسالة صريحة لا تحتمل أي لبس أو تأويل قائلا بالفرنسية: "المسيحيون (في سوريا) ينادون فرنسا رغم كل شيء، أمنا الحنون (كررها بالعربي أيضا الأم الحنون).. لماذا، لأنها في عام 1860 تدخلت لحماية وإنقاذ المسيحيين في دمشق".

*عدو "الإسلام الأرثوذكسي"
ولم تكن هذه الإشارة الوحيدة إلى توجه "طحان" ومن يدعمونه لمصادرة "مسيحيي سوريا"، فقد عززها الرجل بتنصيب نفسه حاميا ومدافعا عن "مسيحيي حلب" عبر جمعية "SOS aux chrétiens d'Alep"، جل مساعي وتصريحات "طحان" من منبرها هدفها تجريم "المسلمين المتطرفين" وتبرئة ساحة النظام من أي انتهاك يقع على المسيحيين.

فهل انتهت رحلة التزييف عند هذا الحد.. لا، فما زال في جعبة "طحان" المزيد، فلدى هذا الرجل الذي خلط المخابراتية بالطائفية بالأكاديمية بالتشبيح ما يذهل، ومنها تقديم نفسه بوصفه داعية إلى "الإسلام البروتستاني" وضرورة مراجعة القرآن وفتح تفاسيره على مصراعيها ليخوض فيها كل من يريد.

بل إن "طحان" الذي يقال إنه من أتباع المسيحية الأرثوذكسية، ينتقد ويهاجم بضراوة ما يسميه "الإسلام الأرثوذكسي"، أي الإسلام المتمسك بأصوله والمعتمد على كبار العلماء مثل "الشافعي" و"ابن حنبل" اللذين يصوب "طحان" إليهما سهامه، كلما سنحت له فرصة.
ويخيل لمن يتابع تصريحات "طحان" في هذا الباب أنه بالفعل "مسلم" غيور، لكثرة حديثه عن ضرورة "إصلاح الإسلام" والمزاعم التي يسوقها في صورة حقائق، كما ظهر ذلك في مقابلة مطولة مع دورية ناطقة في المغرب عام 2006 (للمفارقة هناك مركز صهيوني ترجم المقابلة وقدمها على أنها رأي يتبناه مثقف مسلم!).

في مقابلته تكل دعا "طحان" إلى فصل السنة عن القرآن، واتهم الإمام الشافعي بتضخيم السنة وجعلها في مرتبة مساوية للقرآن، زاعما في نفس الوقت وجود عدة نسخ غير متطابقة للقرآن تم إعدامها وشطبها جميعا لصالح نسخة واحدة، متسائلا: لماذا يقبل المسيحيون واليهود بوجود روايات متعددة لكتبهم المقدسة ولا يقبل المسلمون بذلك فيما يخص القرآن.

وعلى نفس نهج المستشرقين وتلاميذهم، شكك "طحان" في عدد من الحدود والمحرمات لعدم وجود نص صريح للغاية بشأنها في القرآن، واقتصار الإشارة الواضحة إليها على السنة النبوية.

وفي نفس الوقت الذي كان "طحان" يشحذ سكاكين أكاديميته لطعن الثورة في سوريا، وطعن الإسلام.. مستفيدا ممن يذللون له الطريق للظهور والحديث، في نفس هذا الوقت نجد الرجل متصالحا وأريحيا إلى حد بعيد مع دولة الاحتلال العبري، التي يراها "فرصة متاحة أمام العرب"، قائلا إن "العرب يحتاجون إسرائيل كما تحتاج إسرائيل العرب"، وهذا موقف وثقه "طحان" بالصوت والصورة، كما وثق من قبله وبعده مواقف لا تحصى في الدفاع عن "نظام المقاومة" الأسدي.

*جريمة في سجله
هل انتهت رحلة التناقضات والأكاذيب... أيضا لا، فالرجل الذي تحدى قانون البلاد التي منحته جنسيتها (فرنسا) وهبّ لتنظيم "انتخابات رمزية" لبشار، هو نفس الرجل الذي يعرف بعض أقرب المقربين منه عزوفه عن العودة إلى سوريا وإلى حضن نظامه ورئيسه الشرعي، وربط هذه الخطوة حصرا بتوليته "رئاسة سوريا"، كما كان يجيب أحد أصدقائه عندما يسأله: متى ستعود؟.. ولا ندري إن كان "طحان" قد سأل نفسه ولو مرة كيف سيتسنى له تسنم المنصب الذي يطمح إليه، مادامت سوريا مزرعة مملوكة حصريا لآل الأسد، الذين يدافع عنهم ويحارب لأجل تثبيتهم.

وختاما، يبدو أن أقرب المقربين من "طحان" ما زال مخدوعا بهذه الرواية (رواية ربط العودة بتنصيبه رئيسا لسوريا)، لأن الأرشيف الجنائي يبوح بجرم ما زال في صحيفة "طحان" أصدرته في البداية الثانية الجزائية بحلب بتاريخ 23/11/1982، ويقضي بـ"الحبس لمدة 3 سنوات وتغريمه 92793.3 ليرة سورية وتضمينه رسوم 15 ليرة سورية بجرم ترك العمل"... ويبدو أن العمل المقصود هو تدريس اللغة الفرنسية في مدارس حلب، والذي وجد لاحقا أن هناك "عملا" وأعمالا "أجزى" منه عندما مدت أجهزة الأسد له يدها.

 مشاركته لدعم بشار الأسد بمظاهرات في باريس 


 شهادة "طحان" في البرلمان الفرنسية ودعوته فرنسا لحماية المسيحيين

إيثار عبدالحق - زمان الوصل
(230)    هل أعجبتك المقالة (218)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي