أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"عندليب حمص".. من منشد للثورة السورية إلى لاجئ مقعد يحلم بالعلاج في اليونان

المحمد - زمان الوصل

من مدينة حمص إلى مخيم منسي على الحدود اليونانية الألبانية، رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر والأوجاع والألم قضاها الشاب "محمد المحمد" مغالباً فيها أوجاعه وإصاباته التي أصيب بها داخل حمص المحاصرة وخارجها قبل سنوات وجعلته مقعداً على كرسي متحرك.


مع بداية الثورة كان "المحمد" الذي يلقبه الناشطون بـ"عندليب حمص" طالباً في معهد الإلكترون في حمص، وترك الدراسة ليلتحق بالمظاهرات التي دأب شبان الأحياء الثائرة في حمص على إقامتها عقب كل صلاة جمعة، وكان يصعد على أكتاف المتظاهرين ليهتف بشعارات الحرية والكرامة، وينشد الأغاني الخاصة للثورة كل مساء، وبتاريخ 10/ 3/2012 أصيب بطلق ناري في قدمه في حيه "كرم الزيتون" أثناء الحملة العسكرية على الحي -كما يروي لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أنه خرج بعدها إلى ريف حماة حيث أُصيب بشظية صاروخ أطلقه الطيران الروسي وانتقل لاحقاً إلى ريف حلب المحرر، حيث كان على موعد مع القدر ليصاب في صيف العام 2016 جراء لغم أرضي.


في العشرين من تشرين الثاني نوفمبر/ 2016 قرر الشاب المصاب زيارة أهله في تركيا، ولم يكن له من خيار إلا العبور عن طريق التهريب من سوريا إلى تركيا وعند اقترابه من الحدود -كما يقول- أصيب بطلق ناري من الجندرمة تسبب له بشلل سفلي وعدم قدرة على المشي.


ويمضي أبو عدي سارداً جوانب من معاناته، حيث بقي في أحد المشافي التركية لفترة قبل أن يتم تحويله إلى مركز للعلاج الفيزيائي ليتابع علاجه، ولكنه –حسب قوله- لم يستفد شيئاً، لأن الضرر في النخاع الشوكي كان كبيراً، مما اضطره للمكوث في المنزل، وبعد سنة ونصف من الإصابة استاءت أوضاعه الصحية والمعيشية فقرر الخروج من تركيا وعبور البحر إلى اليونان ومن بعدها إلى ألمانيا للخضوع لعمل جراحي لعله يستعيد القدرة على المشي ولكن الرياح جرت بما لم تشته السفن.


ويروي "المحمد" أن رحلته المحفوفة بالأهوال والمخاطر بدأت من مدينة "أزمير"، وكان يضطر في طريق الوصول إليها لأن ينام مع عائلته في الغابات والأماكن الخالية ليوم أو يومين، وفي أول محاولة للتوجه إلى نقطة الصعود بالبحر تم وضعه مع كرسيه المتحرك في شاحنة تم تكديس 80 مهاجراً فيها وألقت الجندرمة التركية القبض عليهم في مدينة "أزمير".


وتكررت محاولات اللجوء لأكثر من خمس مرات إلى أن وصل إلى اليونان بتاريخ 5/6/ 2018، وفوجئ -كما يقول- بسوء المعاملة ومدة الانتظار الطويلة التي تصل إلى الثلاث سنوات للحصول على الاقامة اليونانية وجواز السفر.


وأكد محدثنا أنه تعرض فور دخوله اليونان للتحقيق من الشرطة اليونانية التي اتهمته بالانتساب لتنظيم "الدولة" بعد أن رأت علم الثورة على معصمه قبل أن يتم وضعه في جزيرة (موريا متليني).


وأردف "المحمد" أنه أمضى 9 أيام في العراء دون خيمة، لأن الجزيرة كانت مزدحمة بآلاف اللاجئين إلى أن تمكن من الحصول على نصف خيمة مع عائلته المؤلفة من 6 أشخاص فيما سكنت في نصف الخيمة الآخر عائلة مؤلفة من 4 أشخاص، ولم يكن يفصل بين العائلتين سوى بطانية، وبقي محدثنا على هذا الحال لمدة 3 أشهر ونصف ليتم نقلهم بعدها إلى مخيم ag.eleni للاجئين في مدينة "إيوانيننا" على الحدود اليونانية الألبانية وهو عبارة عن كامب من الباطون يحوي غرفاً صغيرة لسكن اللاجئين، حيث اضطر لأن يسكن مع أهله في غرفة واحدة ومنافع مشتركة مع عشرات اللاجئين، وكشف الشاب المصاب أن الأمور قبل أن يصل إلى اليونان كانت أفضل بالنسبة للاهتمام باللاجئين، حيث كان موظفو الامم المتحدة كلهم من أوروبا، ولكن عندما استلمت منظمة "انترسوس ـintersos" جميع البيوت والمخيمات قبل ثلاث سنوات استاءت الأوضاع ولم يعد هناك أي اهتمام باللاجئين من موظفيها. مشيراً إلى أن سلطات المخيم اعتادت على إعطائهم مواعيد طويلة لدراسة ملفات لجوئهم دون أدنى اعتبار لأوضاع بعضهم الصحية وهو واحد منهم، مضيفاً أن إصابة النخاع الشوكي بحاجة لزرع خلايا جذعية في مكان الإصابة أو المعالجة بالنبضات الكهربائية وطرق العلاج هذه ليست موجودة إلا في ألمانيا.


وكان يظن –كما يقول- أن فترة إقامته لن تستمر أكثر من شهر ليكمل رحلته إلى أوروبا، ولكن مضى عليه سنة في اليونان دون علاج أو اهتمام صحي ولا زال أمامه سنتان للحصول على الإقامة.


ووصف محدثنا الحياة داخل المخيم الذي يعيش فيه بـ"السجن الكبير" فهو بعيد عن المدينة أو المشافي ومسيج بالحديد ويقف على بوابته عناصر أمن يطلبون إظهار بطاقة الخيم أثناء الخروج والدخول، وختم المنشد الشاب: "كل ما أريده وأحلم به هو العودة للمشي مجددا وهذا الشيئ مستحيل هنا في اليونان".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(220)    هل أعجبتك المقالة (213)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي