أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عفواً سامي الخيمي..ثمة غالب ومغلوب... عدنان عبدالرزاق*

من أنتم يا دكتور سامي، لتنوبوا عن أولياء الدم وأصحاب الحقوق، بل وكل السوريين..؟

غداً، 29 مايو/ أيار الجاري، ثمة اجتماع بدعم ألماني وتمويل فلندي تحتضنه العاصمة السويسرية "جينيف" بين سوريين وأطراف أوروبية غير حكومية، أو هكذا يبدو، سيجري بشكل سري، أو بصيغة أكثر دقة غير معلن للسوريين، ربما لأنهم، آخر من يهمه الأمر.

والاجتماع تتمة لسلسة سبقته، من لقاءات واجتماعات، ربما كان أشهرها، أو أكثرها علانية، ما قيل إنه وثيقة من 11 بنداً بين "العلويين والسنة" ببرلين العام الفائت، والتسمية، لاشك، مرفوضة من قبلنا، رغم شكنا أن الاجتماعات تتعدى هكذا مطب.. بل وربما تهدف لما هو أبعد وأخطر، قلنا ربما.

ومما جاء بوثيقة برلين تلك، تحت ما سميّ بمدونة سلوك لعيش سوري مشترك، كان وحدة الأراضي السورية، المكاشفة والاعتراف، لا غالب ولا مغلوب، لا أحد بريء من الذنب على أساس الاعتراف المتبادل بين الصراع أن لا أحد بريء من الارتكاب كلٌّ حسب دوره.
 
وهذا برأينا، فيه "جريمتان اثنتان" الأولى المساواة بين الضحية والجلاد، واعتبار ما يجري بسوريا هو صراع، دونما الوقوف والتوقف على سبب هذا "الصراع" ومن قاده إلى هاهنا.

وأما ما نراها "الجريمة" الثانية، فهي الابتعاد كلياً عن بشار الأسد ونظامه، ولو حتى ذكراً، وكأن ثمة أقدار، كزلزال أو عاصفة، حلت بسوريا بآذار 2011، فنتج عنها نزوح وتهجير نصف السكان وقتل وإعاقة نيف ومليون، بل والرمي بسوريا بأحضان محتلين، لن تعرف الخلاص من حقدهم وأطماعهم، ربما لعقود.

ولأن وثيقة برلين باتت من الماضي، رغم ارتباطها، بشكل أو بآخر، باجتماع جينيف غداً، لن نغرق، حتى ببنودها الإنسانية المتعلقة بـالمعتقلين والأسرى والمفقودين، ببساطة وكما أسلفنا، لأنها تتجاهل الجاني وسبب ومسبب ما آلت إليه سوريتنا، وهنا لا نبرئ "الآخر" من جرائمه ودوره بكل ما حصل، لكننا نحسن التفريق بين الفعل وردة الفعل كما نؤثر التمييز بين سلوك الدولة حينما تتحول إلى عصابة، وبين ما سهلت لهم هذه العصابة وعصابات بدول مجاورة وبعيدة، لإساءة تمثيل السوريين والمساهمة بسرقة ثورتهم وحلمهم بدولة ديمقراطية.
وأتينا بالعنوان على الدكتور سامي الخيمي، لأنه صاحب الفكرة الأولى ربما، منذ فكرة الألف مندوب لاختيار 50 أو 40 حكيما وحكيمة كآباء وأمهات مؤسسات ومؤسسين للوطن، ونقر بما لاقاه من "تشبيح" من العميد بهجت سليمان وقتذاك، مبدين إعجابنا بالقصة التي سردها الخيمي برده المختصر "ابني أنا أستاذ ودكتور وبيك… وأحسن من أبوك".

ونعي ونقدر ما يقوله السيد الخيمي عن منعه لزيارة دمشق، وأنه يتنفس هواءها عبر لبنان، غير البعيدة بهواها عن الأسد، والأهم، أن إشارتنا اليوم، ليست شخصية، ببساطة لأن الشخصنة قتالة للهدف والمصير.

بيد أن تصدّر السيد الخيمي وتبنيه لـ"مشروع الحل" يسمح لنا، من منطلق إعلامي على الأقل، خطابه بصيغة الكل، أي فريق الحوار المتجانس من الداخل والخارج، الذي سيبحث عن حل ينتشل سوريا والسوريين.

ويمكن اختصار خطة الخيمي، بحسب تصريح له بأنها "عملية تغيير بنوية داخل المجتمع السوري، تسعى لدفع المجتمع من أجل قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا بعيدا عن نظم المحاصصات، ووضع عقد اجتماعي ودستور جديدين يعالجان آثار الصراع المسلح في سوريا".

وبشرح مقتضب، يقول الخيمي مدافعاً عن خطته بما معناه "لو أن مركباً معطلاً بالبحر، هل ننتظر ريثما يغرق، أم نبحث عن مكان العطل ونصلحه، فقد يكون العطل بالمحرك أو ببرغي".

وأما إن لم نتوقف عند هذا المثال الشهي والمضلل، فيكفينا القول -مرة أخرى- لم يتوقف المركب مصادفة أو جراء ظاهرة طبيعية يا دكتور، بل، ولعلك الأعلم، أن ثمة مخربين وسراق وفاسدين، لم يبقوا من المركب إلا هيكله، بعد أن حولوه لمزرعة ومن عليه لرعايا.

ولأن الخيمي توصل لفكرته "الحكماء" أو مشروعه لحل مشكلة السفينة، بسبب الاستعصاء القائم في الملف السوري، وشعوره بأن المعارضة والنظام يسعيان لكسب الوقت، ولا يسعيان لحل المشكلة السورية، سنسأله بعض الأسئلة والتي -راجين- أن تلقى عنده رحابة صدر وعدم التشكيك.

أول تلك الأسئلة، من أنتم يا دكتور سامي، لتنوبوا عن أولياء الدم وأصحاب الحقوق، بل وكل السوريين، أليس من الديمقراطية على الأقل، إن لم نقل أنكم منتخبون، أن يتم إعلان الفريق "أسماء ومهام ومواقع" ؟!

أليس -تساؤل آخر- من حق السوريين أن تخرج على الإعلام وتعلن عن الخطة ومنطلقاتها وأهدافها؟!

ربما يأتي رد الدكتور الخيمي على السؤالين السابقين، هاتوا لي اسماً واحداً عليه توافق وليس اتفاق، من السوريين، لنعلن لكم من نحن وماذا نريد.

سنقبل إجابة الخيمي ونسأل من جديد، ما هو موقع "ألمانيا وفلندا وسويسرا" بالحالة السورية اليوم، وهل هذه المنظمات، أو الأشخاص، سيقومون بما عجزت عنه الدول الغارقة بالدم والأرض السورية؟!

سيرد الدكتور، أو ربما يرد، لأن تلك الدول الكبرى والمحتلة لن تجنح لأي حل، توجهنا للأشخاص، ويضيف، أو ربما يضيف، نحن نسعى لمواجهة الدعاية المغلوطة عن السوريين، كما نسعى لحل المشاكل التي يعانيها أهلنا، من موافقات أمنية حتى خلال الترخيص لمطعم فلافل.

سنقول للدكتور المحترم ونحن بكامل هدوئنا، وهل مشكلة السوريين اليوم هي الموافقات الأمنية، بعد قتل وتهجير نصف السوريين وبيع ورهن ممتلكاتهم ومصيرهم للمحتلين، كما يا دكتور، أي شرح ستقدمه للمجتمع الأوروبي، بعد أن شاهد العالم بأسره، نيف و1400 سوري قتلوا بمجزرة كيماوية بغوطة دمشق منذ سنوات، أي أثر لتفشي الأمن ستحدثه نظرياتك يا دكتور، بعد عرض صور لـ11 ألف قتيل تحت التعذيب وفي "قبلة الديمقراطية" بالعالم.

طبعاً إن لم نأت لحضرتك عن توقيت مساعيكم، بفترة، النظام بأمس الحاجة لإخراجه مما ينتظره، سواء جراء الحصار أو تفتت حلقته الأولى بين ناري الفرس والروس، أو، وربما هو الأهم، اقتراب توقيع الرئيس الأمريكي على قانون سيزر، وقرب فتح "بازار الأسد" على سينارويوهات عدة.

وسنختصر أسئلتنا الكثيرة يا دكتور خيمي ونرمي بآخرها، ونحن -كسوريين- وأنت نعلم، أن عام 2020 كحد أقصى، سيعيد رسم ملامح مستقبل سوريا، وما تقومون به، أي الخروج عن كتل الدول الداخلة بالأزمة وتكتلات وصفوف المعارضة، فضلاً عن أنه شق وإقصاء، يمكن أن يؤسس لكارثة إعادة إنتاج نظام الأسد، وإن برتوش وملامح جديدة، غير متناسين ما أفاده "برجوازيو دمشق" للأسد الأب، بعد أحداث الإخوان المسلمين ومجازر حماة وحلب وجسر الشغور، من إعادة النظام بأكثر تسلطاً ووحشية.

نهاية القول: إن لم نأت -رغم الأهمية- على بعض أعضاء فريق الدكتور الخيمي، القادمين من دمشق بمهمات رسمية، كالسيد المستشار نبيل سكر وغيره، على اعتبار-من منظور الخيمي طبعاً- أن أزلام النظام أيضاً سوريون ولا بد من تمثيلهم بالحل، ولم نقف ثانية ومطولاً حول إنابتكم القسرية أو الالتفافية للسوريين وأولياء الدم، سنقول وبمنتهى الإيجاز.

لن يكون هناك أي حل للمقتلة السورية، إلا بقطع التاريخ والذاكرة عن 50 سنة من الإجرام وتفتيت المجتمع ومحاولات إذلاله، فالأسد يا دكتور خيمي هو صفر سوريا والتي لن، بل ولا يمكن أن تبدأ العد التصاعدي، ويرى أهلها، كل أهلها الخير، لطالما هو على كرسي أبيه...فدعكم، وهذا ليس تشنجاَ أو خيالاً أو حتى حباُ بسفك الدم، من الآلات المعطلة وملهاة الموافقات الأمنية وأشيروا لرأس الأفعى، فالسوريون قاموا على نظام وراثي مستبد، ليعشوا، أو أولادهم، بدولة مواطنة تتسع الجميع، ولن يقوموا، وخاصة بعد ثماني سنوات من التضحية والوجع، ليعيدوا الحياة لسفينة قراصنة أو يشغلوا آلة إبادتهم من جديد.

*من كتاب "زمان الوصل"
(361)    هل أعجبتك المقالة (332)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي